عماد مرمل – الجمهورية
على رغم تراجع السجال المباشر بين رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» الوزير طلال إرسلان، خصوصاً بعد معالجة العُقدة الدرزية، إلّا أنّ الجسور بين خلدة والمختارة لا تزال مقطوعة، والثقة لا تزال مفقودة، الأمر الذي عكسه جنبلاط بقوله: «لي سياستي ولإرسلان سياسته».
ومن المفارقات المعبّرة عن حدّة الانقسام بين الرجلين هي أنه في الوقت الذي هاجم جنبلاط بعنف الرئيس السوري بشار الاسد عبر مقابلته مع «الجمهورية» متّهماً إياه بأنه لا يريد أن يترك لبنان وشأنه ويسعى الى الانتقام من معارضيه، كان إرسلان يتصل بالأسد شاكراً إياه على متابعته قضية مختطفي السويداء لدى «داعش» وتحريرهم على يد الجيش السوري، ومؤكّداً «أنّ جميع الدروز في سوريا هم في حماية الدولة السورية بقيادته الحكيمة».
ويبدو أنّ طريقة تسوية العقدة الوزارية الدرزية تخضع ايضاً للاجتهاد والتأويل، تحت وطأة الخلاف المستحكَم بين الرجلين، ما أزعج إرسلان الذي يعتبر أن لا مجال للالتباس في تفسير دلالات الحلّ الذي تمّ التوصّلُ اليه برعاية رئيس الجمهورية ميشال عون.
ووفق القريبين من إرسلان، فإنّ الاسم الذي اختاره عون ليكون الوزير الدرزي الثالث هو أحد الأسماء الخمسة المدرَجة تحديداً ضمن اللائحة التي رفعها «المير» الى رئيس الجمهورية، لافتين الى أنّ صالح الغريب (رجل أعمال ومستشار في أحد البنوك) الذي قرّر عون توزيره، بالتوافق الضمني مع إرسلان، هو ابن أخ شيخ عقل الموحّدين الدروز نصر الدين الغريب، المتعاون مع إرسلان «ما يعني أنّ هويّته السياسية محسومة وواضحة ولا يمكن الافتراض أنه شخصية رمادية أو يقع في الوسط».
ويعتبر هؤلاء أنّ توزير صالح الغريب إنما يشكّل إنجازاً سياسياً رداً على محاولة إقصاء الخط الذي يمثله «المير» في الطائفة الدرزية عن الحكومة المقبلة، «كما أنّ هذا الخيار ينطوي في رمزيّته السياسية على اختراقٍ للحصار المزمن المضروب على شيخ العقل الغريب الذي يطعن البعض بشرعيّته منذ 12 عاماً».
ويشدّد المحيطون بإرسلان على أنه كان اشترط للقبول بحلّ العقدة الدرزية أن يقترح هو خمسة أسماء، يتولّى عون اختيار أحدها، وهذا ما حصل في الواقع، مشيرين الى أنّ هناك محاولة للتخفيف من وهج الإنجاز الذي حققه إرسلان من خلال الإيحاء بأنّ الوزير الدرزي الثالث يشكّل حلّاً وسطاً، «في حين أنّ اللون السياسي لصالح الغريب ليس خافياً على أحد ولا يمكن طمسُه مهما علا الغبارُ حوله، ومَن يظنّ أنّ الرجل سينقلب على «المير» لاحقاً وأنّ خياره السياسي «تايواني» وليس أصلياً هو واهم وسيكتشف مع الوقت عدم صحّة حساباته وتقديراته».
ويؤكّد القريبون من إرسلان انه «لم يكن يهدف جدّياً الى أن ينتزع لنفسه مقعداً وزارياً، لأنه «يعتبر أنّ الأفضل له سياسياً ومعنوياً أن يتمثل في هذه المرحلة بوزير، من دون أن يكون موجوداً بشخصه في الحكومة، لكنه استخدم مطلبَ توزيره لتحسين شروطه التفاوضية على المقعد الدرزي الثالث، وهو تمكّن في نهاية المطاف من الوصول الى ما يريده».
ويعتبر هؤلاء أنّ إرسلان «نجح في تثبيت الميثاقية على مستوى الطائفة الدزرية والحؤول دون محاولة احتكار تمثيلها، وتمكّن من انتزاع حقّ تسمية الوزير الثالث، واستطاع تثبيت اسم غير وسطي بل يعكس خطه السياسي بصراحة».