كتب عماد الشدياق في نافذة العرب:
تنفّس سوق النفط في العالم، الصعداء أمس الخميس، بعد توافقٍ وصلت إليه مجموعة "أوبك" زائد روسيا، بفعل ضغوط أوصلت الأسعار إلى أرقام منخفضة قياسية، لم تشهدها الأسواق منذ 18 سنة بعد تراجع النشاط الاقتصادي في العالم وانتشار جائحة فيروس كورونا.
وقد أفضى الإتفاق إلى إعادة التأكيد على إطار العمل الذي وقّعته الدول بينها عام 2016، إضافة إلى تخفيضات انتاج الخام النفطي بمقدار 10 مليون برميل يومياً، وذلك اعتباراً من أول أيار المقبل لمدة شهرين تنتهي في آخر تموز، ثم يليه تخفيض إضافي لستة أشهر بمقدار 8 مليون برميل، ثم 6 مليون برميل لمدة 16 شهراً تبدأ من مطلع العام 2021.
قطاع النفط الأميركي كادت أن تسحقه حرب الأسعار بين المملكة العربية السعودية وروسيا، إذ بدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب عاجزاً وتحت ضغط كبير حيال ما يمكن القيام به، لكن المصلحة العليا في النهاية أفضت إلى فرض الاتفاق أمس بخلاف التوقعات.
الاتفاق وضع حداً لصراع الهيمنة على السوق بين روسيا أكبر منتج للنفط والسعودية أكبر مصدر له، من أجل حجز حصصهما في السوق.
إذاً، في ظل الظروف الاقتصادية وكورونا، كان من الضروري على السعودية التخلي عن سياسة زيادة الانتاج الأحادي وإغراق السوق، لأنّ ذلك كان سيهدد حتماً بوضع المملكة في خانة الخصومة مع شركاء مهمين في أوروبا الشرقية وخصوصاً مع روسيا.
كما أنّ الرياض كانت ملزمة بتحقيق الإستقرار في السوق، وبالتالي الرضوخ حرصاً على مصالحها ومصالح شركائها الخليجيين والعرب، خصوصاً قبل وصول روسيا والولايات المتحدة إلى إتفاق مباشرة أو غير مباشر من خلف الكواليس، ربما كان سيفضي إلى تبنيهما العاجل لإجراءات الطوارئ، بغية تحقيق الاستقرار في السوق، خصوصاً بعد رسائل أعضاء الحزب الجمهوري لولي العهد السعودي الأربعاء التي هددت بوقف التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين ما لم تساعد المملكة في استقرار أسعار النفط وخفض الانتاج... ومن هذان المنطلقان ربما حصل الاتفاق.
وكان خفض السعر من مصلحة موسكو لأنه كان قادر بشكل كبير على وضع حدّ للمنافسة الأميركية المستجدة في قطاع النفط الصخري، وكانت السعودية تردّ على ذلك من خلال رفع الانتاج.
لتذكير الجميع في دورها بالحفاظ على استقرار الأسعار وعدم إغراق السوق، والثانية أنها ستكون من بين آخر المنتجين المتضررين، خصوصاً أصحاب التكلفة المرتفعة مثل الولايات المتحدة.
وقد بدا من مسار المفاوضات بين موسكو والرياض، أنهما كانا يريدان ضمّ الولايات المتحدة إلى الاتفاق الجديد، لكن الأخيرة التي باتت مؤخرا أكبر منتج للنفط في العالم، لم تقبل ذلك وفضلت عدم تقليص إنتاجها.