خبر

بين الاقتصاد والشيطنة… هذا سبب حذف مسألة العبودية من إعلان استقلال أميركا!

عادت مسألة العبودية في الولايات المتحدة إلى الواجهة خلال الأسابيع القليلة الماضية، على خلفية حادثة مقتل المواطن الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد على يد الشرطة.

 

 إلا أنّ التاريخ يشير إلى أنّ إعلان استقلال الولايات المتحدة الأميركية الذي أعدّه أساساً توماس جيفرسون ووافق عليه الكونغرس القاري الثاني في الرابع من تموز 1776، تضمّن جملة من العبارات التي ساوت بين البشر، وأكدت على حقوقهم التي لا يمكن أن تتجزأ أو أن تُسلَب.
وبحسب تقرير نشره موقع قناة "العربية"، فقد ظلّت هذه الكلمات الإنسانية والخالدة في البداية حبراً على ورق، وانتظرت نهاية الحرب الأهلية في العام 1865 لتتحوّل لواقع حيث امتلك حينها سنة 1776 العديد من المستعمرين، المطالبين بالاستقلال، عبيداً.
وبحسب مصادر تلك الفترة، غذت العبودية في ذلك الوقت جانباً مهمّاً من الاقتصاد، حيث عمل العبيد حينها في المزارع والحقول والمناجم، وبذلك حرم نحو خمس الأشخاص الموجودين على أراضي المستعمرات الثلاثة عشر من حريتهم.


الوثيقة الأولى ونقد العبودية

 

 ويشير تقرير "العربية" إلى أنّ كثيرين يجهلون أنّ النموذج الأول الذي قدمه توماس جيفرسون حول وثيقة إعلان الاستقلال احتوى على حوالي 168 كلمة نقد من خلالها العبودية، معتمداً على أسلوب واستنتاجات فترة التنوير، إلا أنّ الوثيقة النهائية افتقرت لهذا الجزء المهمّ فأسفرت عن سنوات طويلة من اضطهاد العبيد ومشاكل عديدة حول برنامج حقوق السود بالبلاد.
وبوثيقته المبدئية، نقد توماس جيفرسون ملك بريطانيا جورج الثالث وأكد على دوره في نقل العبيد من أفريقيا نحو القارة الأميركية عبر المحيط الأطلسي، مصنّفاً الأمر كجريمة ضد الإنسانية. كما وصف تجارة العبيد بالأمر المشين وشبّهها بأعمال القرصنة.
ووفقاً للتقرير نفسه، فقد أشار جيفرسون لإعلان اللورد دونمور (Lord Dunmore) لعام 1775 فنقد قيام الأخير بتقديم وعود للعبيد الموجودين بالمستعمرات الثلاثة عشر في حال اصطفافهم مع القوات البريطانية وهو الأمر الذي أجبر كثيراً من العبيد على الالتحاق بالبريطانيين سعياً وراء وعود حرية زائفة.


حذف الفقرة

لكن، على رغم كلّ ما سبق، فإنّ التاريخ لا يذكر بشكل واضح عوامل إلغاء الفقرة المتعلقة بالعبودية، ويذكر فقط قيام توماس جيفرسون البالغ من العمر حينها 33 عاماً بتحرير نص وثيقة الاستقلال ما بين 11 و28 حزيران 1776 وعرضها على لجنة ضمّت أساساً كلاً من جون أدامز وفرانكلين بنجامين قبل عرضها على الكونغرس القاري الثاني الذي ناقش أفراده الوثيقة ما بين 1 و3 تموز وحذفوا الفقرة المتعلقة بالعبودية.
وبحسب تقرير "العربية"، يتحدث العديد من المؤرخين عن عوامل اقتصادية وراء حذف الفقرة المتعلقة بالعبودية. فعلى الرغم من اختلاف مسؤولي المستعمرات الثلاثة عشر حول مستقبل العبودية، احتاجت المزارع بالجنوب للعبيد لإنتاج التبغ والقطن والقمح وتصديرها لأوروبا، كما اعتمد العديد من التجار والبحارة على التجارة الثلاثية بين أوروبا وإفريقيا وأميركا والتي كانت تجارة العبيد أهم ركائزها.
وبمذكّراته التي دوّنها لاحقاً، تحدّث جيفرسون بشكل واضح عن معارضة ولاتي جورجيا وكارولاينا الجنوبية لما جاء به حول العبودية كما نقد الشمال بسبب عدم موافقتهم على ذلك على الرغم من تواجد عدد قليل من العبيد هنالك مقارنة بالجنوب.
من جهة أخرى، اعترض كثير من الآباء المؤسسين على "شيطنة" العبودية وطالبوا جيفرسون برعاية مصالح المستعمرين خاصة الاقتصادية منها. فضلاً عن ذلك، امتلك العديد من الآباء المؤسسين عبيداً، وكان جيفرسون واحداً منهم، فطيلة حياته امتلك الأخير ما يزيد عن 600 من العبيد ورفض تحريرهم حتى وهو على فراش الموت ومثقل بالديون.
وبدل الكلمات التي نقدت العبودية، تحدّث الآباء المؤسسون على دور ملك بريطانيا في تشجيج وتأجيج الكراهية بين الأميركيين والسكان الأصليين، وقد أدى ذلك لإظهار تناقض كبير بإعلان الاستقلال الذي تحدّث عن مولد جميع البشر متساوين وبرنامج العبودية بالبلاد حينها الذي استثنى العبيد من ذلك، وفقاً لتقرير "العربية" نفسه.