اتفاقية إستراتيجية بين العراق وايران... لماذا تتحفظ بغداد على الحديث عنها ومتى تُعلن؟

اتفاقية إستراتيجية بين العراق وايران... لماذا تتحفظ بغداد على الحديث عنها ومتى تُعلن؟
اتفاقية إستراتيجية بين العراق وايران... لماذا تتحفظ بغداد على الحديث عنها ومتى تُعلن؟
نشرت "الجزيرة" تقريرا تحدثت فيه عن بوادر اتفاقية إستراتيجية جديدة بين العراق وإيران تحمل بعدا قد يوازي كفة الاتفاقية الأمنية المماثلة بين بغداد واشنطن، مشيرة الى انها ما زالت غير مختمرة، بعد ما كشف عنها مسؤول إيراني بارز، بينما تكتمت عليها الحكومة العراقية حتى الآن.

وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعد خطيب زادة، في وقت سابق، عزم بلاده على إجراء محادثات مع العراق بهدف التوصل إلى اتفاق إستراتيجي بين البلدين، مؤكدا أن للعراق مكانة خاصة لدى إيران.

وبيّن زادة، في مؤتمر صحفي عقده في طهران قبل أيام، أن "وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف ناقش موضوع الوثيقة الإستراتيجية مع العراق خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد، وسيتم الإعلان عنها عند اكتمالها". ولم يحدد زادة توقيت هذه المحادثات، لكنه أوضح أنها ستبدأ في أقرب فرصة ممكنة، وربما في الأيام أو الأشهر المقبلة.


وأوضح التقرير إن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي رحبت بالتمهيد لإجراء مباحثات مع إيران؛ تمهيدا لعقد اتفاقية إستراتيجية في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، في ظل غياب الاستقرار في المنطقة.

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي لـ"الجزيرة نت" إن "هناك محورين في العالم: محور روسي صيني إيراني عربي، وآخر أميركي أوربي عربي أيضا، والعراق بين المحورين تحت ضغوط سياسية خارجية وداخلية، ونتمنى أن يعقد العراق اتفاقيات إستراتيجية مع جميع المحاور، بهدف استقرار البلد وتحقيق مصالح متبادلة".

اتفاقية ملزمة

ورأى رئيس مركز التفكير السياسي الدكتور إحسان الشمري، بحسب تقرير "الجزيرة" أن الاتفاقية المزمعة بين العراق وإيران تأتي موازية أو رديفة لاتفاقية الإطار الإستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، خصوصا، أن إيران تدرك وجود تحول كبير في الداخل العراقي بعد الاحتجاجات الشعبية وطبيعة التداعيات التي أسقطت حكومة عادل عبد المهدي التي كانت قريبة منها.

فضلا عن التحول في الوعي والمزاج الشعبي بوقف أي تمدد خارجي في الداخل العراقي، وربما لإدراك إيران أن الأحزاب القريبة منها تفقد مساحة التأييد في الداخل العراقي، ولذلك توجهت نحو عقد هذه الاتفاقية، والتي ستكون ملزمة للحكومات العراقية اللاحقة، كما يقول الشمري.

وأوضح الباحث العراقي لـ"الجزيرة نت" أن "إيران تدرك جيدا أن هذه الاتفاقية يمكن أن تمرر في البرلمان العراقي، كما تدرك أن عقدها سيحرج الولايات المتحدة، ويعطي رسالة بأنها أيضا تتقاسم النفوذ الإستراتيجي داخل العراق بموازاتها".

وعن عدم إعلان الجانب العراقي عن هذه المحادثات حتى الآن، قال الشمري إن "ذلك يرتبط بعدم نضج هذه الحوارات أو عدم الاتفاق بشكل نهائي على خطوطها وبنودها، فضلا عن ارتباط الأمر بالمرحلة الانتقالية التي تمر بها الحكومة العراقية، وقد لا تسمح لها بعقد هذه الاتفاقية، كما أنها لا تريد أن تحرج نفسها مع الولايات المتحدة، ويبدو أن هناك مزاجا شعبيا قد لا يندفع باتجاه عقد اتفاقية مع إيران، باعتبار ذلك مخالفا لمسارات الرأي العام العراقي، وربما هذا سبب التحفظ للإعلان عنها".

القضايا الخلافية

أما الخبير الإستراتيجي حمزة مصطفى فيرى أن العلاقات الإيرانية العراقية جيدة، وتكاد ترقى إلى مستوى العلاقات الإستراتيجية، بسبب وجود مشتركات كثيرة بين الطبقة السياسية في البلدين، ومنها العلاقات التجارية، حيث تأتي إيران في المرتبة الثانية بعد تركيا، ولكن يبدو أن المقصود بالاتفاقية الإستراتيجية الجديدة هو أن بعض القضايا التي ما زالت موضع خلاف.

وأوضح مصطفى لـ"الجزيرة نت" أن "هناك بعض القضايا بين البلدين تحتاج إلى تحديد أطر، مثل حقول النفط المشتركة، وحرية الملاحة في شط العرب، حيث ما زال العراق يتحفظ على اتفاقية الجزائر عام 1975، وهناك اتفاقات جديدة تتعلق بقضايا المياه المشتركة، وكل هذه المسائل تحتاج إلى اتفاقيات جديدة توضع في أطر ملزمة للطرفين، حينها ستتحول العلاقة بين البلدين إلى علاقة ذات بعد مؤسساتي، خاصة أن بعض القضايا تتعلق بالقانون الدولي إذا تضمنت بعض الاتفاقيات مثل اتفاقية الجزائر، وهذا كله يمكن أن يبرر عزم إيران على عقد اتفاقيات إستراتيجية مع العراق، ولا نعرف حتى الآن رد الفعل العراقي الرسمي في هذا الاتجاه".

ويرى المحلل السياسي إبراهيم السراج وجود ضرورة لتطويق العلاقات العراقية الإيرانية بإطار اتفاقية إستراتيجية رصينة تسهم في تمتين العلاقات بين البلدين، وفي تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، في ظل التوتر وحالة الفوضى التي تخيم على المنطقة.

وقال السراج لـ"الجزيرة نت" إن "البلدين يحتاجان إلى عقد مثل هذه الاتفاقية، في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، كما أن أوضاعهما الداخلية وحجم الضغوط التي تتعرض لها المنطقة قد يدفعان بأن تكون تلك الاتفاقية نموذجية وواقعية، وهناك ضرورة للتعجيل بعقدها، خاصة أن هناك قوى داخلية وخارجية لا تريد لهذه الاتفاقية أن ترى النور، وتسعى بكل جهد من أجل تعكير العلاقات العراقية الإيرانية".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى إنّما لصبر بوتين حدود!