على مر التاريخ، أنهكت أمراض التيفوس والحمى الصفراء والملاريا، البشرية متسببة في وفاة الملايين سنوياً بمختلف أنحاء العالم. وبفضل أبحاث عدد من العلماء بالقرن الماضي، تمكّن البشر من فهم طرق انتقال هذه الأمراض، حيث لعبت الحشرات الدور الأبرز في نقل هذه الآفات للإنسان فعقب جملة من الدراسات التي أجراها أساسا في تونس تمكن الطبيب الفرنسي، شارل نيكول، من تأكيد دور القمل في نقل التيفوس للإنسان كما أثبت كل من العالم الكوبي كارلوس فينلي والطبيبان الأميركي ولتر ريد والبريطاني رونالد روس وقوف أنواع من البعوض وراء نقل عدوى أمراض الحمى الصفراء والملاريا.
عالم الكيمياء بول هرمان مولر
ولد بول هرمان مولر بمدينة أولتن (Olten) السويسرية يوم 12 يناير سنة 1899 لعائلة ميسورة حيث عمل والده لدى مؤسسة السكك الحديدية الفدرالية السويسرية. سنة 1919، التحق مولر بجامعة بازل وتتلمذ في مجال الكيمياء غير العضوية على يد الكيميائي الشهير فريدريك فيشتر (Friedrich Fichter) وتلقى دروسا بمختبر البروفيسور هانز روب (Hans Rupe) ونال درجة الدكتوراه سنة 1925.
وخلال نفس ذلك العام، التحق هذا الكيميائي السويسري بمؤسسة غايجي (Geigy) للأدوية وهي نفس المؤسسة التي حقق معها أعظم إنجازات حياته.
الطبيب الكوبي كارلوس فينلي
من جهة ثانية، آمن بول هرمان مولر بضرورة ابتكار مبيد حشرات فعّال بعد أن لاحظ تراجع محاصيل القمح بالبلاد الذي أتلفت بعض الحشرات الضارة نسبة هامة منه، كما تفاجأ الأخير أيضا من حجم الخسائر البشرية التي سببها مرض التيفوس بروسيا خلال السنوات السابقة وتيقن من ضرورة القضاء على القمل لإنهاء معاناة الناس منه.
صورة للطبيب رونالد هوس
صورة لعملية رش طفل بمبيد دي دي تي بألمانيا عام 1945 عقب نهاية الحرب العالمية الثانية
سنة 1940، حصل مولر على براءة اختراع سويسرية للدي دي تي ونال عام 1948 جائزة نوبل للطب بفضل هذا الابتكار المذهل الذي أثبت فاعليته في القضاء على العديد من الحشرات كالقمل والبعوض وخنفساء كولورادو.
صورة لعملية استخدام مبيد الدي دي تي من قبل جنود أميركيين
ملصقات ترويجية للمبيد الحشري دي دي تي
لاحقا، أثبتت العديد من الدراسات التأثير السلبي للدي دي تي على الطبيعة حيث ألحق هذا المبيد الحشري أضرارا جسيمة بالعديد من الكائنات الحية الأخرى. وبسبب ذلك، لجأت الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا لمنع استخدامه خلال سبعينيات القرن الماضي.