لم “يفرج” رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره أمس عن المعطيات الاساسية أو التفصيلية التي دفعته الى ابداء تفاؤل مفاجئ بامكان ولادة الحكومة الجديدة في وقت قريب، لكن تفاؤله لم يقترن في المقابل بما يثبت ان الايام القريبة قد تحمل ترجمة للانفراج المأمول. واذا كان بعض المعنيين بالاتصالات والمشاورات الجارية لتذليل التعقيدات التي تعترض تأليف الحكومة لا يستبعدون ان يكون اطلاق الرئيس بري بعض اشارات التفاؤل بمثابة وسيلة ضغط اضافية من أجل استعجال العملية، فان مصادر سياسية مطلعة قالت مساء أمس لـ”النهار” إن الايام المقبلة ستكتسب طابعاً مهماً للغاية من حيث بلورة نتائج المساعي الصامتة التي يبذلها الرئيس المكلف سعد الحريري لتجاوز العقد والعثرات التي لا تزال تواجهه والتي لمحت المصادر الى ان الساعات الاخيرة شهدت ملامح مرونة لحلحلتها ولو لم تكن مرونة كافية للقول إن كاسحة الالغام ستتمكن من اختراقها قريبا. وأضافت أن ثمة رهاناً على ان يحمل الاسبوع المقبل ملامح توسيع لهذه المرونة، خصوصا بعدما برزت أمام المسؤولين حقيقة لا تحتمل تاويلاً واجتهاداً مفادها ان مزيداً من التأخير والتعطيل والمماطلة في تأليف الحكومة من شأنه أن يتسبب بمناخ خارجي وتحديداً دولي سلبي حيال النظرة الى الحكومة الجديدة في ظل معطيات تتخوف من ان يكون هدف بعض التعقيدات فرض أمر واقع قسري من خلال توازنات مختلة لمصلحة محور سياسي معروف.
وأوضحت المصادر ان الرئيس الحريري لا ينطلق من قناعات سياسية داخلية لاقناع الجميع بتركيبة متوازنة سياسياً وانما ثمة معطيات يعرفها ويتبلغها كما يعرفها ويتبلغها مسؤولون آخرون تضع المسؤولين أمام اختبار دقيق للحفاظ على توازن بين التزامات لبنان الدولية سواء حيال اعتماد سياسة النأي بالنفس وتنفيذ التزامات المؤتمرات الدولية التي عقدت أخيراً، وولادة حكومة لا تكون سبباً اضافياً لتفجير تداعيات خارجية خطرة بالنسبة اليه اسوة بتلك التي تسبب بها تورط “حزب الله” في الحرب السورية ومن ثم تمدد تورطه نحو ساحات أخرى للصراعات الاقليمية ولا سيما منها اليمن. وحذرت في هذا السياق من الاستهانة الرسمية بالاحتجاجات اليمنية الرسمية التي تصاعدت في الايام الاخيرة وتمثلت في رسالة وجهتها الخارجية اليمنية الى الخارجية اللبنانية تطلب التزام منع “حزب الله” من التورط في اليمن تحت طائلة الاحتكام الى الامم المتحدة والجامعة العربية. وقالت إن هذا التطور يجسد أحد نماذج المتاعب الديبلوماسية التي ستواجهها الحكومة الجديدة ما لم تسبق ولادتها اتفاقات وتفاهمات كافية لالتزام سياسات حكومية جادة تقنع المجتمع الدولي والعربي بالمضي في دعم لبنان وإلّا فان ثمة سلة واسعة من الاحتمالات السلبية التي قد تواجهها الحكومة الجديدة. واستبعدت المصادر ان يقوم الحريري بزيارة قصر بعبدا وعرض تشكيلة جديدة على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الا اذا أيقن أن هذه التشكيلة ستقلع فعلاً لانه لا يرغب في العودة الى المراوحة بين العقد ولا يريد القيام بمجازفات بما يعني ان على الآخرين تسهيل مهمته اذا كانوا اقتنعوا بخطورة استنزاف الوقت ولو كان عمر عملية التأليف لم يتجاوز بعد الخطوط الحمر باعتبار ان التكليف حصل قبل أقل من شهرين في 25 ايار الماضي.