أعلنت وكالة "أعماق" التابعة لتنظيم "داعش" أن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، عيّن العراقي عبدالله قرداش نائباً وخليفة بعده، فما هي أسباب ودلالات اختيار خليفة البغدادي الجديد لقيادة "داعش"؟في هذا الصدد، ذكرت وكالة "أعماق" أن البغدادي اختار العراقي التركماني عبدالله قرداش، المكنى بـ"أبو عمر قرداش"، من قضاء تلعفر غرب الموصل "لرعاية أحوال المسلمين". ووفقاً لمصادر معنية بملف الحركات الإسلامية، فإن "أبو عمر قرداش"، كان ضابطاً في الجيش العراقي السابق، وكان المسؤول الشرعي في تنظيم القاعدة، قبل تكوين تنظيم داعش في سوريا والعراق عام 2014.
كما تم اعتقال "أبو عمر قرداش"، في سجن "بوكا "، الذي أنشأته القوات الأميركية في مدينة البصرة الجنوبية عقب دخولها إلى العراق عام 2003، وهو السجن الذي كان مسجوناً فيه البغدادي نفسه حينها.
ويلقب "أبو عمر قرداش"، بـ"المدمر"، ويعرف عنه قسوته وشدته في التعامل مع خصوم التنظيم، ورغم نسبه إلى "التركمان"، إلا أن قيادات داخل داعش من بينهم إسماعيل العيثاوي تؤكد "قرشيته".
وتولى "أبو عمر قرداش"، منصب أمير "ديوان الأمن العام"، في سوريا والعراق، وهو أحد أقوى الدواوين داخل داعش، والمسؤول عن حماية القيادات والتخلص من أعداء التنظيم، كما أشرف في وقت سابق على "ديوان المظالم"، وهو ضمن الإدارات الخدمية التي أنشأها داعش خلال سيطرته على المدن، كما تولى منصب وزير "التفخيخ والانتحاريين" داخل التنظيم الإرهابي، وأشرف بنفسه على عمليات التفخيخ أثناء معارك التنظيم ضد الجيش الحر في سوريا.
ورشحه "أبوبكر العراقي"، نائب البغدادي السابق، ليكون قائداً لفرع التنظيم في لبنان، إبان تفكير التنظيم في إنشاء فرع هناك، لكن الفكرة ألغيت في وقت لاحق.
وكان "أبو عمر قرداش"، أحد مرافقي البغدادي في الفيديو الأخير الذي بثه التنظيم بعنوان "في ضيافة أمير المؤمنين"، في إبريل (نيسان) 2019.
ووفقاً لمرجعيات داعشية، فإنه يلى "أبو عمر قرادش"، في خلافته البغدادي، لقيادة التنظيم كل من حجي عبد الناصر، العراقي الذي أدرجته الخارجية الأمريكية على قوائم الإرهاب نهاية عام 2018، ويتولى عبد الناصر، قيادة ما يعرف بـ"اللجنة المفوضة"، وهي المسؤولة عن إدارة التنظيم الإرهابي، ويعين أعضاؤها بقرار مباشر من البغدادي.
كما تولى منصب "العسكري العام" لما يعرف بـ"ولاية الشام" سابقًا، وأشرف بنفسه على قيادة معارك التنظيم في الرقة، بحسب وثيقة سابقة نشرها عضو مكتب البحوث والإفتاء التابع لداعش "أبومحمد الحسيني الهاشمي".
ويلي عبد الناصر، القيادي العراقي، إسماعيل العيثاوي، المكنى بـ"أبوزيد العراقي"، الذي تولى منصب نائب خليفة داعش خلال فترة من الفترات، وأشرف على لجنة كتابة المناهج الخاصة بالتنظيم.
وفي كتابه الأخير المعنون بـ"كفوا الأيادي عن بيعة البغدادي" كشف القيادي الداعشي المنشق، "أبو محمد الحسيني الهاشمي"، أن "أبوزيد العراقي"، كان أحد المرشحين لخلافة البغدادي باعتباره "قرشياً عراقياً"، وهو أبرز الشروط التي يتم اختيار قادة التنظيم على أساسها.
وأشار الهاشمي، أن تركز قيادة التنظيم الإرهابي، في يد مجموعة "القرشيين" تعود إلى نص مؤول ومأخوذ من كتاب صحيح البخاري، تحت عنوان "باب الأمراء"، يشير إلى أن هذا الأمر في قريش لا ينازعهم أحد فيه إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين.
ويعتبر "داعش" أن هذا النص، قاعدةً أصولية تحدد ضوابط اختيار من يصفه بـ"أمير المؤمنين"؛ لذا يقصر مجلس شورى التنظيم وهو المسؤول عن اختيار "الزعيم"، اختياراته على المجموعة القرشية داخل التنظيم.
ووفقاً لتقرير سابق نشرته مجلة "ذا أتلانتيك" الأميركية، فإن قتل أو اعتقال البغدادي لن يؤدي إلى اختفاء التنظيم الإرهابي، بل إن "داعش" سيسعى لتوظيف هذا الحدث في سياق عمليات الثأر، كما سيختار في وقت لاحق خليفة يقود فلوله المنتشرة في أنحاء العالم.
ويرى مراقبون لملف الحركات الإسلامية، أن قرار زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، باختيار خليفة له، ونائباً للتنظيم حالياً، يطرح الكثير من الدلالات المهمة في تلك المرحلة الحرجة من عمر التنظيم الإرهابي سواء داخل سوريا والعراق، أو في مختلف المناطق التي يتمركز بها.
أولاً: محاولة تجديد "البيعة الروحية"، بين قيادات وعناصر التنظيم وبين أبو بكر البغدادي ورجاله.
ثانياً: انهاء الصراعات والانقسامات الداخلية التي مني بها التنظيم خلال المرحلة الأخيرة.
ثالثاً: التأكيد على قدرة داعش في التمدد والبقاء والانتشار داخل جغرافية سياسية جديدة.
رابعا: التأكيد على أن التنظيم مازال قادرا ًعلى توجيه العديد من الضربات وتنفيذ العمليات الإرهابية في العمق الأفريقي والآسيوي و الأوروبي .
خامساً: التأكيد على الاستراتيجية الجديدة لداعش وفق التحرك من خلال "إدارة مركزية متحركة ومسردبة أو مختفية"، تدير التنظيم عبر "غرف عمليات مركزية"، تسعى لتقوية الفروع والولايات، وتقوم بتوظيف الخلايا الكامنة وفق المصطلحات التنظيمية الجديدة المسمى بـ"خلايا التماسيح"، وهي خلايا كامنة موالية لداعش فكرياً وليس تنظيمياً، وسيتم تحريكها من خلال قيادات الفروع والولايات، مثلما حدث في الخلية التي نفذت تفجيرات سريلانكا، حيث أعلنت عقبها الأجهزة الأمنية أن سريلانكا، ليس فيها عناصر أو تمركزات موالية لداعش، وأنه ربما تكون جماعة خارجية شاركت في التنفيذ والتخطيط له.
سادساً: محاولة استعادة هيبتة التنظيم إعلاميا، والقضاء على نفوذ تنظيم القاعدة، وقطع الطرق أمام طموحاته في الانفراد بالساحة الجهادية.
وأعلن رئيس خلية الصقور الاستخبارية، في العراق، "أبو علي البصري"، اختراقها لخطوط وخلايا "داعش"، والفتك بأكبر قياداته المقربة من زعيمه أبو بكر البغدادي، ما تسبب بانهيار التنظيم وتشرذمه.
وقال البصري في حديث صحافي: "نجحنا في تجنيد عملاء وعناصر في المحيط الحذر من جدران "داعش" وقياداته المنتشرين وخلايا التنظيم الإرهابي المنتشرين في بقاع الأرض، وتوظيفهم في جمع المعلومات الاستخبارية عن المصالح والأهداف التي تحددها المنظمة الارهابية ورصد تحركاتهم ونواياهم في دول العالم".
وأضاف البصري "لا نريد أن نفاجأ بأن يدفع التنظيم صناعة إرهابية للشوارع بأشكال مختلفة سواء محلياً او إقليمياً أو بالدول المستهدفة دولياً"، مشدداً على أهمية تركز الجهد الدولي بالإضافة إلى الدعم العسكري، على دعم وإعادة بناء المؤسسات والبنى التحتية في الدول التي تضررت بفعل الإرهاب.
ودعا البصري إلى استثمار النصر عسكرياً على "داعش" بالحرب الاستخباراتية الطويلة واختراق تنظيماتهم وانتزاع عنصر المفاجأة لصالحنا.
وأوضح البصري، بأن تمويل "داعش"، مازال يتواصل بالاعتماد على الأموال التي استولى عليها عام 2014 في نينوى والأنبار، ومن آبار النفط المستولى عليها في سوريا، ومن استغلال عصابات الجريمة والمخدرات وبفرض اتاوات على التجار في تلك الفترة التي جمع خلالها أموالا طائلة سيُكشف عنها لاحقاً بضمنها شركات صيرفة وتحويل مالي متفرعة محلياً وإقليمياً ودولياً، فإن كل الدول التي لها نفوذ وهيمنة في الشرق الأوسط لها تأثير في "داعش".
وأضاف، "نحن متيقنون بأن هناك جمعيات وكيانات في دول خليجية وعربية اخرى أجنبية لايزال لها تواصل مع عمليات تمويل داعش الإرهابي بوسائل مختلفة".
وشدد البصري على أن التنظيم مازال يمثل الخطر الأكبر على الأمن والسلم الاجتماعي في العراق وفي دول الجوار وكذلك عربياً ودولياً، داعياً إلى تضافر الجهود والتنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية سواء محلياً أو إقليمياً ودولياً، وتعزيز عنصر الدعم التقني والمالي للأجهزة الأمنية لمكافحة عنصر المفاجأة والتوالد بين التنظيمات الإرهابية المنتشرة عالمياً.