خليل عجمي نقلاً عن "النهار"
بعدما أدرك أن العدوان الإسرائيلي على غزة سيخطف الأنظار عن صراعه مع موسكو، وسينتقل الزخم الإعلامي من #أوكرانيا إلى القطاع، أراد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن يكون حاضراً في المشهد عندما أعلن رغبته في زيارة إسرائيل التي رفضت استقباله بذريعة أن "التوقيت غير مناسب".
ضراوة الحرب الإسرائيلية على غزة شكّلت مادّة دسمة للاهتمام الإعلامي العالمي، وحوّلت الانتباه عن كييف في حربها مع موسكو، التي جاء توجيه بعض إمدادات السلاح الغربية إلى إسرائيل، لمصلحتها، حيث اعتبرت أن "هذه الحرب ستؤثر بشكل مباشر على مجريات العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا" على حد تعبير الدبلوماسي الروسي قنسطنطين غافريلوف، الذي رأى في تصريح لصحيفة "أزفستيا" الموالية للكرملين أن "رعاة أوكرانيا سيتشتت انتباههم" بفعل الحرب على غزة.
وأضاف أن "هذا لا يعني أن الغرب سيتخلّى عن الأوكرانيين. لكن حجم المساعدات العسكرية سينخفض"، معتبراً أن "مسار العملية قد ينقلب سريعاً لمصلحة #روسيا".
لكن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قال بالمقابل، في اجتماع لوزراء دفاع حلف شمال الأطلسي، "نستطيع الوقوف إلى جانب إسرائيل وسنفعل، حتى ونحن نقف إلى جانب أوكرانيا".
لكن صراعاً يتدحرج في منطقة الشرق الأوسط من شأنه أن يختبر قدرة واشنطن على تقديم الدعم في آن واحدٍ لحليفين في حربين منفصلتين.
ومنذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، لم تتردّد موسكو في استغلال الفرصة لتوجيه الانتقادات إلى "اليهمنة الأميركية"، مدلّلة على "فشل سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط"، ومحذّرة في الوقت نفسه من انزلاق الوضع نحو "حرب إقليمية كبرى"، على حدّ تعبير وزير خارجيتها الروسي سيرغي لافروف في إطار فعاليات منتدى الدوحة 2023.
وشكّل الانحياز الأميركي لمصلحة إسرائيل بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول، واندفاع تل أبيب إلى حرب مدمّرة ضد القطاع، فرصة لروسيا ومن خلفها الصين ودول "بريكس"، كي تثبت للرأي العام العالمي، أن مكامن الخلل في النظام العالمي الحالي هي في الهيمنة الأميركية والأحادية القطبية، ولتؤكد مرة جديدة بأن عالماً متعدّد الأقطاب قادر على حماية الأمن والسلم الدوليين أكثر بكثير من النظام العالمي القائم على الهيمنة الأميركية.
لذلك، لم يعد من الممكن النظر إلى أيّ تحرّك روسي في الشرق الأوسط بمعزل عن الحرب في أوكرانيا، لأنها تستفيد حالياً من صرف الانتباه عن أوكرانيا، بعدما باتت تتمتّع بحرية التصرّف إلى حدّ كبير، فتخلت - على سبيل المثال - عن معاهدة حظر التجارب النووية بهدوء، عندما اعتمد مجلس الدوما قانوناً بهذا الشأن الشهر الماضي.
يُشار إلى أن الأحداث على الجبهات الأوكرانية تلاشت من الصفحات الأولى للصحف في العالم، في ظل تفاقم الصراع في الشرق الأوسط، وبدأ النقاش في الغرب حول كيفيّة توزيع المساعدات على إسرائيل وأوكرانيا معاً، ليصبّ ذلك في مصلحة روسيا التي اُتيحت لها فرصة التحدّث إلى المجتمع الدولي، لاسيما في مجلس الأمن، حيث توالت الاجتماعات لبحث الحرب الإسرائيلية على غزة، وبالتالي تقويض محاولات عزلها.