صحيفة الأخبار
يومان حاسمان سيتبلور خلالهما موقفٌ أميركي نهائيّ في شأن جريمة اغتيال جمال خاشقجي. هذا ما أكّده الرئيس دونالد ترامب، بعد تقارير ذكرت أنّ وكالة الاستخبارات المركزيّة «سي آي إيه» خلصت إلى تحميل وليّ العهد، محمد بن سلمان، مسؤوليّة قتل الصحافي السعودي في القنصلية.
ترامب الذي وصف تقييم وكالة الاستخبارات بأنّه «سابق لأوانه»، اعتبر أنّ النتيجة التي توصّلت إليها الوكالة «ممكنة»، لكنّه وقبيل إيجاز مرتَقَب لوزير خارجيّته ومديرة «سي آي إيه»، رفض الفكرة لدى سؤاله عن احتمال اتّخاذ واشنطن تحرّكاً للردّ على الرياض. وقال: «إنّهم (السعوديون) يشكّلون حليفاً رائعاً حقاً في مجالَي الوظائف والتنمية الاقتصادية… عليَّ كرئيس أخذ ذلك وأمور كثيرة أخرى في الاعتبار». وأوضح أنّ «تقريراً كاملاً» في شأن «من فعل ذلك (قتل خاشقجي)» سيتمّ الانتهاء منه بحلول الاثنين أو الثلاثاء، من دون أن يشير إلى الجهة التي تُعِدّ هذا التقرير.
تعليق الرئيس الأميركي، جاء بعدما أكّدت وزارة الخارجية الأميركيّة أنّه لم يتمّ التوصّل بعد إلى «خلاصة نهائيّة» حول القضيّة، وذلك في أعقاب تقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» ذكر أنّ وكالة الاستخبارات المركزيّة خلُصت إلى أنّ ابن سلمان هو من أمَرَ بقتل الصحافي السعودي في إسطنبول الشهر الماضي.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجيّة، هيذر ناورت، في بيان، إنّه «لا تزال هناك أسئلة عدّة من دون أجوبة في ما يتعلّق بقتل خاشقجي. إنّ وزارة الخارجيّة ستواصل السعي إلى الحصول على كلّ الوقائع المتّصلة بذلك». وأضافت: «في هذا الوقت، سنواصل التشاور مع الكونغرس والعمل مع دول أخرى لمحاسبة الضالعين في قتل جمال خاشقجي»، معتبرةً أنّ واشنطن «اتّخذت أساساً إجراءات حاسمة» ضدّ أفراد في مجال تأشيرات الدخول وفرض عقوبات. وتابعت: «سنُواصل استطلاع إمكان فرض إجراءات إضافيّة لمحاسبة المخطّطين والمنفّذين ومن لهم علاقة بالجريمة»، لكنّها شدّدت على «(أننا) سنقوم بذلك مع الحفاظ على العلاقة الاستراتيجيّة المهمّة بين الولايات المتحدة والسعودية»، وهو ما أكّده أيضاً نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، الذي قال إنّ بلاده تريد إيجاد وسيلة للحفاظ على «شراكة قوية وتاريخية» مع المملكة.
وما خلصت إليه وكالة الاسخبارات المركزية هو التقييم الأميركي الأكثر حسماً حتى اليوم الذي يربط، بشكل مباشر، ابن سلمان بجريمة اغتيال خاشقجي، كما أنّه يناقض بشكل واضح نتائج التحقيقات التي توصلت إليها النيابة العامة السعودية، وتلقي باللوم على فريق الاغتيال الذي تقول الرياض إنّه تصرّف من تلقاء نفسه، ومن دون سابق تصميم.
«يجب إزاحة ابن سلمان»
وبينما يضغط المشرّعون الأميركيون من أجل إصدار تشريع لمعاقبة السعودية على جريمة القتل، طلب أعضاء في مجلس الشيوخ من الجمهوريين والديموقراطيين من الرئيس الأميركي بأن يكون صارماً مع ولي العهد السعودي. في هذا السياق، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السناتور الجمهوري بوب كوركر، إنّ «كل شيء يشير إلى أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أصدر الأوامر بقتل صحافي واشنطن بوست جمال خاشقجي. يجب على إدارة ترامب أن تحدّد المسؤولية على نحو يتّسم بالمصداقية قبل أن يعدم ابن سلمان الرجال الذين نفذوا أوامره في ما يبدو». أما السناتور الديموقراطي، ريتشارد بلومنثال، فكتب في تغريدة، انه «يجب على ترامب أن يقبل (لمرة واحدة) استنتاجات خبرائه في مجال الاستخبارات التي لا جدال فيها: ولي العهد الأمير محمد بن سلمان متورّط في جريمة قتل خاشقجي الشنيعة. عملية القتل البشعة هذه يجب أن تكون لها عواقب – عقوبات ومحاكمات وإزاحة محمد بن سلمان وآخرين – وليس مواصلة التغطية عليها وهو ما سمح به ترامب».
وذكر رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال جوزف دانفورد، أنّ المملكة تلعب دوراً عسكرياً أساسياً لمصلحة الولايات المتحدة في المنطقة. وقال خلال منتدى أمني في هاليفاكس، إنّ «السعودية كانت في السابق شريكاً مهماً للأمن الإقليمي، وأتوقّع أن يكونوا كذلك في المستقبل»، مضيفاً أنّ الحلفاء في الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية، «قوة استقرار في المنطقة».
بدورها، أكّدت وزيرة خارجية الاتّحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، ضرورة إجراء تحقيق «شامل ونزيه وشفاف» في شأن قضية مقتل خاشقجي. وقالت، في بيان، «لا تزال هناك حاجة لتوضيح كامل للظروف المحيطة بهذه الجريمة المروّعة وضمان محاسبة جميع المسؤولين عنها». وبينما شدّدت على معارضة الاتحاد الأوروبي القاطعة لعقوبة الإعدام، قالت موغيريني: «سنواصل التأكيد على أنه ينبغي أن تفرض السعودية إجراءات لضمان عدم تكرار حادثة كهذه على الإطلاق». وأضافت أنه «في الوقت المناسب، سينظر الاتحاد الأوروبي ودوله في الكيفية التي سيتمكّنون من خلالها العمل معاً من أجل اتّخاذ إجراءات مناسبة ضد الأشخاص المسؤولين» عن الجريمة.