وفي تقرير بقلم سيلفي كوفمان، ذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة قبل ٢٠ سنة، استيقظت من دون رئيس منتخب واستمرت حالة عدم اليقين لمدة شهر، حتى قررت المحكمة العليا في 12 كانون الأول عام 2000 إنهاء عمليات العد في فلوريدا، واختارت جورج دبليو بوش فائزا في الانتخابات الرئاسية.
وبذلك حصل بوش على دعم 271 ناخبا مقابل 266 لآل غور الذي انحنى للقرار على الرغم من فوزه في التصويت الشعبي على المستوى الوطني بنحو 500 ألف صوت، ورحب العالم كله بما جرى، واعتبره دليلا على نضج الديمقراطية الأميركية وحسن سير مؤسساتها.
وتساءلت كوفمان هل سيكون هذا هو ما سيحدث هذا العام في يوم 3 تشرين الثاني، مؤكدة أن "لا شيء يدفع للثقة، لأن مدى التحضر الذي طبع الصراع بين بوش وآل غور والكياسة التي اتبعت في الفصل بينهما بعيدة للغاية من الحقائق البديلة وسباق المصالح الشخصية الذي أغرقنا فيه ترامب".
ونبهت الكاتبة إلى أن الرئيس ترامب نفسه هو الذي بدأ إثارة المشاكل في تموز الماضي، بمجرد أن أعطت استطلاعات للرأي التقدم لخصمه الديمقراطي جو بايدن بـ٨ نقاط، مما يعني أن سنة 2020 ستكون "الانتخابات الأكثر أخطاء، والأكثر تزويرا في التاريخ الأميركي"، خاصة أن ترامب عندما سئل على قناة فوكس نيوز هل سيقبل النتيجة إذا خسر في الانتخابات، رفض الإجابة بالإيجاب، وقال "علي أن أرى. لن أقول نعم فقط ولن أقول لا أيضا. وقبل كل شيء لن أخسر، لأن هذه الاستطلاعات مزيفة".
تجنب مراكز الاقتراع
وقبل ٧ أسابيع من الانتخابات -كما تقول الكاتبة- تقلصت الفجوة بين المرشحين في نوايا التصويت، ومع ذلك لم يجرؤ أحد على التكهن بالنتيجة، خاصة أن هيلاري كلينتون قد هُزِمت في عام 2016، رغم أنها أحرزت ٣ ملايين صوت أكثر من دونالد ترامب.
كما أن الشك الذي زرعه ترامب في الأذهان واستمرار وباء كورونا، سيشجعان في جميع الاحتمالات، عددا كبيرا من الناخبين على التصويت بالبريد لتجنب مراكز الاقتراع، مما قد يغذي أخطر السيناريوهات، بشأن سير انتخابات الثالث من تشرين الثاني.
وأشارت الكاتبة إلى أن ترامب يكره التصويت بالبريد، لأنه يصب حسب اعتقاده في مصلحة المرشحين الديمقراطيين، ولذلك انتقد مكتب البريد الفدرالي وعين صديقا قديما له على رأسه لإعادة هيكلة أنشطته في اتجاه التقليص، مما قد يؤدي إلى إحداث فوضى في التصويت عبر البريد، وهذا ما جرى الكشف عنه باعتباره حيلة واحتج عليه الديمقراطيون، فأجل إلى ما بعد الانتخابات.
كتائب المتطوعين المتقاعدين
وبما أن تنظيم الانتخابات في الولايات المتحدة، بما فيها الفدرالية، من اختصاص الولايات، فإن الفوارق كبيرة، حيث يمكن أن يؤدي تعدد بطاقات الاقتراع المحلية المقدمة للناخبين، بالإضافة إلى انتخابات الرئاسة والكونغرس، إلى جعل الاقتراع أكثر تعقيدا من الإقرارات الضريبية، كما تقول الكاتبة.
إضافة إلى ذلك -تشير كوفمان- إلى أن تشغيل مراكز الاقتراع يعتمد على كتائب المتقاعدين المتطوعين الذين سيشجعهم فيروس كورونا على البقاء في منازلهم، خاصة أنهم لا يعرفون كم من الساعات أو الأيام أو حتى الأسابيع قد يستغرقها عد الأصوات المدلى بها في البريد، وبالتالي، لا أحد يعلم ما إذا سيكون للولايات المتحدة رئيس منتخب في الرابع من تشرين الثاني، ولا حتى يوم الرابع من كانون الأول.
وفي هذه الظروف الخاصة والمزاج الغريب للرئيس المرشح، أطلق الحزب الديمقراطي برنامجا "ضخما" لمكافحة الإخفاقات الانتخابية، يبحث فيه آلاف المحامين والناشطين عن الاختراقات والتلاعب بالمعلومات ومحاولات قمع التصويت أو أي شيء يهدف إلى الحد من إقبال الناخبين.
وقال موظفو الحملة الانتخابية لجو بايدن إن "هذا هو أكبر جهد يبذل على الإطلاق في تاريخ الحملات الرئاسية"، ومع ذلك ستكون هذه الانتخابات -حسب رأي الكاتبة- هي الأكثر فوضوية.
وختمت كوفمان بالتساؤل عما سيحدث في اليوم التالي، هل ستكون المحكمة العليا على قدر المهمة؟ وهل سيعترف الناخبون بشرعية التصويت؟ وكيف سيكون رد فعل الشركاء الأجانب للولايات المتحدة؟ وهل سيخرب ترامب بدء رئاسة بايدن؟
وخلصت الكاتبة إلى أن "الولايات المتحدة لم تتمكن بعد من إنشاء نظام يسهل وصول السكان إلى التصويت وهو ما يجب أن نخجل منه"، خاصة أن الآباء المؤسسين لم يستطيعوا توقع فيروس كورونا ولا دونالد ترامب.