لا تزال ردود الفعل الإيرانية تتوالى على عملية اغتيال قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري الإيراني"، اللواء قاسم سليماني، يوم الجمعة، بغارة أميركية استهدفت موكبه بالقرب من مطار بغداد الدولي في العراق، والتي أدّت إلى مقتله إلى جانب عددٍ من الضبّاط الإيرانيين، وقياديين في "الحشد الشعبي العراقي" على رأسهم نائب رئيس "الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس.
وكان المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، توعّد بـ"انتقامٍ قاسٍ" رداً على اغتيال سليماني، إلا أنّ ردود الفعل المتتالية في الأيام والسعات الأخيرة تظهر نوعاً من "التضارب" في التصاريح بين المسؤولين الإيرانيين.
ونقلت وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية، اليوم الثلاثاء، عن أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، قوله إنّ "هناك 13 سيناريو للانتقام أضعفها سيكون كابوساً تاريخياً لأميركا"، إلا أنّ الوكالة الإيرانية عادت وحذفت التصريح، فيما نفى مجلس الأمن القومي الإيراني، أن يكون شمخاني، أجرى حديثاً صحافياً، قال فيه إنّ "إيران لديها 13 سيناريو للردّ على اغتيال قاسم سليماني".
وأكّد مجلس الأمن القومي الإيراني، أنّ شمخاني "لم يجرِ خلال الأيام الماضية أي لقاء مع أيّ وسيلة إعلامية"، مشدداً على أنّه "بصدد متابعة المسؤولين عما نشرته مجلة "حرم" الإيرانية وملاحقتها قانونياً".
وكانت وكالة "تسنيم" نقلت عن شمخاني قوله لمجلّة "الحرم": "لتعلم أميركا أنّه تم طرح 13 سيناريو للرد في المجلس الأعلى للامن القومي الإيراني أضعفها سيكون كابوسا تاريخياً للأميركيين".
وأضاف: "بناء على بعض الاعتبارات لا يمكننا الإفصاح عن المزيد من المعلومات لوسائل الإعلام لكنّنا نعد شعبنا البطل بأنّ عمليات الثار لأخينا الشهيد ليس من المقرّر أن يكون في إطار عملية واحدة لأنّه وفقاً لمضامين بيان قائد الثورة فإنّ جميع قوات محور المقاومة ستثار للقائد الشهيد".
ووفقاً للمجلة عينها أشار شمخاني إلى "إنّنا نرصد كل القواعد الأميركية في المنطقة وكل التحركات فيها، ونعلم أنها على أهبة الاستعداد"، لافتاً إلى أنّ "الأميركيين يدركون أنّنا قادرون على استهداف بوارجهم في المنطقة عبر صواريخنا متوسطة وبعيدة المدى".
وبالتزامن مع هذا الإرباك في مضمون التصريحات الإيرانية، صدر موقفٌ أكثر ديبلوماسية عن طهران على لسان نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي استعداد بلاده للعودة إلى "الالتزام بكافة تعهداتها بموجب الاتفاق النووي، بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها"، موضحاً أنّ "الخطوة الخامسة لتقليص الالتزامات النووية لا تعني أن الاتفاق النووي قد انتهى".
ونقل الحساب الرسمي للخارجية الإيرانية عبر "تويتر" عن عراقجي قوله، اليوم الثلاثاء، خلال منتدى حوار طهران: "في الوقت الحالي لن نقيّد إلى الاتفاق النووي لكن برنامجنا تحت إشراف الوکالة الدولية.. نحن على استعداد للعودة إلى جميع التزاماتنا بعد رفع كل العقوبات".
وأضاف عراقجي أنّ "الخطوة الخامسة لتقليص الالتزامات النووية لا تعني أن الاتفاق النووي قد انتهى، بل الوصول إلى توازن معقول في الاتفاق النووي".
وفي إشارة إلى تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال عراقجي: "بالطبع، فإنّ تعاوننا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مستمرّ ونحن مستعدون للعودة إلى موقفنا السابق في حال تمكّنت الأطراف الأخرى من تلبية مطالبنا والوفاء بالتزاماتها في اطار الاتفاق النووي".
وأكد أنّه "من الممكن الإبقاء على الاتفاق النووي إذا أراد الجانب الآخر ذلك".
وكانت إيران أعلنت، أمس الأحد، أنّها ستبدأ في تنفيذ الخطوة الخامسة في الحدّ من التزاماتها النووية، وبالتالي عدم التزامها بأيّ قيود تضمنها الاتفاق على عدد أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها لتخصيب اليورانيوم وهو ما يعني أنّه لن تكون هناك قيود على قدرتها على التخصيب، وسيعتمد الأمر من الآن على احتياجات إيران التقنية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن في عام 2018 انسحاب بلاده من الإتفاق النووي الذي أبرمته القوى الستّ الكبرى مع إيران عام 2015، لتتّخذ بعد ذلك طهران خطوات متتالية لتقليص التزاماتها بما يتعلّق بالإتّفاق.
وتصاعد الخلاف خلال الأيام القليلة الماضية بعد إعلان الولايات المتحدة الأميركية مسؤوليتها عن اغتيال قاسم سليماني قائد "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني".
