بيروت – الحياة
احتفلت الطوائف المسيحية في لبنان، بعيد الميلاد، وأقيمت القداديس في مختلف المناطق، والقيت العظات في الكنائس فركزت على معاني العيد وتمنت ان تعم المحبة والسلام العالم ويعيش لبنان الاستقرار فيسارع المسؤولون الى تشكيل الحكومة العتيدة ومساعدة الشعب حتى نتخطى الايام الصعبة التي يمر بها الوطن والعمل لأجل مصلحته.
وكان الاحتفال الابرز في بكركي حيث حضر الوضع الحكومي في خلوة جمعت البطريرك الماروني بشارة الراعي، ورئيس الجمهورية ميشال عون الذي أكد أن “عدم تشكيل الحكومة يعود الى معركة سياسية، وخلق تقاليد جديدة لم نكن نعرفها”.
ترأس البطريرك الراعي قداس الميلاد على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، بمشاركة الكاردينال نصرالله بطرس صفير والقائم بأعمال السفارة البابوية المونسنيور اينان سانتوس، في حضور الرئيس عون وعقيلته اللبنانية الاولى ناديا الشامي، ووزراء ونواب وفاعليات سياسية وعسكرية وديبلوماسية ونقابية وحشد من المواطنين.
وألقى الراعي عظة توجه فيها الى رئيس الجمهورية قائلا: “فخامة الرئيس، يسعدنا أن تكونوا على رأس المحتفلين في عيد الميلاد، ونسأل الله أن يبارك خطاكم ويزيدكم حكمة في قيادة الوطن الحبيب وسط ما يحيط به من صعوبات سياسية واقتصادية واجتماعية، وما يلحق به من نتائج الحروب والنزاعات الدائرة في المنطقة”.
واضاف: “نحن نشعر معكم بالغصة، إذ كنتم ترغبون أن تبهجوا الشعب اللبناني وتكملوا فرحة العيد بإهداء حكومة جديدة لوطن يطعن من الداخل، ولشعب يتآكله القلق واليأس وفقدان الثقة بحكامه. كما يسعدني أيضا أن أقدم أخلص التهاني والتمنيات بالأعياد لكل الحاضرين معنا، بل لجميع اللبنانيين مقيمين ومنتشرين. وإنا نصلي معا من أجل الاستقرار في وطننا بتأليف حكومة جديدة، والسلام في بلدان الشرق الأوسط، وعودة جميع النازحين واللاجئين إلى أوطانهم وبيوتهم، حفاظا على حقوقهم المدنية وثقافتهم الوطنية وتاريخهم”.
وتابع: “من الرعاة والمجوس انطلقت عادة تقديم الهدايا في عيد الميلاد. وكان شعبنا اللبناني ينتظر هدية العيد: حكومة جديدة بعد انتظار سبعة أشهر كاملة، تخرجه من قلق المعيشة والأزمة الاقتصادية المتسببة بتفكك العائلة والحياة الزوجية وتدني الأخلاق وسقوط معظم شبابنا ضحايا المخدرات ومروجيها المحميين. ونعرف أن هذه كانت رغبتكم، فخامة الرئيس، ورغبة المحبين حقا للبنان وشعبه ومؤسساته. فكان أن أصحاب القلوب الفارغة من الحب والمشاعر الإنسانية، والولاء للوطن والإخلاص للشعب، خنقوا فرحة العيد وهذه الرغبة في القلوب. فكانت أول من أمس ردة فعل الشعب المحقة التي انطلقت بمظاهرات كعلامة غضب ورفض للسياسة اللامسؤولة والمهترئة بالأنانية والفساد والمكاسب غير المشروعة وبالجنوح نحو تعطيل مسيرة الدولة”.
وزاد: “دعوتم منذ يومين، فخامة الرئيس، إلى التمسك بالرجاء ورفض اليأس، فلا بد لهذه الظلمة من أن تنجلي ونحن نؤمن بذلك، ومع ذلك نعرف وجعكم واستياءكم أنتم الذين أعلنتم في خطاب القسم أن “الأهم، في مسؤوليتكم الأولى، إطمئنان اللبنانيين إلى بعضهم بعضا وإلى دولتهم بأن تكون الحامية لهم، والمؤمنة لحقوقهم وحاجاتهم، وأن يكون رئيس الجمهورية ضامن الأمان والاطمئنان”.
ولفت الراعي الى أن “الأنسنة الجديدة لا تتعايش مع الكبرياء والتسلط والحقد والانانية والبغض والظلم والتعذيب وفساد القلب وموت الضمي”.
وقال: “إذا عاد الإنسان إلى إنسانيته، دخلت الأنسنة السياسة فيتوقف السياسيون عن ابتزاز مؤسسات الدولة وسلب مالها العام وهدره، وعن قهر المواطنين وحرمانهم حقوقهم، ويجعلون الدستور وحده قاعدة الحكم. ودخلت اقتصاد فلا يتحول سوء استعماله لاستغلال الإنسان ورفع شأن المادة على حساب كرامته وحقوقه، ولجعل الأغنياء أكثر غنى والفقراء أكثر فقرا. وإذا عاد الإنسان إلى إنسانيته دخلت الأنسنة الوزارات والإدارات العامة فترتدع عن السرقة والرشوة والهدر، وتتحرر من الفساد والمفسدين وطغيان السياسيين والمذهبيين. ودخلت القضاء فيحكم بالعدل والانصاف متحررا من الإغراءات المالية والتدخلات السياسية والحزبية. ودخلت الأنسنة الإعلام ومختلف وسائل التواصل، فتكف عن بث سم الكذب والمأجورية وانتهاك الكرامات والافتراء وتوجيه الإساءات. ودخلت المجتمع فينبذ الخلافات والنزاعات وانحطاط القيم، ويعزز جو الألفة والتضامن والترابط”.
خلوة… ووسام وأيقونة
وكان عون وصل الى بكركي التاسعة والنصف صباحا، وخلال التقاط الصور التذكارية بادره الراعي بالقول: “اللبنانيون كانوا ينتظرون ان تكون العيدية حكومة” فأجابه عون: “عدم التشكيل سببه معركة سياسية ويبدو ان هناك تغييرا في التقاليد والأعراف”. ثم عقدت خلوة بين عون والراعي في المكتب الخاص للأخير، استمرت قرابة النصف ساعة، وقبيل توجهه للمشاركة في قداس الميلاد قال عون للاعلاميين في كلمة مقتضبة: “نعيش أزمة تأليف الحكومة، صلّوا لكي تحل الصعوبات. يبدو أن البعض يخلق تقاليد جديدة في تأليف الحكومة لم نألفها سابقا ونحتاج لبعض الوقت لإيجاد الحلول لها”.
وأفادت مصادر مطلعة على خلوة عون – الراعي أن رئيس الجمهورية وضع البطريرك في أجواء الصعوبات التي تواجه التأليف ولا سيما بعد قضية توزير أحد النواب السنة الستة “اللقاء التشاوري”.
وفي ختام القداس، قدم الراعي لعون وسام مار مارون، وهو الوسام الأرفع في الكنيسة المارونية، تقديرا لعطاءاته. كذلك منحه واللبنانية الأولى، الأيقونة للعائلة المقدسة، لمناسبة اليوبيل الذهبي لزواجهما. بعد ذلك توجه عون والراعي إلى صالون الصرح لتقبل التهاني بالعيد.
عودة: لبنان يضيع وهم يتناتشون الحصص
وفي كاتدرائية القديس جاورجيوس في وسط بيروت. ترأس متربوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة قداس الميلاد
والقى عظة إعتبر فيها أن “الكل يلهث وراء مصلحته والبلد يتخبط والمواطن يئنّ”، مشيرا الى “اننا نعطّل البلد وحياة المواطنين اشهرًا من اجل المصلحة الخاصة ولا احد يهتم بمصلحة الوطن والمواطنين”.
واذ لفت عودة الى ان “آخر البدع حكومة الوحدة الوطنية التي هي صورة مصغرة عن المجلس النيابي فكيف ستعمل ومن سيحاسبها؟”، شدد على “اننا نكرر اقتراحنا بتشكيل حكومة مصغرة تصم اختصاصيين”. ورأى أن “لبنان يكاد يضيع وهم يتناتشون الحصص فبئس السياسة اذا كانت باباً للاستنفاع والوصول على جثة الوطن والمواطنين”.