خبر

روسيا تحذّر أصدقاءها من الذهاب بعيدا في "منصة القرم"

نبيل الجبيلي نقلاً عن "عربي21"

كلما انطفأت قضية شبه جزيرة القرم، تعود أوكرانيا إلى تعويمها في وسائل الإعلام. هذه المرة عاد الحديث عن هذا الملف من نافذة "منصة القرم الدولية"، التي أطلقتها أوكرانيا قبل سنوات من أجل محاولة استعادة شبه الجزيرة، لكن من دون طائل.

في حينه، أطلقت أوكرانيا ما اعتبرته "تنسيقا دوليا وشكلا استشاريا جديدا"، عنوانه "منصة القرم" بوصف تلك المنصة عنصرا من عناصر الرؤية الاستراتيجية لتحرير شبه الجزيرة، في محاولة منها لتعزيز الاهتمام الدولي بشبه الجزيرة.

وتقول كييف إنّ جهود المجتمع الدولي يجب أن تنصبّ على:

1- تحرير القرم.

2- رفض محاولات تغيير الحدود المعترف بها دوليا بواسطة القوة.

لكن برغم هذا الادعاء، فإنّ كييف تتجاهل "الأمر الواقع"، الذي يؤكد أنّ شبه الجزيرة قد أمست جزءا لا يتجزأ من الاتحاد الروسي.

أمّا الجديد اليوم، فهو ما يُتناقل من معلومات حول محاولات كييف، لاستقطاب ممثلين إضافيين من دول الشرق الأوسط وقارة أفريقيا، وذلك بغية حضّهم على المشاركة في القمّة البرلمانية الثالثة لـ"منصة القرم" المقرّر عقدها في 24 تشرين الأول/ أكتوبر الحالي (بعد قرابة أسبوع)، وذلك بمدينة ريغا في لاتفيا، التي سبق أن استضافت الشهر الفائت 11 أيلول/ سبتمبر، القمة الرابعة لزعماء الدول المشاركة في منتدى "منصة القرم".

في حينه، كان أبرز المشاركين في القمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي قال إنّ أنقرة كانت ضد انضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا، معتبرا أنّ عملية الضم أدت إلى "تعميق الضرر" الذي لحق بسلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها، ومشيرا في الوقت نفسه إلى أنّ دعم استقلال أوكرانيا هو الأولوية الدائمة لتركيا.

وبطبيعة الحال، رفضت موسكو هذا الكلام بأسلوب دبلوماسي لائق، إذ قال السكرتير الصحفي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف إنّ "آراء روسيا وتركيا بشأن هذه القضية مختلفة تماما، لكنّ الجانب الروسي لن يتوقّف عن تذكير أنقرة بموقفه". وفي الوقت نفسه، أكد أنّ الكرملين "لن يتخلى عن محاولات الاستمرار بشرح وجهة نظره إلى أصدقائه وشركائه الأتراك".

وتاريخيا، كانت شبه جزيرة القرم جزءا من الإمبراطورية الروسية، وكذلك لاحقا، كانت جزءا من جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفييتية. أما في شهر آذار/ مارس عام 2014، فقد أجرت شبه الجزيرة استفتاء، قال خلاله سكانها كلمتهم الحاسمة، واتخذوا قرارا طوعيا، قضى بعودة شبه جزيرة القرم إلى الحضن الروسي.

وبناء على ذلك، فإنّ موسكو تعتبر، اليوم وبشكل حاسم، أنّ قضية شبه جزيرة القرم قد تم إغلاقها بصورة نهائية مذّاك التاريخ، أي يوم تبنى سكان شبه الجزيرة هذا القرار الذين حققوه بصعوبة في استفتاء جرى "بعد الانقلاب غير الدستوري" في كييف في شباط/ فبراير 2014.

كما ترى موسكو أنّ هذا القرار قد أتاح لسكان القرم "التأكيد على إخلاصهم لتاريخهم وثقافتهم الروسية، وحقهم في التحدث بلغتهم الأم، بما في ذلك الأوكرانية ولغة تتار القرم"، وبالتالي فإن هذا الاستفتاء قد "جنّبهم الحرب الأهلية التي أشعلتها كييف فيما بعد في إقليم دونباس"، على حدّ توصيف المسؤولين الروس.

وعليه ترى موسكو اليوم أنّ المشروع الأوكراني الحالي هو مجرد "شعبويات" و"مسرحية منفصلة عن الواقع"، هدفها "إبقاء موضوع شبه جزيرة القرم قائما في فضاء الإعلام الغربي"، بينما مشاركة بعض الدول والمنظمات الدولية وممثليها في "منصة القرم"، هو بمنزلة تطاول على وحدة أراضي الاتحاد الروسي، ولا يُستبعد أن يؤدي هذا السلوك إلى تراجع العلاقات بين روسيا وبين تلك الدول.

كما يرى المسؤولون الروس أنّه من المستحسن لدول الشرق الأوسط وأفريقيا، تطوير التعاون مع "أكبر قوة نووية على الكوكب (روسيا)، والحفاظ على علاقاتهم دافئة معها"، وكذلك "عدم المشاركة في الاستفزازات التي يحاول أن تفتعلها كييف بلا أيّ جدوى تكتيكية أو استراتيجية".

وعليه، تشبّه دوائر القرار الروسي "منصة القرم"، من حيث الشكل والمضمون، بـ"مبادرة السلام الأوكرانية"، التي عُقدت في شهر حزيران/ يونيو الماضي في سويسرا، ولم تؤد إلى شيء، بل كانت "مشروعا أوكرانيا فاشلا" يضاف إلى لائحة الإخفاقات التي سجّلتها كييف في سجل وقف الصراع الدائر منذ أكثر من سنتين، وجل أهدافه هي: نشر أطروحات مناهضة لروسيا، لا أكثر.