خبر

هل يغير كورونا موازين قوى العالم؟ أزمة أميركية وفرصة للخصوم

عندما لاحقت الطائرة الروسية "سو 35" نظيرتها الأميركية "بي 8 أيه"، لمدة 42 دقيقة، الأربعاء، يبدو أن الأمر لم يكن "مناورة" اعتيادية من الروس، لكنها مثلت لقطة مصغرة لمشكلة حقيقية يواجهها الجيش الأميركي.

لكن يبدو أن المشهد مثل استهدافا مكررا من الخصوم، الذين يحاولون استغلال الأزمة التي تمر بها القوات الأميركية بسبب تفشي فيروس كورونا.

وسجلت القوات الأميركية أكثر من 2486 حالة إصابة بفيروس كورونا بصفوفه، بينما تواجه القوات الأميركية تحديات أخرى من الخارج.

وبعد ساعات من مناورات الطائرة الروسية "الخطيرة" بجانب الطائرة الأميركية، الأربعاء، ذكرت قيادة الفضاء الأميركية أن الجيش الروسي اختبر صاروخا قادرا على تدمير الأقمار الاصطناعية الأميركية، في مدار أرضي منخفض.


وبعدها بوقت قصير، قال بيان للجيش الأميركي إن 11 زورقا تابعا للحرس الثوري الإيراني نفذت عمليات "اقتراب ومضايقة خطيرة" لسفن للبحرية الأميركية في الخليج العربي.

وبينما تنشغل واشنطن بحربها الخاصة ضد تفشي فيروس "كوفيد 19" في البلاد، حيث تشهد الولايات المتحدة الوضع الأسوأ عالميا بمعدل الحالات المصابة والوفيات، تزيد التحديات على القوات الأميركية، ويتم اختبار "زعامتها" العالمية بشكل حقيقي.

وتأتي المناوشات العالمية المتسارعة من روسيا وإيران، بينما تفرض واشنطن توقفا على تحركات القوات الأميركية بكل قطاعاتها، خوفا من انتشار فيروس كورونا، حسبما أشارت مجلة "تايم" الأميركية.

وقال تشاك هاغل وزير الدفاع الأمريكي السابق والسيناتور الجمهوري من نبراسكا: "عندما يكون العالم وأميركا غير متوازنين، فإن ذلك يمثل فرصة لخصومنا".

وأضاف: "سيواصلون بذل قصارى جهدهم لتأكيد أنفسهم في هذا الوقت. لا أعتقد أننا مستعدون بشكل ملائم لأحداث مثل ما نعيشه الآن، خاصة جائحة صحية عالمية".

وتسعى إستراتيجية الجيش الأميركي الموحدة لردع القوات العدوة منذ الحرب العالمية الثانية، بإبراز القوة من خلال نشر الآلاف من القوات على الفور، أو التحليق في قاذفات قادرة على حمل الأسلحة النووية، أو إرسال مجموعات قتالية لحاملات الطائرات إلى مناطق صعبة.

هذه الإستراتيجية اكتسبت أهمية متزايدة في ظل حكم الرئيس دونالد ترامب، الذي يحتمي بأجهزة عسكرية دفعت لها ميزانية إدارة وزارة الدفاع (بنتاغون) التي تبلغ قيمتها 700 مليار دولار.

لكن إستراتيجية فرض الهيمنة العالمية تواجه توقفا غريبا الآن، بينما تستمر القوات المعادية بفرض التحديات المستفزة للأميركيين، في تحد واضح لسيطرة واشنطن العسكرية العالمية.

وتقول "تايم" إنه "وسط جائحة كورونا، فإن خيارات إبراز القوة محدودة جدا".

واستجاب البنتاغون حتى الآن لسلسلة التهديدات بالخطابات، وحذر مرارا وتكرارا "الأعداء" علنا من اعتبار الوقت الحالي للأزمة الوطنية "نقطة ضعف".

وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، للصحفيين يوم الثلاثاء في البنتاغون: "سنواصل تنفيذ مهامنا حول العالم في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، وما إلى ذلك. استعدادنا لا يزال مرتفعا. استعدادنا لا يزال قويا. نحن قادرون على ردع وهزيمة أي تحديات قد تسعى إلى الاستفادة من هذه الفرص في هذه المرحلة من الأزمة".

ويأتي الهدوء العسكري الأميركي بمواجهة تحركات "جريئة" ومعادية من خصوم الولايات المتحدة العالميين، مثل روسيا وإيران وكوريا الشمالية، حليفة الصين.

واتخذت روسيا، أقدم خصم لأميركا، تحركات عسكرية جريئة تسللت إلى ما وراء قارة أوروبا، فحلقت طائراتها فوق البحر المتوسط، وطار صاروخ مدمر للأقمار الصناعية فوق ساحل ألاسكا.

وفي 8 نيسان، أطلقت القوات الجوية الأميركية مقاتلات "إف 22" لاعتراض طائرات روسية ترصد الغواصات فوق بحر بيرينغ، على بعد 50 ميلا قبالة ألاسكا.

في غضون ذلك، أجرى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، المقرب من بكين، تدريبات عسكرية خاصة به.

وبعد إيقاف إطلاق الصواريخ طواعية العام الماضي، أطلقت بيونغيانغ مجموعة واسعة من الصواريخ في الأسابيع الأخيرة.

وينظر إلى عمليات الإطلاق على أنها "محاولة لإثبات القوة والردع، داخليا وخارجيا" وسط جائحة كورونا، وفقا لمحللين بمعهد الولايات المتحدة للسلام.

ويحذر خبراء في تصريحات لمجلة "تايم"، من أن أزمة كورونا قد تنتهي قريبا، لكن تأثيرها سيكون طويل الأمد على قوة الجيش الأميركي خاصة اقتصاديا، فالشعب الأميركي سيحتاج لمعالجة اقتصادية طارئة، والأنظار كلها ستتوجه لوزارة الدفاع لتقليص المليارات التي تنفق على القوة العسكرية.