يحيى دبوق – الأخبار
إسرائيل تُريد مِن مجلس الأمن أقصى ما يُمكن الحصول عليه لإضعاف حزب الله، وذلك في جلسة المداولات المتعلقة بالأنفاق المنسوبة إلى حزب الله، حيث تعرّض العدو أيضاً لما لا يروقه مِن الجيش اللبناني، بل وحتى «اليونيفيل». وفيما كان بنيامين نتنياهو يعرض «إنجازاته» إعلامياً، برز موقف مندوب الكويت في مجلس الأمن الذي استغرب عدم عقد جلسات طارئة في المجلس بشأن الخروق الإسرائيلية للسيادة اللبنانية
تعمل إسرائيل على إبقاء قضية الأنفاق، المنسوبة إلى حزب الله، حيّة لدى الإعلام العالمي بعد ملاحظة تراجع التغطية الدولية حوله. يأتي ذلك في موازاة «مداولات الأنفاق» في مجلس الأمن، التي جاءت مشبعة بالاتهامات والتهديدات، دون توقع الكثير منها.
رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، استبق أمس جلسة مجلس الأمن، وكجزء من الملف المحضر إسرائيلياً للتأثير في المداولات، لافتاً إلى خطر حزب الله على إسرائيل وعموم المنطقة، وكذلك التصويب على الجيش اللبناني الذي لا يتصدى للمقاومة، مع إشارته إلى ضرورة وسم حزب الله بالإرهابي وفرض عقوبات عليه، إضافة إلى تأكيد حق إسرائيل في المبادرة و«الدفاع عن النفس».
حديث نتنياهو ورد أمس في مناسبتين: الأولى خُصّصت للتحريض قبل جلسة مجلس الأمن، وذلك في مؤتمر صحافي خُصّص لمراسلي الإعلام الأجنبي وخلا من اللغة العبرية. أما الثانية، فكانت موجهة أولاً إلى الداخل الإسرائيلي، حيث راح يعرض «إنجازاته» في مواجهة تهديد حزب الله العسكري ومنع سرعة تعاظمه وتطويره.
في الجانب التحريضي الأول، قال نتنياهو للمراسلين: إن حفر «الأنفاق الإرهابية» لا يمكن اعتباره خطوة دفاعية، بل اعتداءً سافراً, مضيفاً أن كل الخطوات والأنشطة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي لا يمكن موازنتها ومعادلتها بما يرتكبه حزب الله من خرق للقرار 1701. يُعَدّ كلام نتنياهو هذا خطوة استباقية وقائية، وتعبيراً عن خشية من ضياع فرصة الأنفاق في مجلس الأمن دون تحقيق أقصى فائدة ممكنة، الأمر الذي يفسِّر العمل من قبله على الحؤول دون تبنّي عدد من أعضاء المجلس مقاربة تربط بين خرق إسرائيل للسيادة اللبنانية ومسألة الأنفاق. كذلك يُعدّ عمله هذا خطوة استباقية لأيّ تأويل قد يربط بين الأنفاق والوظيفة الدفاعية لها، وإن جاءت في تشكيل هجومي ظاهر، خاصة أن معركة السيطرة على الجليل، من ناحية عملية، مرتبطة بشنّ إسرائيل للحرب المقبلة التي تهدد ليلاً ونهاراً بها وبلا انقطاع، مع إعلانها مراراً أنها ستستهدف المدنيين والبنى التحتية في لبنان، ما يستأهل بذاته انعقاد مجلس الأمن للتداول. استغرب نتنياهو رفع جنود الجيش اللبناني سلاحهم في وجه إسرائيل، فيما عليهم العمل، كما قال، لمواجهة حزب الله. أوضح موقفه أكثر بقوله إن هذا الجيش اللبناني أخفق في الدفاع عن لبنان وحماية الأراضي اللبنانية، مستنكراً دعم الشعب اللبناني لحزب الله وتغطيته وعدم مبالاته إزاء نشاطاته العسكرية.
في عرض «إنجازاته»، قال نتنياهو في الكلمة الثانية التي ألقاها أمس، ضمن مؤتمر لصحيفة غلوبوس الاقتصادية في القدس المحتلة، إن إسرائيل تعمل على تجريد حزب الله من سلاح الأنفاق، وكذلك أسلحته المتطورة الدقيقة بوسائل مختلفة، مشدداً على أن حزب الله أغلق مصانع الصواريخ بالقرب من مطار بيروت الدولي بعد كشفها إسرائيلياً، وهو الآن (حزب الله) يبحث عن أماكن أخرى تكون محلاً للتصنيع!
في التسريبات، أعرب الإعلام العبري ومعلقوه، وكذلك أحاديث مصادر مطلعة على نقاشات ما وراء الكواليس، أن ترقب قرار حاسم يصدر عن مجلس الأمن، يلبي كل ما يرد من مطالب تل أبيب، هي مجرد تمنيات وجرعة أمل زائدة، لكن مع كل ذلك، يأملون في إسرائيل (صحيفة «إسرائيل اليوم») أن يصدر قرار يكون بداية طريق، وهم يدركون أيضاً أن المسألة تتعلق بعملية طويلة وصولاً إلى تحقيق تغيير في القرار 1701. كذلك أشاروا إلى أنهم الآن يكتفون باستخدام ضغط دولي على حكومة لبنان، على أمل تفعيل ضغط على حزب الله يؤدي إلى تأجيل نشاطاته العسكرية أو تغييرها.
هل يتحقق لإسرائيل ذلك؟ دائرة الشك كبيرة جداً، رغم كل النبرة الحادة التي أُسمعت، أمس، من قبل الإسرائيلي والأميركي في مداولات مجلس الأمن. مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، قال إنه آن الأوان لأن يعمل مجلس الأمن بشتى السبل ضد «بنى حزب الله الإرهابية»» بعد أن أكدت قيادة «اليونيفيل» الأممية أن أنفاق الحزب تُعَدّ انتهاكاً سافراً للقرار 1701 (الأمر الذي لم يأتِ ذكره في بيان «اليونيفيل»). هاجم دانون الجيش اللبناني والقوة الدولية، تماشياً مع سردية التعاون والخضوع لحزب الله، قائلاً: «يعمل أفراد الجيش اللبناني لحساب حزب الله، بينما لا تعمل اليونيفيل على تنفيذ ما أوكل إليها في المنطقة بالطريقة اللازمة». وفي سياق حديث إذاعي، كان دانون قد شدد على مطالب إسرائيل كما تتوقعها من مجلس الأمن: «تتوقع إسرائيل أن يصنّف حزب الله كتنظيم إرهابي وتفرض عقوبات عليه، وأن تقوم اليونيفيل بمهماتها كما يجب»، قاصداً التصدي العسكري المباشر.
وفيما أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام، جان بيير لاكروا، أن «اليونيفيل» نشرت قوات إضافية على طول الخط الأزرق بين الجانبين لمنع إمكانات التصعيد، أكد نائب المندوب الأميركي لدى المجلس أن الوقت حان لحظر حزب الله، مشدداً على أنه «يمثل تهديداً حقيقياً لإسرائيل ولبنان والمنطقة كلها»، مطالباً رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس الحكومة بالتصدي لأنفاق حزب الله. في الجلسة نفسها، أبدى مندوب الكويت لدى المجلس، منصور العتيبي، موقفاً داعماً للبنان في وجه الادعاءات الإسرائيلية، مشيداً بالتفاعل المتميز للحكومة اللبنانية مع أزمة الأنفاق منذ ظهورها، ولافتاً إلى أن لبنان يعيش لعقود وسط استفزازات وتهديدات إسرائيلية. أضاف العتيبي: «لم نجد مطالب عقد جلسات طارئة لمجلس الأمن بشأن الخروق الإسرائيلية»، مجدداً إدانة بلاده للاعتداءات الإسرائيلية على السيادة اللبنانية، مع تأكيده حق لبنان المشروع في استعادة مزارع شبعا وكفرشوبا وإنهاء احتلالهما، وحق لبنان في المقاومة لتحرير أرضه التي تحتلها إسرائيل، داعياً إلى التفريق بين الإرهاب والمقاومة.