خبر

عيد الفطر الروسيّ: أوّله معايدات ومآدب… وآخره "قفص ذهبيّ"

نبيل الجبيلي نقلاً عن "أساس ميديا"

يستعدّ المسلمون في روسيا للاحتفال بعيد الفطر المبارك الذي يسمّى في بلادهم “أورازا بيرم”، الذي يعني “عطلة عيد الفطر” في اللغة الروسية. وهو يُستهلّ كما في الدول الإسلامية بصلاة العيد. لكنّ الصلاة تلك أُثير حولها هذه السنة الكثير من الشائعات، بعد الهجوم الإرهابي الذي ضرب العاصمة الروسية موسكو منتصف رمضان، وقيل إنّ المصلّين سيقيمونها في منازلهم وستُنشر عبر الإنترنت.

المعلومات عن أنّ المسلمين في روسيا يستعدّون للاحتفال بعيد الفطر المبارك الذي يسمّى في بلادهم “أورازا بيرم”، في منازلهم وعبر الانترنت، نفتها مرجعيات دينية روسية لـ”أساس”. كما نفاها مفتي موسكو ونائب رئيس الإدارة الروحية للمسلمين إلدار علي أوتدينوف في بيان رسمي. إذ أكّد أنّ “المسلمين في العاصمة موسكو وضواحيها سيحيون صلاة العيد في العاشر من نيسان كالمعتاد. وكلّ ما أثير حول إحيائها عبر الإنترنت غير صحيح”.

دعا علي أوتدينوف بعد اجتماع مخصّص لعطلة عيد الفطر عقده مع السلطات في موسكو، جميع المشاركين في الصلاة إلى “مراعاة النظام والاستماع إلى مطالب الشرطة والمتطوّعين، وعدم إحضار حقائب أو حقائب ظهر ثقيلة وكبيرة” إلى مساجد العاصمة. إذ كما يُتوقّع أن يحضر هذا العيد نحو نصف مليون مصلٍّ في أماكن مختلفة من العاصمة.

القوقاز الروسيّ حاضر “كالعادة”

أمّا الإمام والداعية الإسلامي في إنغوشيتيا (إحدى الجمهوريات الإسلامية في القوقاز الروسي) حمزة تشوماكوف، فأكّد في حديث لـ”أساس” أنّ “شهر رمضان هذه السنة كان كالعادة مليئاً بالبركات والخير والمحبّة بين الناس”. مؤكّداً أنّ مسجد ناصر كورت في مدينة نزران الذي يؤمّ المسلمين فيه “سيغصّ بالمصلّين صباح يوم العيد… كما كانت الحال خلال صلاة التراويح على مدى أيام شهر رمضان”.

قال تشوماكوف إنّ “عيد الفطر بالنسبة إلينا نحن المسلمين الروس، هو فرحة كبيرة ننتظرها في إنغوشيتيا وسائر المناطق الروسية المسلمة بفارغ الصبر، ونستقبلها بالسعادة لأنّنا شعب يحبّ الخير والفرح”.

وعن تبعات الحادث المؤلم الذي وقع في موسكو قبل أسابيع، وقيل إنّ الفاعلين هم من المسلمين، أكّد تشوماكوف أنّ “الإسلام براء من هذا الجرم. هؤلاء ليسوا مسلمين لأنّ المسلم الحقيقي لا يؤذي الأبرياء والآمنين، وخصوصاً خلال شهر رمضان”. وأضاف: “هذه الحادثة آلمت قلوبنا ونرجو من الله عزّ وجلّ ألّا تتكرّر أبداً”.

لدى سؤاله عن حضور المصلّين هذه السنة إلى المساجد في القوقاز في ظلّ الظروف الحالية، طمأن تشوماكوف إلى أنّ “القوقاز عامّة في أمان واطمئنان، وسيحضر الناس كالعادة بالآلاف”، متمنّياً في الختام أن “يعمّ السلام في بلاد سائر المسلمين في العالم، وخصوصاً في فلسطين وبين أهلها”، داعياً “الله عزّ وجلّ أن يفرّج همّهم ويُنهي كُربَتهم ويحميهم من كلّ شرٍ وأذى”.

“أورازا بيرم” يوم غير عاديّ تنتظره النساء

يفطر المسلمون الروس في عيد الفطر بعد صيام صارم. يقصدون المساجد ليلاً بالآلاف لإقامة صلاة التراويح مثل جميع المسلمين في العالم. ويقومون خلال الشهر المبارك بالتصدّق وإطعام المحتاجين والأقارب والأصدقاء.

وفيما ينشغل الرجال في الطاعة والعبادة، تقوم النساء المسلمات في معظم جمهوريات روسيا المسلمة، بالتحضير طوال رمضان لذاك اليوم الموعود، ويتحضّرن لاستقبال المهنّئين.

بخلاف التقاليد العربية، فإنّ زينة العيد لدى المسلمين الروس، هي عبارة عن “ورشة”. يقومون خلالها بإصلاح وترميم المنازل وتأهيل حدائقها وأسوارها. فيُبدلون كلّ قديم ويزيّنون الحدائق بالأزهار والورود كرمى للعيد.

النسوة كخلايا النحل. يعملن بلا ملل: كلّ واحدة منهنّ تريد أن تكون الأفضل في صناعة الحلويات، وهي غالباً أنواع “كيك العيد”. وكذلك تقديم أشهى الأكلات، فيتبارين ويتفنّنّ في تزيين الأطباق وعرضها على الموائد.

وفي الوقت نفسه لا يفوتهنّ شراء أجمل الملابس والفساتين الجديدة ككلّ عام، لتكون كلّ واحدة منهنّ في أبهى مظهر. لأنّ عيد الفطر هو مناسبة تنتظرها العازبات في كلّ سنة، وقد يكون اليوم الذي قد يهجرنَ فيه العزوبية. ففي هذا اليوم يقصد “العريس” منزل ذويها لأنّه مخصّص لاستقبال الضيوف “بلا إحم أو دستور”.

أمّا الرجال فيشترون البدلات والأحذية البرّاقة، فتراهم في هذا اليوم كرجال الأعمال متأنّقين يهجرون الملابس السبور و”الكاجويل”. ويكونون مهذّبي الذقون غير مهملين لشكلهم وهيئتهم… فهذا اليوم هو موعد لحدث جلل يبشّر بدخول صاحب النصيب “قفصه الذهبي”… ولا مناسبة أنسب من عيد الفطر الذي يستطيع فيه الشابّ أن يدخل بيوت الناس دون الحاجة إلى طلب إذن أو دعوة، لأنّ يوم العيد هو يوم يفوق الخيال في “كَرَمَ الضيافة”. خصوصاً في جمهوريّتي الشيشان وإنغوشيتيا.

في هاتين الجمهوريّتين، تُفتح أبواب البيوت على مصراعيها، وترحبّ النساء بضيوفهنّ ويكرمنَ الغريب. هناك يمكنكَ أن تدخل وتجلس وتُعامل معاملة أهل البيت وتحلّ ضيفاً كريماً.

بالإضافة إلى الصلاة ودفع الزكاة واختيار العرائس، اعتاد المسلمون الروس، كما المسلمون في العالم، زيارة القبور. وتوزيع الأموال على الفقراء على شكل صدقات وإعطاء “كفّارة لمن يتوق”، خصوصاً لصناديق المسجد التي تعدّ أكثر من 7,000 مسجد في سائر روسيا.

بعد تلك الطقوس، يبدأ السعي الكبير، فيجوب الرجال والشباب المدن والأحياء ويمرّون على البيوت، فلا يفوتهم منزل أو دار. يبدأون صباحاً ولا ينتهون حتى منتصف الليل.

أمّا عند الوداع فيحصل الزوّار على “هدايا العيد”. وهي عبارة عن ربطة عنق أو قميص. وكلّ منزل بحسب قدرته… ويستمرّ هذا الطقس على مدى أيام العيد الثلاثة، بينما يكون اليوم الرابع مخصّصاً للنساء من أجل تبادل الزيارات.