خبر

السيطرة على الحكم في إيران.. رجل الحرس الثوري إلى الرئاسة؟

إعتبر تقرير أعده معهد الشرق الأوسط أنه ومع انتخاب قائد سلاح الجو بالحرس الثوري الإسلامي السابق ورئيس الشرطة الإيرانية الأسبق، محمد باقر قاليباف، رئيسا للبرلمان الإيراني، بدأت "المرحلة الثانية من الثورة" التي أطلقها المرشد الإيراني علي خامنئي للسيطرة على فروع الحكومة الثلاثة في إيران، وأصبحت السيطرة على الرئاسة هي الخطوة القادمة.

واشار التقرير الذي ترجمه موقع "الحرّة" إلى أن خامنئي كان قد أعلن في شباط 2019، أن "المرحلة الثانية من الثورة الإسلامية" تسعى لإعداد الجيل القادم من "الثوريين الإسلاميين"، وبحسب التقرير أن هذه الدعوة تأتي لدعم رؤية خامنئي المتشددة وإعداد أسس الخلافة بعد وفاته.

وأضاف المعهد الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، هذه المرحلة تقوم على فكرة قيادة "الشباب والحرس الثوري" للفروع الثلاثة للحكومة، وهو ما يُترجم  قيام خامنئي بمنح هذه المناصب لأتباعه من رجال الدين وأعضاء الحرس الثوري الإيراني.


وتم تعيين إبراهيم الريسي رئيسًا للسلطة القضائية في إيران، في خطوة أولية العام الماضي، ومع وجود رفاق خامنئي الآن في مناصب رئيسية في كل من السلطة القضائية والبرلمان، فقد تحول التركيز إلى الرئاسة.

وبالرغم من أن هناك حديثا حول إمكانية أن يكون الريسي أو قاليباف مرشحا الحرس الثوري لرئاسة الجمهورية، إلا أن البعض يشكك في ذلك لأن قاليباف لا يرغب في لفت الانتباه مجددا إلى ماضيه المليء بالفساد، أما الريسي فلا يطمح إلى هذا المنصب.

لكن يبدو أن برويز فتاح، عضو الحرس الثوري والرئيس الحالي للمؤسسة الخيرية الإيديولوجية التي يديرها خامنئي، أو مؤسسة المستضعفين كما هو متعارف عليها في إيران، هو المرشح والخيار الأقوى بالنسبة للحرس الثوري.

وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة داخل الدوائر المتشددة في طهران أن فتاح سيكون ضمن أربعة مرشيحن المحتملين لخوض الانتخابات الرئاسية، كما أن هناك تكهنات بأن الفصيل المتشدد، المعروف باسم "جبهة ثبات الثورة الإسلامية" (جبة پایداری)، على وشك الموافقة عليه. 

فمن هو هذا المرشح المحتمل، وما الذي يمكن أن يتوقعه الغرب منه في حال فوزه في الانتخابات؟

رجل الحرس الثوري

وُلد فتاح عام 1961 في عائلة دينية من الطبقة العاملة في أورمية، على الرغم من البقاء بعيدًا عن الأضواء، يتمتع فتاح البالغ من العمر 59 عامًا بخبرة عملية طويلة، فقد شغل منصب وزير الطاقة خلال فترة الولاية الأولى للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد  (2005-2009)، فضلا عن رئاسة المؤسسات الخيرية التابعة لخامنئي، لكن الأهم هو علاقاته بالحرس الثوري.

فتاح هو رجل الحرس الثوري، بدأ حياته المهنية كحارس على الخطوط الأمامية في الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)، لكن روابطه تمتد إلى ما بعد ميدان المعركة، بعد أن ترك الحكومة في عام 2009، أصبح نائب قائد تكتل الإنشاءات التابع للحرس الثوري، والمدير التنفيذي لذراعه الاستثماري.

وقد أدرج الغرب كلا الكيانين في القائمة السوداء نظرًا لارتباطهما بانتشار المعدات النووية الحساسة، كما أن فتاح نفسه مدرج في قائمة العقوبات الأميركية والاتحاد الأوروبي. 

ويعتبر فتاح متعصبا دينيا ومتشدداً لأفكار الثورة الإسلامية، فقد رفض فكرة أن أيديولوجية الثورة الإسلامية يمكن أو يجب أن تتطور، وتتلخص أفكاره في" الإخلاص للنظام، ودعم المرشد الأعلى، واتباع طريق الشهداء، وعدم نسيان الإمام الخميني"، ويصف نفسه بأنه يمتلك "ثقافة خط المواجهة"، وهو في حد ذاته انعكاس للمعتقدات الأساسية لمعتقداته التي هي عبارة عن مزيج متشدد من الإسلام الشيعي والخضوع للمرشد.

وقد أكد مراراً على إيمانه التام بخامنئي، وقال: "يجب أن نطيع المرشد الأعلى كما حدث أثناء الحرب"، مذكراً كيف تطوع الجنود لعبور حقول الألغام بسبب حبهم لآية الله روح الله الخميني. 

بينما يصف البعض فتاح بأنه يتمتع بنفس سمات أحمدي نجاد، فهو في الواقع أقرب إلى صديقه المقرب قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ومثل سليماني، حرص فتاح دائمًا على عدم وجود أي شخص - بما في ذلك نفسه - أكبر من خامنئي وأظهر تواضعًا واضحًا يشبه الخضوع لإرادته، فقد وصف نفسه بأنه مجرد جندي من جنود المرشد الأعلى، ويميل خامنئي إلى تفضيل هذه الأنواع من الشخصيات، التي يسهل السيطرة عليها وأقل احتمالًا لتحدي سلطته. 

السياسة الخارجية

من شبه المؤكد أن الأجندة المحلية لفتاح ستقوم على نقطتين رئيستين كما هو الحال في أغلب برامج المتشددين الإيرانيين هما دعم الفقراء والطبقات الفقيرة وتعزيز أفكار الثورة الإسلامية في إيران.

أما بالنسبة للسياسة الخارجية، فترى المؤسسة أن العودة إلى "القيم الثورية" الجوهرية في الداخل ستشهد بالتأكيد اعتمادًا متزامنًا لسياسة خارجية متحمسة في الخارج، وهذا من شأنه أن يجلب تطرفا أكثر في سياستها في المنطقة، كل ذلك بمباركة خامنئي، بالطبع.

وهو يمتلك شبكة علاقات قوية في المنطقة، فقد رافق سليماني في العديد من رحلاته إلى سوريا ولبنان والعراق، فهو يتمتع بعلاقات وثيقة مع الرئيس السوري بشار الأسد، وزعيم حزب الله حسن نصر الله، ومع كبار أعضاء القوات الشيعية العراقية.

ويمكن أن تثبت هذه العلاقات الشخصية أنها ذات قيمة لطموحات خامنئي لتعزيز ما يسمى "محور المقاومة"، وهو ركيزة أساسية في "المرحلة الثانية"، وهذا سيكون له أهمية بالغة بعد مقتل سليماني وفشل إسماعيل قآاني ملء الفراغ بعده.

وقد أكد فتاح بالفعل أن "طريق قاسم سليماني سيستمر ويصبح أقوى، وإذا تولى منصبه عام 2021"، ومن المرجح أن يعطي تمويل القوات المدعومة من إيران في جميع أنحاء المنطقة أولوية قصوى، وجنباً إلى جنب مع قاليباف، الذي ألزم البرلمان الجديد بزيادة الدعم لـ"محور المقاومة"، يمكن لهذا أن يضخم طموحات طهران الإقليمية. 

ولكن يبقى السؤال المطروح ما هي آفاق تحقيق صفقة مستقبلية مع إيران في ظل رئاسة فتاح؟،  كما هو الحال مع جميع قرارات السياسة الخارجية رفيعة المستوى، فإن المرشد الأعلى هو صاحب الكلمة النهائية، ومع ذلك، يمكن أن يكون أسلوب الرئاسة مهمًا بالنسبة لصانعي السياسة الغربيين الذين يتطلعون إلى الجلوس حول طاولة المفاوضات مع شخص ليس "أحمق"، بحسب التقرير.

وفي حين أشاد فتاح بالاتفاق النووي عندما تم التوقيع عليه في عام 2015، لا ينبغي المبالغة في تعليقاته لأنها كانت مجرد انعكاسا لموقف المرشد الأعلى في ذلك الوقت، وليس غريبا أنه بمجرد تغيير موقف خامنئي من الصفقة، تغير موقف فتاح أيضًا.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول إن "أقل من عام يفصلنا عن الانتخابات الرئاسية الإيرانية ولا يمكن المبالغة في أهميتها، ولكن هذا ليس لأن تصويت الشعب مهم، فإيران في النهاية دولة ديكتاتورية استبدادية و انتخاباتها ليست سوى لعبة، لكن أهمية الانتخابات تتخلص في أنها ستحقق المرحلة الثانية من الثورة الإسلامية التي تمهد الطريق لخلافة خامنئي".