كشف الكاتب الإسرائيلي، مردخاي غودلمان، أنّ كلاً من تل أبيب وطهران "تتبادلان الهجمات الإلكترونية"، لافتاً إلى أنّ "شواهد جديدة على هذه الحرب كانت واضحة خلال الفترة الأخيرة".
وأضاف غودلمان بمقاله على موقع "المونيتور"، أنّ "الأحداث تعود ليوم 23 نيسان الفائت، حين أدركت طواقم مرافق المياه الإسرائيلية أن شيئًا غير معتاد يحدث، حيث بدأت مضخة واحدة تعمل بدون توقف، وفي منشأة أخرى، يبدو أن شيئًا ما سيطر على نظام التشغيل، ولم يتمكن الفنيون من الوصول لواجهته التنظيمية، وذكرت محطة ثالثة وجود مخالفات ناتجة عن تغييرات غير مخطط لها في تدفق البيانات".
وأشار غولدمان، وهو محلل الشؤون الدبلوماسية للصحف الدينية اليهودية، والباحث بكليات الحاخامات، إلى أنّ "هيئة الإنترنت الإسرائيلية أصدرت إعلانًا غير عادي، واعترفت بأنّ المنشآت تعرضت للهجوم، وطلبت من الشركات العاملة في قطاعي المياه والطاقة تغيير كلمات مرور الإنترنت على الفور لوصول نظام التحكم، وتقييد الاتصالات، والتحقق من تثبيت أحدث إصدار من النظام التنظيمي".
ضربات متبادلة
الكاتب الإسرائيلي كشف أنّ "مجلس الوزراء الإسرائيلي الأمني – "الكابينت" طلب في جلسة خاصة يوم 7 أيار، من كلّ وزير مشارك التوقيع على استمارة سرية لعدم إفشاء محتوى الاجتماع، الذي ناقش الردود المحتملة على الهجوم السيبراني الإيراني، معتبرينه تصعيدًا كبيرًا للأعمال العدائية من إيران، وتجاوزاً للخط الأحمر باستهداف موارد المياه المدنية الإسرائيلية".
وأوضح أنه "في 9 أيار، وبعد يومين فقط من الاجتماع، ردّت إسرائيل بهجوم إلكتروني ضخم ضدّ ميناء إيراني تركه مشلولاً لعدة أيام، وهو الميناء الرئيسي للبلاد، في محطة ميناء "شاهد رجائي" بمدينة بندر عباس جنوب إيران، واستهدف محطة الحاويات فيه، وتسبب في شلّ التحميل والتفريغ فيه لعدة أيام، وإذا كان هذا صحيحًا، فإن الفعل الانتقامي الإسرائيلي أقوى بشكل غير متناسب من الهجوم الإيراني".
وأكّد أنّه "في حين لم تكن هناك مشاكل في إمدادات المياه، أو صيانة المجاري بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل، فإن هجوم الأخيرة على الميناء الإيراني أعاق نشاطه".
وينقل الكاتب في مقاله عن الجنرال عاموس يادلين، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية – "أمان"، تأكيده أنّه "لا يمكن مقارنة القدرات السيبرانية الإسرائيلية بالإيرانية، فالأولى قوة إلكترونية من الطراز العالمي، صحيح أنني لا أسخر من قدرات الأخيرة، لكنها أقل إثارة للإعجاب من قدراتنا، وبمجرد فشل الإيرانيين بجهودهم للرد على إسرائيل عسكرياً داخل سوريا، فقد قرروا الرد الإلكتروني بإرسال رسالة رادعة".
الصراع العسكري
من جهته، قال المتخصص بشؤون إيران في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة "تل أبيب"، راز تسيمت، إنّه "بصرف النظر عن الموقع الاستراتيجي للهجوم المنسوب لإسرائيل، فإنّ الهجوم الإيراني على البنية التحتية الإسرائيلية منح شرعية على الفور لهجوم انتقامي على إيران، باستخدام أسلحة مماثلة، حيث أرسلت إسرائيل رسالة مفادها أنه إذا أدخل الإيرانيون منشآت مدنية في المعادلة، فإنها لن تضع خطًا أحمر أمام ذلك".
وأشار إلى أنّ "القناعة الإسرائيلية بأن الهجوم الإلكتروني الإيراني كان نتيجة لإحباط طهران من فشلها بتقديم رد مناسب على هجمات تل أبيب ضدها في دمشق، وسبق أن قلت إن الأزمة التي تواجهها طهران ستدفعها لمحاولة هجوم إلكتروني، صحيح أن لديها إرثا من الهجمات غير المتكافئة وبتنفيذ عبر الوكالة في: لبنان وسوريا والعراق واليمن، لكن ما لم يستطيعونا فعله هو الرد على الهجمات في سوريا المنسوبة لإسرائيل".
أما الجنرال يادلين يذكر أنّ "الحرب السيبرانية تعدّ حلاً جيدًا، موقتًا على الأقل، فهجماتها أقلّ كلفة وأكثر تركيزاً، ومن السهل نسبيًا إخفاء أي أصابع اتهام تترك خلفها، لكن السؤال المقلق حقًا إذا كانت هذه الحرب قد تتحول حربا تقليدية، لأنّنا أمام تبادل الضربات الالكترونية، وحتى في هذه القناة فالإيرانيون أضعف وأكثر عرضة للخطر، لذلك أفترض أن تبادل الرسائل سيبقى عند هذا المستوى".
قدرات نووية
هذا ويعتقد تسيمت أن "إيران ليست مهتمة بصراع عسكري مع إسرائيل، على الأقل بهذه المرحلة، الوضع الآن أقل تقلباً مقارنة بالعام ونصف الماضيين، هذا ليس الوقت المناسب للإيرانيين للدخول بصراع عسكري كامل معنا، أسباب عديدة تمنعهم، ويمكن الافتراض أنهم أكثر حذراً الآن، ومع ذلك فإننا نتجه نحو علامة فارقة في الصراع بين تل أبيب وطهران، والجولة الحالية من الهجمات السيبرانية قد تكون مقدمة لما هو آت".
وختم الكاتب غولدمان تقريره بالقول إنّ "الإيرانيين على بعد 4-6 أشهر فقط من الحصول على القدرات النووية، إنهم يحرزون تقدما بحذر، ولكن بثبات، وهذا في الواقع قد يؤدي لصدام كبير مع إسرائيل، وفي غضون أشهر قليلة، يمكن للأخيرة أن تواجه وضعاً إيرانياً لا يمكنها أن تتجاهله".