صراع دولي على كشمير

صراع دولي على كشمير
صراع دولي على كشمير
يعد النزاع على كشمير تاريخي بين الهند وباكستان، ويبدو أن النزاع على هذه المنطقة ليس محصوراً فقط بين هاتين الدولتين، إذ يتضح يوماً بعد يوم أن الخلاف على هذه المنطقة دولي أيضاً.

في التاسع عشر من شهر أيلول من العام الماضي صرّح زانج يوشيا نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية الصينية التي يرأسها الرئيس شين جين بينغ لقائد الجيش الباكستاني أن الروابط العسكرية  بين الصين وباكستان هي "العمود الفقري" للعلاقات بين البلدين، مضيفاً أن البلدين شركاء تعاون استراتيجي "في كل الأحوال".


بعد هذا التصريح بشهرين وقع البلدان على 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم للتعاون في مجالات متنوعة، ذلك خلال زيارة الرئيس الباكستاني عمران خان للصين.

أكد خان أن باكستان والصين جارتان وصديقتان وشريكتان وأن التعاون بينهما يخدم المصالح الأساسية للبلدين والشعبين في تحقيق السلام والاستقرار.
أين تكمن مصلحة الصين في نزاع كشمير؟

اللافت في الموضوع أن الصين تعتزم بناء قاعدة بحرية وجوية في "خليج جيواني" في جنوب غرب باكستان على مقربة من الحدود مع إيران وعلى بعد 500 كيلومتر تقريباً من مضيق هرمز. كما تقوم بكين ببناء ميناء تجاري ضخم في مدينة جوادر التي تقع على بُعد نحو 60 كيلومتراً شرق جيواني عند نهاية "الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني". وفي حين التزم المسؤولون الصينيون الصمت حيال التقارير حول جيواني منذ نشرها للمرة الأولى في كانون الثاني2017، إلّا أنّ باكستان لم تكترث لها واعتبرتها "دعاية" تهدف إلى تشويه سمعة مشروع الممر. ومع ذلك، تتّبع الخطط المزعومة نمط الأنشطة العسكرية الصينية الأخرى في المنطقة، الأمر الذي يثير القلق في الهند ودول أخرى.

لم يعلق المسؤولون الإيرانيون حتى الآن علانية على أخبار بناء قاعدة في جيواني أو على زيادة النزعة العسكرية الصينية في المحيط الهندي. وقد يعود السبب في ذلك إلى فهمهم رغبة الصين في حماية مصالحها التجارية من خلال المساعي التي تقوم بها لإحياء "طريق الحرير" ويدرسون حصتهم المستقبلية المحتملة في هذا المسعى. وحتى مع ذلك، فإن النمو السريع والنية غير المؤكدة للوجود الأمني الصيني على الحدود يجعل إيران تفكر بالأمر، كما يتضح في العديد من تقارير وسائل الإعلام المحلية وتحليلات الخبراء.

لكن على الرغم من الشراكة الايرانية مع الهند بشأن مشروع تشابهار، تحرص إيران على أن تُظهر لباكستان أن مثل هذه الروابط لا تهدف إلى الانحياز إلى جانب منافستها. وبناء على ذلك، عرضت طهران تعزيز الروابط العسكرية الثنائية مع إسلام آباد في محاولة واضحة لإرساء الأساس للتحالف الإيراني-الباكستاني-الصيني المستقبلي.

أين الأميركيون من الموضوع؟
في عهد الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية باراك أوباما، أعلن في العام 2012 عن أطروحة "إعادة التوازن في آسيا والتي يعدها الصينييون محاصرة للصين، لأن هذه الأطروحة تعني في نظرهم نهوض الهنج واليابان وبعض الدول الأخرى مقابل الصين.

بعد وصول ناريندرا موري إلى السلطة في الهند دخلت العلاقات الأميركية الهندية مرحلة جديدة، فمنذ العام 2014 سافرر مودي إلى الولايات المتحدة أربعة مرات وفي شهر كانون الثاني من نفس العام حضر أوباما حفل اليوم الجمهوري في الهند بدعوة من مودي، لذا يعتبر أول رئيس أميركي يحضر مراسم حفل اليوم الجمهوري
ومن أبرز الاتفاقيات التي وقعت في نفس العام أيضاً، اتفاقية "مذكرة التبادل اللوجيستي" LEOMA، التي عارضها الكثيرون من داخل الهند فبحسب الاتفاقية فإن بإمكان كلا الدولتين أن تستخدم جو وبحر الدولة الأخرى عند الحاجة!

ومنذ وصول الرئيس دونالد ترامب بدأت العلاقات تشهد توتراً ملحوظاً خصوصاً الخلافات التجارية وفرض الولايات المتحدة  ضرائب على البضائع الهندية، كما فعلت مع العديد من الدول، الأمر الذي دفع بنيودلهي للرد بالمثل وفرض ضرائب جمركية على بضائع أميركية بما يقارب 483 مليون دولار.

يعد الملف التجاري من الملفات الساخنة بين الطرفين بعد ان فرضت إدارة ترامب رسوماً وعلى الرغم من أن العقوبات الأمريكية لا تؤثر بشكل كبير على المنتجات مثل الفولاذ ولكن الهند تتخوف من ان تشمل الأدوية الطبية وهذا سيؤثر سلباً على الايرادات الهندية.

كما تشترط واشنطن قيام نيودلهي بشراء بضائع أمريكية بقيمة 10 مليار دولار سنوياً لمدة ثلاث سنوات، لتغطية العجز في الميزان التجاري الذي يميل لصالح الهند الأمر الذي سينعكس سلبا” على الاقتصاد الهندي.

على كل فإن قائمة المشتريات الهندية من الأسلحة والمعدات الامريكية طويلة وتضم العديد من الصفقات لطائرات حربية بما فيها أف -16 واف 18 وطائرات بدون طيار ومروحيات حربية.

يذكر أيضاً أن الهند قد اشترت منظومة "إس-400" الروسية العام الماضي ما دفع ترامب إلى فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على الهند، لكن وزير الخارجية الهندية "رافيش كومار" سرعان ما قام بالرد على تصريح ترامب قائلاً: "إنّ هذه المسألة تخص مصالحنا الوطنية. كما تعلمون نحن على تواصل مع الولايات المتحدة فيما يخص هذا الموضوع، ولقد أوضحنا موقفنا للجانب الأمريكي على مستويات عدة. وهذه المشاورات ساعدت على إيضاح مهامنا وأسباب قلقنا بشكل افضل".

ولعل من الأسباب المهمة التي جعلت الولايات المتحدة تتدخل أيضا في القضية الكشميرية هو خشيتها من أن يتصاعد النزاع ليصل إلى حد استخدام السلاح النووي الذي يعني حينها بأن كارثة كبيرة ستصيب العديد من الدول المجاورة الفقيرة ذات الكثافة السكانية الهائلة، إضافة إلى شيوع جو من عدم الاستقرار في المنطقة قد تتسع رقعته ليشمل الصين أيضا وهي دولة نووية، ولعل الخشية من استخدام السلاح النووي تأتي من الطرف الباكستاني على وجه التحديد باعتبار تفوق الهند عليها عسكريا.. فالهند صاحبة الجيش الأكبر، وسكانها يقتربون من مليار نسمة، وأي حرب برية تقع بين البلدين فإن النتيجة ستكون فيها محسومة لصالح الهند مهما يطول الأمد.

ترامب وخلال مؤتمر صحفي في هانوي عقب قمته مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج اون، صرّح أنه تلقى "اخباراً جيدة نسبيا من باكستان والهند".

وصرح أن الولايات المتحدة تبذل جهودا لمحاولة جعلهما يتوقفان عن التصعيد، موضحا أن لديه أخبار جيدة نسبيا ويأمل في أن ينتهي النزاع.

ويعد ذلك أول رد فعل من الرئيس الأميركي بعد أن تبادلت الهند وباكستان اسقاط المقاتلات في معركة جوية نادرة في أجواء إقليم كشمير، حيث أسرت باكستان طيارا هندياً.
لم يقف الروسي على الحياد أيضاً إذ سارع الرئيس "فلاديمير بوتين"  بالاتصال برئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي"، معزياً إياه بضحايا الهجوم الذي استهدف العسكريين الهنود مستنكراً الارهاب الدولي وجميع أشكال دعمه.

من جانبه، عبر رئيس الوزراء الهندي، في بيان صدر عن حكومة بلاده، عن شكره للرئيس بوتين على دعمه القوي للجهود التي تبذلها الهند في مكافحة الإرهاب العابر للحدود.

وشدد مودي على عزم الهند تعزيز التعاون مع روسيا في مواجهة الإرهاب باعتبار المسألة إحدى ركائز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

يبدو أن أميركا قد تراجعت أسهمها في تلك المنطقة، خاصةً بعد تراجع علاقاتها مع الهند وظهور تحالفات جديدة تشمل كلاً من روسيا والهند من جهة، والصين وباكستان من جهة أخرى، ومحاولات ايرانية لإرضاء الطرفين.

فهل يا ترى ستتنازل أميركا عن خط الحرير أم ستقوم بقطعه؟

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى أوكرانيا تلاحق الصحفيين لإخفاء الحقائق