ومن المقرر أن تقام، يوم الجمعة المقبل، أول صلاة جمعة في "آيا صوفيا" التي أعلن إردوغان، تحويله من متحف إلى مسجد رسميا، في قرار أثار الجدل حول كاتدرائية لها أهمية تاريخية خاصة.
القرار لم يكن وليد اللحظة، وحدوده تتجاوز الطموحات بـ"أسلمة" تركيا العلمانية، ويشير إلى مسألة خطيرة، تشي بإعادة تشكيل الشرق الأوسط لتلبية طموحات إردوغان، وفق تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنترست" للكاتبة، آرييل ديل توركو، من مجلس أبحاث الأسرة التابع لمركز الحرية الدينية الموجود بواشنطن.
وتقول الكاتبة إن إردوغان يستمتع بإعادة تاريخ الإمبراطورية العثمانية، وهو ما يشكل تهديدا للأقليات الدينية في تركيا والدول المجاورة، لذا على الدول الغربية التنبه لهذا الأمر الي يشكل بداية لخطوات ترتبط بطموح إردوغان.
وأشار التحليل إلى أن "ظلام القمع الديني" يتنامى في تركيا، حيث تفرض السلطات بطرق مباشرة وغير مباشرة القيود على البعض، وقيام السلطات هناك بسجن القس الأميركي أندرو برونسون بذرائع مختلفة، لا يزال شاهدا على ذلك، ناهيك عن طرد 16 مسيحا كان لهم نشاطات هناك.
إردوغان كان قد أطلق على القرار الجديد "إحياء آيا صوفيا"، وأشار إلى أن ما هذا الا بداية لـ"تحرير المسجد الأقصى" في القدس، وهو ما يستند إليه دائما من أجل التحشيد لقاعدته السياسية في البلاد، سواء بأحلامه بإعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، أو بالاستخفاف بدول إقليمية مثل إسرائيل.
وكانت هيئة الشؤون الدينية في تركيا قد أعلنت، الأسبوع الماضي، أن آيا صوفيا ستبقى مفتوحة أمام الزوار خارج ساعات الصلاة التي سيتم خلالها تغطية الأيقونات المسيحية.
ورفض إردوغان الانتقادات الموجهة إليه مؤكدا أن آيا صوفيا "تم تحويلها من متحف وليس كنيسة، إلى مسجد".
وأشار الرئيس التركي إلى أن أنقرة "ستحافظ على تراث آيا صوفيا الثقافي كما فعل أسلافنا".
وكان مجلس الدولة التركي، قد وافق على طلب من عدة جمعيات على إبطال قرار حكومي يعود للعام 1934 ينص على اعتبار الموقع متحفا. وفور صدور هذا القرار، أعلن إردوغان تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد.
وخلال الصلاة ستتم تغطية الأيقونات المسيحية في الكاتدرائية البيزنطية السابقة، كما أعلن، الأحد، إبراهيم كالين، المتحدث باسم إردوغان.
وقال في حديث لقناة "إن تي في" الإخبارية: "لن يكون هناك نظام إضاءة. نعمل على استخدام الستائر هدفنا هو عدم إلحاق الضرر باللوحات الجدارية والأيقونات المسيحية أو الهندسة التاريخية للكنيسة".
وآيا صوفيا تحفة معمارية شيدها البيزنطيون في القرن السادس، وكانوا يتوجون أباطرتهم فيها. وقد أدرجت على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، وتعد واحدة من أهم الوجهات السياحية في اسطنبول.
واستقبلت العام الماضي 3.8 ملايين زائر.
وبعد استيلاء العثمانيين على القسطنطينية في 1453، تم تحويلها إلى مسجد في العام نفسه، ثم إلى متحف في 1935 بقرار من رئيس الجمهورية التركية الفتية حينذاك، مصطفى كمال أتاتورك، بهدف "إهدائها إلى الإنسانية".
وأثار قرار تحويل الكنيسة إلى مسجد انتقادات في الخارج خصوصا من اليونان، وأعرب البابا فرنسيس عن "حزنه العميق" لهذا القرار.