خبر

عبد الناصر.. في ذكرى ميلاده الـ101

صنعت التظاهرة الأولى التي خرج فيها مندداً بالإنتداب الإنكليزي على مصر حينذاك وهو في عمر الثانية عشرة فقط، مسيرة مناضل حيث ألقي القبض عليه واحتجز لمدة ليلة واحدة، ليقود بعدها بخمس سنوات تظاهرة اخرى، ثقلت شخصيته ليصبح القائد. هو الزعيم العربي جمال عبد الناصر الذي تحل ذكرى ميلاده الـ101، اليوم، أسطورة كرّست زعامة عربية وشخصية فذة لن تتكرر. 

في رواية "عودة الروح" للكاتب المصري توفيق الحكيم، والتي كانت مصدر إلهام لعبد الناصر لإطلاق ثورة 1952، تحدث الحكيم عن أنّ الشعب المصري كان فقط بحاجة الى "الإنسان الذي سيمثل جميع مشاعرهم ورغباتهم، والذي سيكون بالنسبة لهم رمزاً لهدفهم"، بعدها تحول ناصر نفسه الى تلك الشخصية التي تأثر بها، بإجماع شعبي وعربي على جماهيريته. فعبد الناصر كان صاحب مشروع تأثر بداية بالقومية المصرية، وحاول بعد الحرب العالمية الثانية، التحول الى الحركات التحررية والقومية العربية بمواجهة الغرب، وفي ظل الإنقسام العالمي بين القوى الكبرى، ليتيمز وتتميز ثورته عما عداها من حركات قومية بقيادة علمية ومسؤولية حقيقية لمشروع وضعه من أجل التقدّم والتحرر بمواجهة قوى الإستعمار، حيث كان يسعى لإحاطة مصر بتكتل عربي تؤازرها في هذه المواجهة. 

حلم عبد الناصر بإقامة نظام إقليمي عربي، بقي متلازماً مع العداء لإسرائيل، وسط تأكيده على وظيفة هذا الكيان بخدمة الإستعمار الغربي الذي كان يسعى لمواجهته، ودور اسرائيل في تهديد الأمن القومي المصري والعربي على حد سواء، في إطار المنهجية المتبعة لتفتيت الأمة العربية وتقدمها. حلم إصطدم بالإنقسام حينها وفيما بعد بوجهة النظر تجاه العدو الإسرائيلي، وخصوصاً منذ أن سيطر ناصر على الحكم بعد أزمة 1954 الشهيرة، حيث كان يعرف تماماً ضرورة محاصرة الطبقات المرتبطة مصالحها بالإستعمار، وهي دروس يتوجب التعلّم منها، بعد ما شهدناه اليوم من ممارسات سلمت بالوجود الإسرائيلي وأصبحت تجاهر علناً بالمصالحة معها. 
واليوم، ثمة من يقول أنّ أي ثورة قد إنتهت بعد جمال عبد الناصر، حيث كل الحركات التحررية وأي مسيرة للتغيير تبقى سطحية لا تلامس الوجع الحقيقي والحاجة الحقيقية للإستقلال في مواجهة قوى الإستعمار التي لا تزال تتحكم بقرارات الدول العربية. وعبد الناصر كان النموذج ولا يزال للصراع القوي في ظل ما نشهده من أزمات عربية متتالية. 

ولد جمال عبد الناصر في 15 كانون الثاني عا 1918 في الإسكندرية، من أسرة صعيدية، وهو ثاني رؤساء مصر، حيث تولى السلطة منذ 1956 حتى وفاته في العام 1970، إثر تعرضه لنوبة قلبية. وهو أحد قادة ثورة 23 تموز 1952 التي أطاحت بالملك فاروق، والذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء في حكومتها الجديدة. وصل جمال عبد الناصر إلى الحكم، وبعد ذلك وضع الرئيس محمد نجيب تحت الإقامة الجبرية، وذلك بعد تنامي الخلافات بين نجيب وبين مجلس قيادة الثورة. قام عبد الناصر بعد الثورة بالاستقالة من منصبه بالجيش وتولى رئاسة الوزراء، ثم اختير رئيساً للجمهورية في 25 تموز 1956، طبقاً للاستفتاء الذي أجري في 23 تموز 1956.