أخبار عاجلة

التنظيمات العنفية.. صنيعة المخابرات أم وليدة الظروف؟

التنظيمات العنفية.. صنيعة المخابرات أم وليدة الظروف؟
التنظيمات العنفية.. صنيعة المخابرات أم وليدة الظروف؟
أعاد مقتل زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي الجدل حول طبيعة التنظيم الإرهابي ودوره إن كان صناعة استخباراتية أم أنه وليد ظروف موضوعية.

من جهتهم، يرجح باحثون ومراقبون أسباب نشأة التنظيمات العنفية إلى جملة أسباب موضوعية، وسياقات سياسية.

وفي التفاصيل أنّ الكاتب والباحث الفلسطيني ساري عرابي يشير إلى أن ظاهرة الحركات الجهادية بنمطها المستهدف للأنظمة والحكومات وأجهزتها، "قديم منذ النصف الثاني من القرن الماضي، وله جذور أقدم من ذلك، ومرت بأطوار من التحول والاندماج ما بين ذلك النمط والنمط الذي يستهدف القوى الاستعمارية، لاسيما بعد الجهاد الأفغاني وصولا إلى نموذج القاعدة". ويضيف: "لم يكن الاتهام بكونها صنيعة غربية سائدا طوال تلك الفترة، وحتى فيما يتعلق بالجهاد الأفغاني الذي دعمته الولايات المتحدة بشكل أو بآخر، كان الموقف الغالب إزاء ذلك الدعم أنه نوع من تلاقي المصالح".


ويتابع: "بيد أن أحداث 11 أيلول وما أحاط بها من غموض، وروايات متعددة بعضها من أوساط غربية، وما انبنى عليها من أحداث ضخمة، وما آل إليه أمر نموذج القاعدة من الانحصار في لون من السلفية شديدة الانغلاق والإقصاء والعنف، خاصة بعد احتلال العراق مما استعدى أوساطا إسلامية وشعبية متعددة"، مضيفاً: "تلك المعطيات عززت نظرية اصطناع القوى الاستخباراتية لهذه النماذج التي أفسدت المقاومة العراقية، ثم ساهمت في تحطيم الثورة السورية، وتحديدا بعدما أفرزت ظاهرة داعش، التي زايدت على الجميع عنفا وغلوا وإقصاء، وتمددت في فضاءات متجاوزة لسوريا والعراق، مجترحة خطا عدائيا مع كل منافسيها بما في ذلك القاعدة، متمددة على حساب نماذج تاريخية محلية كالقوقاز وأفغانستان".

ويؤكد عرابي أن "عمل تلك الحركات في ساحات غير مسلمة كأوروبا انعكس لصالح القوى الغربية، وساهم بشكل كبير في تعزيز الإسلاموفوبيا، وهذا إضافة إلى ما سبق ذكره، مع ميل المزاج الشعبي العربي إلى تعظيم قدرات القوى الغربية، جعل من اتهام الجماعات الجهادية بكونها صنيعة قادرا على الاستفادة من مثل تلك المعطيات الواقعية، وصهرها في بوتقة نظرية المؤامرة".
ويقول عرابي إن "النظرة الموضوعية في تقييم تلك الحركات ومحاكمتها، تقتضي الموازنة بين العوامل الذاتية والموضوعية المتمثلة في الأصول الفكرية المؤسسة لتلك الحركات، والسياقات السياسية السائدة من الاستبداد والظلم والقمع، وبين سهولة اختراقها وإمكانية العمل باسمها، أو نسبة بعض الأعمال العنفية إليها".

من جهته ركز الكاتب والسياسي العراقي، الدكتور يوسف الأشيقر على أن "كل التنظيمات الجهادية العنفية التي شهدها العراق والشرق الأوسط هي صناعة محلية خالصة، لا علاقة لها بأي جهة حكومة أو إقليمية أو أجنبية"، مضيفاً: "تراثنا الديني المتراكم قابل للتأويل بأي شكل نريده، ولأي مدى من العنف واللاضمير في صراعاتنا المذهبية والفكرية الداخلية والخارجية".

كما انتقد الأشيقر بشدة من يفسرون ظاهرة الحركات الجهادية العنفية بوصفها صناعة استخباراتية، "لأنهم بهذا يريدون تبرئة أنفسهم وقومهم والتأويلات الدينية الفاسدة من تبعات العنف اللاأخلاقي الضارب أطنابه في مجتمعاتنا وفي بعض مقولات تراثنا الديني، ويحاولون إلصاق ذلك تعسفا بالغير أو الأجنبي تحت مسمى نظرية المؤامرة"، على حد قوله.

بدوره قال الباحث السوري حسن الدغيم: "تستند هذه التنظيمات إلى مرتكزات فكرية تصدر عنها في أعمالها وتحركاتها، ولها تأويلاتها الدينية الخاصة بها التي تلتقي فيها مع فهم الخوارج، الذين يحتكرون الحق، ويقرنون بين تكفير المسلمين واستباحة دمائهم"، متابعاً: "لا ينبغي في الوقت نفسه التقليل من شأن السياقات السياسية التي ساهمت بشكل كبير في نشوء تلك التنظيمات، فالأنظمة السياسية الاستبدادية ساهمت بممارستها القمعية كالاعتقالات والتعذيب وتكميم الأفواه، وبسياساتها الاقتصادية الفاشلة، واستشراء الفساد، وانتشار الفقر والحرمان، وغياب العدالة الاجتماعية، وسوء توزيع الثروة، في تكوين منظومة مجتمعية استفادت منها تلك الحركات".
ختاماً، قال الدغيم: "أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية والمحلية ليست غائبة عن المشهد السياسي، فهي قادرة بأدواتها وإمكاناتها الضخمة على اختراق تلك الحركات، ومن ثم توظيفها وتوجيهها بما يخدم مصالحها، وقد حدث هذا في العراق وفي سوريا وفي دول أخرى".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى القطب الشمالي: نزاع جديد تتفوق فيه موسكو على واشنطن