عماد الشدياق نقلاً عن "القدس العربي"
اقترح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف مطلع العام الحالي، نشر فرقة من قوات بلاده في منطقة الشرق الأوسط ودول افريقيا، وذلك من أجل المشاركة في مهام الأمم المتحدة، التي تعتبرها أستانا “فرصة من أجل المساهمة في إحلال السلام في المناطق غير المستقرة حول العالم”.
بعثات حفظ السلام
هذا الاقتراح الذي تم طرحه خلال الاجتماع المشترك لمجلسي البرلمان الكازاخستانيين في 19 كانون الثاني (يناير) الفائت، حَظيَ بإجماع النواب، مما مهّد الطريق أمام كازاخستان للمساهمة بما يصل إلى 430 فرداً عسكرياً إضافياً في مختلف بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
ومن المفترض أن تشارك القوات الكازاخستانية في:
– قوة مراقبة الأمم المتحدة لفض الاشتباك في مرتفعات الجولان على الحدود السورية – الإسرائيلية.
– هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة بين فلسطين وإسرائيل.
– بعثة الأمم المتحدة في جمهورية جنوب السودان.
– قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة في أبيي.
وستكون هذه الوحدة بمنزلة “سرية احتياط” لبعثة الأمم المتحدة في الجولان، حيث من المقرر أن تنتشر خلال شهر آذار (مارس) المقبل، عشية إبرام اتفاقية دولية مع الأمم المتحدة، تحدّد الالتزامات والدعم المالي واللوجستي لمشاركة كازاخستان.
وحسب السلطات الكازاخستانية، فإنّ القوة سوف تغطي عملية نقل الوحدة والمعدات، ومن أجل هذا الغرق فقد تمّ تخصيص ما يقارب 8 ملايين دولار.
يُشار إلى أنّ لدى كازاخستان موظفين يعملون في مختلف بعثات الأمم المتحدة، بما في ذلك 6 وحدات في الصحراء الغربية، واثنان في جمهورية افريقيا الوسطى، واثنان في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكذلك 9 وحدات على الحدود بين إسرائيل وجنوب لبنان، التي تشهد اليوم تصعيداً كبيراً يهدد باندلاع حرب موسعة، نتيجة الحرب الدائرة في قطاع غزة مع الفلسطينيين.
ولدى كازاخستان التزام طويل الأمد في حفظ السلام الدولي، حيث شاركت في بعثات السلام التابعة للأمم المتحدة لسنوات عدّة.
ومنذ استقلالها في عام 1991، زادت كازاخستان مشاركتها في قوات الأمم المتحدة بشكل مضطرد. فانتقلت من عدد صغير من الخبراء وضباط الشرطة إلى نشر كتيبة حفظ السلام في عام 2000.
وقد لعبت كتيبة حفظ السلام الكازاخستانية دوراً حاسما في بعثات الأمم المتحدة، وبخاصة في دولة العراق، حيث قامت مفرزة الهندسة وخبراء المتفجرات التابعة لها، بتحييد أكثر من 4 ملايين لغمٍ وأجهزة متفجرة.
الخدمات الأساسية
وعلى مرّ السنين، قدم أفراد الجيش الكازاخستاني الخدمات الأساسية، بما في ذلك مياه الشرب والرعاية الطبية، للسكان المحليين في كل الدول التي حلّوا بها.
لكن في السنوات الأخيرة، واصلت كازاخستان توسيع دورها في عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة، فأرسلت أفراداً عسكريين إلى دولة ساحل العاج (كوت ديفوار) الأفريقية، والصحراء الغربية، ولبنان، وجمهورية افريقيا الوسطى، وكذلك مالي.
وتشير عمليات نشر الجنود في هذه الدول، إلى التزام أستانا الثابت المستمر بإحلال السلام الدولي، كما تؤكد جهودها لتعزيز صورتها العالمية من خلال تلك المشاركة النشطة في مبادرات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام.
وفي هذا الصدد، تقول الأوساط الكازاخية، إنّه “في عصر الانهيار المستمر لبنية الأمن الدولي وزيادة منسوب الصراعات في جميع أنحاء العالم، فإنّ كازاخستان واحدة من الدول القليلة التي تواصل اتباع مبادئ الأمم المتحدة بحزم”، إذ تتمتع كازاخستان بالخبرات الواسعة في مجال المشاركة ببعثات الأمم المتحدة من أجل هذا الهدف. أي حفظ السلام.
ففي سنوات الاستقلال فقط، شارك نحو 1000 عسكري في مختلف المهام تحت رعاية الأمم المتحدة. هذه التجربة “ساعدت بشكل كبير على إرساء الاستقرار، مثلاً، خلال الحرب الأهلية في طاجيكستان، وكان لها أهمية كبيرة”.
بالنسبة لكازاخستان، فإنّ المشاركة في هذه البعثات، هي في المقام الأول “رغبة كازاخستانية في المساهمة بإحلال السلام في المناطق غير المستقرة”، وكذلك “هي طريقة جيدة للتمثيل السياسي الإيجابي على الساحة الدولية”.
وعلى مدار ثلاثة عقود، ظلت كازاخستان تبني صورة صانع السلام والحكم في حلّ الصراعات الدولية. ولذلك، فإن قيادة البلاد لا تفوت الفرصة اليوم من أجل توكيد استعداد أستانا للمساهمة في تهدئة الصراعات”، وقد أشارت الأمم المتحدة مراراً وتكراراً إلى هذه الجهود وأثنت عليها.
تتمتع كازاخستان حالياً بسمعة جيدة بسبب هذه المهام، باعتبارها دولة حفظ السلام. ولهذا أعطت الأمم المتحدة كازاخستان، ولأول مرة في تاريخها، تفويضاً من أجل القيام بمهمة مستقلة.
تكشف الأوساط الكازاخستانية أنّ ثمة عاملاً حاسماً آخراً تهتمّ به كازاخستان من خلال تلك البعثات، وهو حاجتها إلى اكتساب الخبرات العسكرية. إذ تُظهر الممارسة، أن “الجيوش الأكثر استعدادًا للقتال هي دائمًا تلك التي تكتسب باستمرار خبرة عسكرية حيّة”.
وعليه، فإنّ كازاخستان التي لم تشارك بشكل مباشر في الصراعات العسكرية، تهتم بأن تكون نشطة في مثل هذه المهام، بوصفها “فرصة جيدة لاكتساب الخبرات العملية والعسكرية”.
أخبار متعلقة :