خبر

تضارب تركي: دعم كييف عسكرياً أو دعوات للسلام؟

عماد الشدياق نقلاً عن "إيلاف"

فيما يُتردد بوسائل الإعلام أنّ تركيا تسعى إلى تقديم مشروع "اتفاق سلام" بين روسيا وأوكرانيا مبنيّ على التفاهمات التي تمّ التوصل إليها خلال المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول عام 2022، تحاول بعض الشركات التركية "الاصطياد في الماء العكر"، وذلك من خلال تقديم الدعم الفني والعسكري للقوات الأوكرانية، بالرغم من الموقف التركي الرسمي القاضي بالوقوف على الحياد.

التقارير الإعلامية التي نفت صحتها الرئاسة التركية، تشير إلى أنّ مشروع الاتفاق التركي ينصّ على "تجميد النزاع عند خطوط التماس"، وكذلك "تقديم أوكرانيا ضمانات لعدم انضمامها إلى أيّ أحلاف حتى العام 2040".

الجبهة الأوكرانية تتداعى
هذه المعلومات تقاطعت في الوقت نفسه مع تقارير أوروبية أخرى، تفيد بأنّ الوضع العسكري في كييف ليس على ما يرام، إذ أقرَّ قائد القوات الأوكرانية ألكسندر سيرسكي بتدهور الوضع على الجبهة الشرقية بشكل كبير في الأيام الفائتة، مشيراً إلى تقدم الجيش الروسي باتجاه مدينة تشاسوف يار في جمهورية دونيتسك.

وقال سيرسكي في منشور عبر قناة على تلغرام: "تدهور الوضع على الجبهة الشرقية... ويرجع ذلك في المقام الأول إلى التقدم النشط للقوات الروسية"، لافتاً إلى أنّ القوات الأوكرانية تتعرض للهجوم في مناطق كراسني ليمانسك، وأرتيموفسك في دونيتسك، محققة نجاحاً تكتيكياً ملحوظاً من خلال استقدام تعزيزات ووحدات جديدة.

وعود أوكرانية بهجوم مضاد آخر
الأمر نفسه كشفته صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية قبل أيام، إذ قالت إنّ الوضع على الجبهة ليس في صالح كييف، وأن احتمال هزيمة أوكرانيا عاد إلى طاولة النقاش في الدول الغربية مرة أخرى.

الصحيفة أشارت إلى أنّ الهجوم المضاد الفاشل الذي شنته كييف العام الماضي، اضطر الجيش الأوكراني إلى التراجع نحو مواقع دفاعية، بينما يمارس الجيش الروسي ضغطاً مستمراً، محاولاً اختراق الخطوط الأوكرانية، كما أوضحت الصحيفة الفرنسية أنّ القتال المتزايد والمعارك، ستجعل أيّ هجوم مفترض، يستغرق وقتاً طويلاً وقد يتسبّب بخسائر أوكرانية فادحة. ومن هذا المنطلق، رأت "لو فيغارو" أنّ هزيمة أوكرانيا باتت محتملة، ولهذا عادت النقاشات الغربية مجدداً حول تلك الهزيمة الوشيكة.

ويتقاطع هذا الكلام مع محادثات أجراها مسؤولون فرنسيون مع نظرائهم الأوكرانيين الذين وعدوا باريس بشن هجوم مضاد آخر في العام 2025، شرط الحصول على مساعدة من فرنسا. كما نقلت الصحيفة عن مسؤول فرنسي خاض حواراً مع الجانب الأوكراني، أنّ "الأوكرانيين يقولون لنا: 'ساعدونا على الصمود في عام 2024، وفي عام 2025 سنكون قادرين على شن هجوم مرة أخرى'".

وتزامناً مع هذه المعطيات، كان المستشار الألماني أولاف شولتس يعترف بأنّ ألمانيا سيتعين عليها إمداد أوكرانيا بالأسلحة والذخيرة لفترة طويلة، لأنّ الحرب في ما يبدو "لن تكون قصيرة"، معترفاً في الوقت نفسه بأنّ العديد من المواطنين الألمان يخشون من تصعيد الوضع، وخوفهم هذا قد يبدو مفهوماً".

وتؤكد موسكو أن إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا تتعارض مع موجبات التسوية، وتجعل دول الناتو شريكة بشكل مباشر في الحرب، وذلك من خلال تدريب الأفراد وتوفير الأسلحة والذخائر.

جهات تركية تدعم كييف؟
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، تتبنى الدولة التركية موقفاً محايداً منها، بالرغم من أنّها عضو فاعل في حلف الناتو، رافضة السير بالعقوبات الغربية ضد روسيا. لكن التدقيق في الإجراءات المستجدة يكشف أنّ أنقرة لم تتردّد ببعض الحالات، في تقديم الدعم الفني وأحياناً العسكري لكييف، ولكن بشكل خفيّ.

ومؤخراً كشفت وسائل إعلام روسية، عن محاولات تقوم بها بعض الجهات التركية من أجل دعم كييف بالأسلحة. إذ أفادت بقيام شركة الصناعات العسكرية التركية Makdef Savunma Sanayi Ve Ticaret A.S بتزود الجانب الأوكراني على مدى الشهرين المقبلين من مخازنها وعبر أراضي دولة ثالثة، بدفعة كبيرة من المعدات العسكرية والذخائر.

وتقول أوساط صحافية روسية إنّ تلك الشركة ستقدم إلى كييف أنظمة "هاون" بالإضافة إلى المقذوفات الخاصة بها. أمّا تلك الأسلحة فستكون مخصّصة لاحتياجات القوات المسلحة الأوكرانية "لأغراض عسكرية" من أجل مهاجمة القوات المسلحة الروسية.

البحث عن تلك الشركة على الإنترنت يُظهر أنّها مسجلة بالفعل في تركيا، وتحديداً في اسطنبول، ضمن منطقة شيشلي، في برج "ترامب"، كما لها فرع رئيسي في العاصمة أنقرة.

أمّا موقعها الرسمي فيُظهر أنّها متخصصة في إنتاج وتوريد المعدات العسكرية الدولية والذخيرة والأسلحة والزي الرسمي ومعدات الحماية الشخصية. بينما توجد مكاتب تمثيلية للشركة في الولايات المتحدة الأميركية، في ولاية ميامي – فلوريدا، وكذلك في الإمارات العربية المتحدة (دبي)... وهذا كلّه يشير إلى أنّ الكلام حول اتفاق السلام أو حتى الحياد التركي، ربما يكون مخصصاً لأغراض الاستهلاك الإعلامي، في حين أن الحسابات السياسية والمصالح تُدار في الخفاء وفق اعتبارات أخرى مختلفة.