خبر

المعركة لم تنتهِ بعد.. 3 سيناريوهات ينتظرها الشمال السوري

كتب موقع " عربي بوست": بعد أن أحكمت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) سيطرتها بالكامل على منطقة إدلب في شمال سوريا، لم يتبق أمام الفصائل المعارضة الأخرى من خيارات سوى الرحيل أو الإذعان للهيئة. بعض الفصائل المسلحة الموجودة هي حالياً حليفة للتنظيم الجهادي، لكن على الجماعات الأخرى إما المغادرة إلى مناطق أخرى وإما الاندماج في "حكومة الإنقاذ" التابعة للهيئة. ما هي الفصائل الأخرى؟

هيئة تحرير الشام
تسيطر الهيئة على نقاط العبور إلى الحدود التركية وعلى طريقين سريعين استراتيجيين يعبران إدلب ويربطان المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية مع تركيا. وتضم هيئة تحرير الشام في صفوفها نحو 25 ألف مقاتل، بينهم أجانب، غالبيتهم من جنسيات عربية. وهناك جيوب في المحافظة تسيطر عليها فصائل جهادية أخرى متحالفة مع هيئة تحرير الشام، وخصوصاً فصيل "حراس الدين" المرتبط بـ "القاعدة" والذي يضم آلافاً من المقاتلين السوريين والأجانب، سبق أن قاتل بعضهم في العراق وأفغانستان. وينتمي بضعة آلاف من الجهاديين الآخرين إلى الحزب الإسلامي التركستاني، المتحالف مع هيئة تحرير الشام.

الجبهة الوطنية للتحرير
تشكلت "الجبهة الوطنية للتحرير" في بداية شهر آب 2018، وهي عبارة عن تحالف فصائل عدة، أبرزها حركة أحرار الشام وفصيل نور الدين زنكي. تضم الجبهة عشرات آلاف المقاتلين، بينهم الكثيرون ممن أُجبروا على الانتقال إلى إدلب بعد مغادرة مناطق كانت تسيطر عليها الفصائل المعارضة، لرفضهم اتفاقات التسوية مع دمشق. وتمر فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير"، اليوم، بمرحلة صعبة جداً. فبعد هجوم "هيئة تحرير الشام"، خسرت الجبهة كل المناطق التي كانت تسيطر عليها في غرب إدلب. وألحق الجهاديون هزيمة خصوصاً بفصيل نور الدين زنكي.

"الجيش الوطني السوري"
هو اسم يحمله ائتلاف فصائل تنتشر في شمال محافظة إدلب، وتولت تركيا تدريبها وتسليحها بشكل مباشر. شاركت تلك الفصائل في الهجوم الذي شنته أنقرة والذي أتاح، في آذار 2018، السيطرة على مدينة عفرين الكردية غير البعيدة من الحدود التركية. كذلك، شاركت بالماضي في عمليات عسكرية أخرى قامت بها تركيا بشمال سوريا ضد المقاتلين الأكراد أو تنظيم "داعش". وتسيطر هذه الفصائل القريبة من أنقرة خصوصاً على مدن أعزاز والباب وجرابلس. واحتشد مقاتلوها أخيراً قرب مدينة منبج، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية إثر إعلان انسحاب القوات الأميركية من سوريا في كانون الأول 2018.

سيناريوهات مستقبل الوضع في إدلب

وبعد سيطرة "الهيئة" على الوضع في إدلب بالأمر الواقع، ما هي عواقب ذلك على الأزمة السورية المستمرة منذ 8 سنوات وعلى اللاعبين الأساسيين فيها؟

تمدد الجهاديين

توصلت موسكو وأنقرة في 17 أيلول 2018، إلى اتفاق نصَّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب ومحيطها. ونجح الاتفاق في درء هجوم قوات النظام السوري، المدعومة من روسيا، على منطقة تضم 3 ملايين نسمة، إلا أنه لم يجر تنفيذ بقية بنود الاتفاق. وأوكلت موسكو إلى تركيا، التي تنضوي الفصائل التي تدعمها في تحالف يعرف باسم "جبهة التحرير الوطنية"، نزع سلاح الفصائل المتشددة في إدلب. لكن تركيا فشلت في تحقيق ذلك، وبدلاً من ذلك أخذت "هيئة تحرير الشام" المبادرة بالهجوم. وأدت الاشتباكات العنيفة التي خلفت أكثر من 130 قتيلاً هذا العام، والمكاسب السريعة للهيئة، إلى عقد اتفاقٍ الخميس، ينص على أن يخلي الفصيلان المتبقيان، المدعومان من تركيا، المنطقة بالكامل للجهاديين. وبدا أن تركيا، التي تنشر جنوداً في أجزاء من إدلب وغيرها من مناطق الشمال السوري، لم تفعل الكثير لوقف تمدد "هيئة تحرير الشام". وقال سام هالر، المحلل بمجموعة الأزمات الدولية، إن "تركيا لم تمنع هيئة تحرير الشام من السيطرة، لكن من غير الواضح إن كانت في موضع يمكنها من ذلك".

هزيمة حلفاء تركيا

شكّل التقدم الخاطف للجهاديين في إدلب بداية العام 2019 هزيمة جليّة لعدة فصائل تدعمها تركيا. وقال الجغرافي فابري بالانش الخبير في شؤون سوريا: "بالنسبة إلى تركيا، هذه هزيمة لحلفائها". ووقّع فصيلان في "جبهة التحرير الوطنية"، المدعومة من تركيا، اتفاقاً، الخميس 10 كانون الثاني 2019، مع "هيئة تحرير الشام"، يقضي باستيعابهما من قبل الهيئة. وقال فصيلا "أحرار الشام" و"صقور الشام" إنهما يحتفظان بقواتهما في منطقة إدلب الآن، لكنهما سيخضعان لسلطة "حكومة الإنقاذ" التي تم توسيعها حديثاً. وكما جرى مع قوات "نور الدين زنكي" التي هزمتها الهيئة الأسبوع الماضي، فإن المسلحين الذين يرفضون الخضوع للجهاديين سيعاد -على الأرجح- توزيعهم على مناطق تسيطر عليها تركيا مثل عفرين. وتؤمّن تركيا الدعم من تدريب وتجهيزات بعض هذه الفصائل، وهددت بعملية عسكرية عبر الحدود ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية، لكن العائق الرئيس أمامها كان وجود القوات الأميركية. ومع بدء انسحاب الجنود الأميركيين، الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الشهر الماضي (كانون الأول 2018)، وأكده التحالف الدولي الجمعة 11 كانون الثاني 2019، فإن المجال يصبح مفتوحاً أمام هجوم تركي.

هجوم النظام

سيطرة "هيئة تحرير الشام" على إدلب تعني أن بنود اتفاق أيلول 2018، الذي تم التوصل إليه في سوتشي لم يتم احترامه. وبعد الاتفاق مع روسيا، عُهد إلى تركيا، باستخدام فصائلها في إدلب، بكبح الجهاديين. وجمّد اتفاق سوتشي هجوماً سوريّاً بدا وشيكاً قبل 4 أشهر، وكان يمكن أن يتسبب في أزمة إنسانية بمنطقة يسكنها 3 ملايين شخص. وتركيا، التي تؤمّن حالياً المأوى لنحو 3.6 مليون لاجئ سوري، حريصة على تحاشي جولة جديدة من العنف، الذي قد يسبب موجة نزوح جديدة.

وردّت تركيا، الخميس، بغضب، على الرسائل المتضاربة التي ترسلها الادارة الأميركية حول وتيرة سحب  جنودها، محذرة من أن أي تأخير قد يدفعها لشن هجومها.