خبر

المعاناة اليومية توحد الليبيين.. 'التوزيع العادل ونقل المصرف' لحل الأزمة

تزداد حالات الإصابة بفيروس كورونا في نظام صحي متداع أصلا، وفي المقابل يزيد السياسيون من انقساماتهم، ولا يبتعد ظل الحرب عن البلاد، فتخرج الجموع في مظاهرات حاشدة، معبرين عن معاناتهم اليومية التي توحد الشرق والغرب في دولة بها أضخم احتياطيات نفطية مؤكدة في إفريقيا.

في مدينة بنغازي (الواقعة بشرق ليبيا) لا يزال العشرات يخرجون إلى الشوارع، احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي وظروف المعيشة، وأحرق بعضهم إطارات سيارات، كما أغلقوا بعض الطرق.

ولنفس الأسباب، خرج المئات إلى الشوارع في العاصمة طرابلس، الشهر الماضي، وعكست لافتاتهم معاناتهم اليومية من تقلص إمدادات الكهرباء هذا العام، وتدهور مستوى المعيشة، وسط تصاعد في حالات الإصابة بفيروس كورونا.

وبينما تملك ليبيا احتياطات ضخمة من النفط والغاز، يعاني مواطنوها من تدهور إمدادات الكهرباء بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات الطاقة.


لكن نقص الوقود ليس السبب الوحيد، فقتال الميليشيات المتناحرة، وعدم صيانة محطات الكهرباء، وسرقة الكابلات الكهربائية تؤدي إلى زيادة الأزمة ما ينعكس تقنينا إضافيا في التيار الكهربائي.

تقول فاطمة غندور، كاتبة صحفية ليبية تقيم في القاهرة، لموقع "الحرة"، إن المظاهرات في الشرق والغرب تهدف لتوفير الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه ووقود.

اتهامات متبادلة
والشهر الماضي، حذرت المؤسسة الوطنية للنفط من انقطاعات أسوأ للتيار الكهربائي في شرق البلاد، قائلة إن النقص ناتج عن الحصار الذي يفرضه قوات شرق ليبيا على منشآت النفط والغاز منذ شهور. 

وفرضت قوات الشرق الليبي الحصار في كانون الثاني، مما قلل إنتاج النفط الليبي من أكثر من مليون برميل يوميا إلى أقل من مئة ألف، وساهم في الانهيار الاقتصادي بالبلاد.

وبحسب معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني، فإن ليبيا بإمكانها أن توفر نحو 1.3 مليون برميل من النفط يوميا للسوق العالمية من موانئها النفطية التي تتركز في الشرق الليبي، بينما يستقبل المصرف المركزي، الذي يتخذ من طرابلس مقرا، عوائد بيعها.

في المقابل، اتهمت قوات الشرق المؤسسة الوطنية للنفط، ومقرها طرابلس، بعدم استيراد ما يكفي من الوقود لتشغيل المحطات، لترد الأخيرة بالقول إن واردات الديزل اللازمة لتشغيل المحطات تسبب لها "صعوبات مالية بالغة".

"20 ساعة بدون كهرباء"
تعلق غندور قائلة: "بالطبع تعليق عمل منشآت النفط والغاز أثر على المشتقات النفطية، الأمر الذي أثر بدوره على الحياة اليومية للمواطنين".

وتحكي غندور عن معاناة أسرتها التي تسكن بالعاصمة طرابلس، قائلة إن انقطاعا كاملا للكهرباء يستمر لـ20 ساعة متواصلة يوميا، الأمر ذاته يحدث في مناطق جنوبية، هناك بعض المناطق التي تأتيها الكهرباء لثلاث ساعات فقط".

ولا يتمكن المواطنون من الاستفادة بهذه الساعات المعدودة للكهرباء التي لا تكفي لشحن الهواتف أو تشغيل مضخات المياه.

ووفقا لموقع "تريدنغ إيكونوميكس"  (Trading Economics)، فإن نسبة الليبيين الذين كان يحصلون على الكهرباء عام 2010 بلغ 81%، بينما هبط المؤشر إلى 67% في 2020.

"شرط التوزيع العادل"
وبحسب غندور، فإن الشرق الليبي كان يتمتع بإمدادات كهرباء أفضل مقارنة بالغرب، إلا أن بعض الجماعات الداعمة لقوات الشرق، عمدت إلى توقف بعض المحطات عن العمل، تعبيرا عن عدم التوزيع العادل للثروة بين المناطق الليبية.

ولا تنفصل المظاهرات التي تحدث في بنغازي، والتي تخللتها أعمال عنف في بعض المناطق بين داعمين لشخصيات سياسية، ومن قبلها طرابلس، عما يدور في المسارات السياسية التي شهدت انفراجة.

فالخميس الماضي، أعلن الفرقاء الليبيون المجتمعون في بوزنيقة بالمغرب، التوصل إلى اتفاق شامل حول المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لتولي المناصب السيادية بعد جولة مفاوضات.

والسبت، ذكرت السفارة الأميركية في ليبيا، في بيان، أن قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر تعهد بإنهاء حصار المنشآت النفطية المستمر منذ شهور.

وقادت الولايات المتحدة جهودا لإنهاء إغلاق منشآت النفط، وسط مسعى دبلوماسي أكبر لتعزيز وقف إطلاق النار الذي نصت عليه مبادرة القاهرة في حزيران الماضي، والتوصل لاتفاق سياسي بين المعسكرين المتناحرين بشرق وغرب البلاد.

ونقلت رويترز عن مصدر مقرب من حفتر أن القائد العسكري "استطاع تحقيق شرط التوزيع العادل لإيرادات (النفط) لأول مرة في تاريخ ليبيا"، مضيفا أن إعلانا رسميا سيصدر قريبا.

وبينما لم يتضح بعد موعد افتتاح الموانئ وحقول الخام وما هو الشرط الذي حصل حفتر على الموافقة عليه، قال رئيس مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية محمد الأسمر لموقع "الحرة" إن حفتر تعهد في موعد أقصاه 12 أيلول بفتح الحقول والموانئ النفطية للضخ.

وأضاف: "في المقابل، قدمت الولايات المتحدة ضمانات بخصوص شفافية صرف عائدات النفط، وتوزيعها بالتساوي بين المناطق الليبية، وعدم وصولها للميليشيات الإرهابية".

بينما أشارت فاطمة غندور إلى أن الشرط الذي حققه حفتر بمفاوضاته تمثل في أن يكون المصرف الليبي في الشرق بدلا من طرابلس، قائلة إن ذلك يمهد لمبدأ تقسيم المناصب وتوزيع الثورة على الأقاليم الليبية، بدلا من المركزية المقيتة المتمركزة في طرابلس".