خبر

'فورين بوليسي': بعد 19 عاماً على 11 أيلول.. كيف قاد أيمن الظواهري تنظيم 'القاعدة'؟!

نشرت مجلّة "فورين بوليسي" تقريراً أشارت فيه إلى أنّها وبعد 19 عاماً على اعتداءات 11 أيلول التي هزّت الولايات المتحدة الأميركية، فإنّ زعيم "تنظيم القاعدة"، أيمن الظواهري، لم يحقق بعد الشهرة التي أثارها سلفه السابق أسامة بن لادن، ويعود ذلك جزئيًا إلى أنّ الولايات المتحدة لم تهتم به بما يكفي، ولم تركز الانتباه عليه.

 

ونقل موقع "الحرّة" عن المجلة قولها إنّه وبصرف النّظر عن المبادرات المالية الهائلة للاستخبارات حول مكان وجوده، فقد وضعت مكافأة قدرها 25 مليون دولار على رأسه، وهي أعلى مكافأة للقبض على إرهابي في العالم، إلا أنّ الحكومة الأميركية كانت غير مبالية نسبيًا بشأن "القاعدة" منذ تولي الظواهري زمام الأمور في عام 2011، حتى أن بعض محلّلي الإرهاب يرون أن الظواهري على قيد الحياة ألحق ضرراً بـ"القاعدة" أكثر مما يمكن أن يلحقه بها قتله.

 

لكن، وبحسب المجلة، فإنّ هذا الاستنتاج لا يتوافق مع المسار الأخير للتنظيم، في حين أن "القاعدة" لم تكن قادرة على تكرار هجوم مثل 11 أيلول، إلا أن التنظيم لا زال يحتفظ بفروعه في مناطق عبر إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا.

 

وأكّدت المجلة الأميركية أنّ زعيم "القاعدة" الحالي لا يقل خطورة على الولايات المتحدة عن زعيمها القديم بن لادن، وأشارت إلى أنّه بالرغم من أن الظواهري متقدم في السنّ ويكرّر نفسه بخطب طويلة ومتقعّرة، بالمقارنة مع بن لادن، إلا أنّه مقيّد في استراتيجيته العملياتية ومتصلب في أسلوب إدارته.

 

نقاط ضعف الظواهري
ويشير المنتقدون إلى الشرخ بين "القاعدة" و"جبهة النصرة"، فرعها الرئيسي في سوريا، باعتباره رمزًا لعدم كفاءة الظواهري في القيادة، وأن ظهور تنظيم داعش في أعقاب وفاة بن لادن، وقدرته على فرض نفسه كقائد لـ"الجهاد العالمي"، ليس فقط دليلا على زلات إدارة الظواهري، ولكن أيضًا على إخفاقاته في تطوير أيديولوجية "جهادية" يمكن أن تضاهي تركيز داعش على الدولة الإقليمية والعنف الشديد.

 

وترى المجلة أنّ نقاط الضعف الظاهرة للظواهري ساعدت في نهاية المطاف التنظيم، فالظواهري، على سبيل المثال، يعارض بناء الدولة، وهو الموقف الذي كان يحمي القاعدة ويوفر للتنظيم راحة نسبية، في وقت أصبحت فيه داعش هدفًا مباشرًا لجهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب.

 

وأضافت أنّه مع تكثيف الضربات الأميركية ضد "داعش"، تحسّن تماسك الجماعات التابعة لـ"القاعدة" وحلفائها، على الرغم من أن المجموعة تعرّضت في البداية لضغوط هائلة بسبب الانشقاقات، إلا أنّ قيادتها تمكنت من إيجاد استراتيجية للحفاظ على وحدتها.

 

فقد نجح الظواهري في منع انشقاق قياديين بارزين في التنظيم، أبرزهم سيف العدل وأبو محمد المصري، وكان استمرار طاعة العدل للظواهري أمرًا لافتًا للنظر بشكل خاص، حيث كان يتمتع بعقلية مستقلة نسبيًا وينتقد حتى قرار ابن لادن، على حدّ قول المجلّة.

 

تعزيز فروع التنظيم
كما مكّنت دعوة الظواهري للوحدة وعدم اهتمامه بشكل عام بمزايدة العنف، "القاعدة" من تصوير نفسها لمؤيديها والمجندين المحتملين على أنها الجبهة الجهادية الأكثر موثوقية في مواجهة "داعش".

 

وبحسب المجلة، فقد أدى نجاح الظواهري في ضبط النفس، مقارنة بـ"داعش"، إلى تعزيز الفروع الإقليمية للتنظيم، في الوقت الذي تعثر فيه داعش بعد أن حقق نجاحات أولية ثم واجه ردة فعل شعبية.
فقد قدمت فروع "القاعدة" التي يقودها الظواهري نفسها على أنها بديل جهادي أكثر قبولا، مما أدى إلى زيادة قوة التنظيم في أجزاء من الصومال وسوريا واليمن، وكذلك في غرب إفريقيا.

 

ويرى محللون أنّ الظواهري قد أشرك "القاعدة" في حروب أهلية محلية إلى درجة لم يعد بإمكان المنتسبين إليه التركيز على الهجمات العابرة للحدود، لكن الاتجاه العام لـ"القاعدة" يشير إلى خلاف ذلك، لقد دفع الظواهري تنظيم "القاعدة" بعيدًا عن الجدل طويل الأمد بين الجهاديين "القريبين من العدو" مقابل "العدو البعيد".

 

وبدلاً من ذلك، وجد طريقة لتحقيق التوازن بين الأهداف العابرة للحدود الوطنية والضرورات المحلية للفروع الإقليمية التابعة لها.

 

التعامل مع إيران
أما بالنسبة لتعامل التنظيم مع إيران، فقد كان الظواهري براغماتيًا في ما يتعلق بعلاقة "القاعدة" المعقدة مع إيران، بعد أن كانت له كلمات قاسية في انتقاد طهران في 2010، فخلال العقد الماضي، خفّت آراؤه، وقد سمح هذا التغيير الجيد التوقيت لـ"القاعدة" بحماية قيادتها وتعبئة بعض المساعدات المادية، إن لم يكن من إيران مباشرة على الأقل عبر الطرق الجغرافية التي تتيحها الأراضي الإيرانية.

 

ولعل أهم انتصار استراتيجي للظواهري هو أنه تمكن من الحفاظ على علاقة "القاعدة" مع حركة "طالبان" الأفغانية.
فقد ذكرت الأمم المتحدة مؤخرًا أنه في الأشهر الأخيرة، تفاوض الظواهري شخصيًا مع كبار قادة "طالبان" الأفغانية للحصول على تأكيدات بمواصلة الدعم، مؤكدة أن هذه المحادثات كانت ناجحة. 
على الرغم من القيادة الثابتة للظواهري، التي قللت من خسائر "القاعدة" مع منحها فرصة لإعادة بناء نفسها، لا يزال التنظيم يواجه تحديات خطيرة في المضي قدمًا، أبرزها من سيقود القاعدة بعد رحيل الظواهري؟

 

وأكدت المجلة أنّ أحد الدروس التي استوعبها الظواهري هو أن قدرات مكافحة الإرهاب الأميركية لا تزال قوية، وهي حقيقة يمكن أن تحد من حرية "القاعدة" في الحركة بينما تجعل دعم التنظيم أمرًا مكلفًا لبعض المنتسبين والحلفاء.