خبر

لماذا تفوق نسبة وفیات 'كورونا' في إيران نظيراتها العالمية؟

المتابع لأخبار تفشي فيروس كورونا في إيران هذه الأيام يرى أن الإحصائيات الرسمية تسير عكس التيار العالمي، فما أن أعلنت منظمة الصحة العالمية ارتفاع نسبة الوفيات إلى 3.4%، أعلنت السلطات الإيرانية أعدادا تظهر بأن نسبة الوفيات تراجعت إلى 3.1%.

وبعد نحو شهرين من تفشي الفيروس في مدينة ووهان الصينية حيث سجلت نسبة الوفيات نحو 2.3% من الإصابات، أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن نسبة الوفيات بلغت نحو 3.4% على الصعيد العالمي.

بيد أن نسبة وفيات فيروس كورونا تواصل تراجعها في إيران حسب الاحصائات الرسمية، فما سر ذلك؟

وزير الصحة الإيراني سعيد نمكي عزا سبب "تزايد الشرخ بين عدد الوفيات والإصابات إلى زيادة عدد المختبرات التي تجري تحاليل على العينات المأخوذة من المشتبه بإصابتهم إلى 22 مختبرا بعد ما كان عددها لا يتجاوز اثنين في الأيام الأولى من وصوله إلى إيران"، مضيفا أن هذا العدد سيبلغ 40 مختبرا حتى نهاية الأسبوع المقبل.


شكوك وفرضيات
وبالرغم من الإعلان عن أن نسبة وفيات كورونا في إيران تراجعت إلى 3.1%، إلا أنه وفق سكرتير مجلس الصحة والأمن الغذائي ممثل وزارة الصحة الإيرانية في مقر مكافحة الفيروس علي دلبيشة، تبلغ نسبة الوفيات 4.1%، مما يعني أنها لا تزال تفوق نظيرتها العالمية، وأثار ذلك شكوكا لدى الرأي العام الإيراني عن مدى صحة الإحصائيات المعلنة.

 

الموظف السابق في منظمة الصحة العالمية كوروش أحمدي، يرى أن عدم تناسب نسبة وفيات كورونا في إيران مع الدول الأخرى لا يخرج عن ثلاث فرضيات، أولها هو ضعف النظام الصحي في البلاد وعدم قدرته على احتواء الأزمة وإيقاف نسبة الوفيات عند مستوى 3-1%.

وأما الفرضية الثانية فهي عجز جهاز الصحة في إيران عن اكتشاف فيروس كورونا بشكل كامل، والفرضية الثالثة هي إخفاء الأرقام الحقيقية من قبل السلطات الإيرانية.

 

ورجح أحمدي أن تكون الفرضيتان الثانية والثالثة أكبر سبب فيما آلت إليه الأمور في إيران إثر تفشي فيروس كورونا فيها.

وانتقد الباحث الإيراني سلطات بلاده لـ"تساهلها مع الزوار القادمين من الصين وعدم فرضها الحجر الصحي على مدينة قم بؤرة انتشار الفيروس إلى جميع محافظات، فضلا عن عدم تعاونها الكافي مع منظمة الصحة العالمية لاحتواء الأزمة".

إصابات متزايدة
كما أن تصريحات نائب رئيس البرلمان الإيراني وزير الصحة الأسبق مسعود بزشكيان بشأن الأعداد والأرقام المعلنة عن تفشي الوباء في إيران، عززت فرضية إخفاء الأرقام الحقيقية من قبل السلطات الإيرانية.

وقال بزشكيان إن "الأرقام المعلنة ليست حقيقية، لأن الكثير من الموبوئين لا تبدو عليهم مضاعفات كورونا، وإن المصادر الطبية في المستشفيات تؤكد أن الإصابات في تزايد مستمر، ولم يكشف عن العديد منها لأنها لا تخضع للتحاليل الطبية".

وإذا كانت هناك انتقادات إدارية للطريقة الإيرانية في التعاطي مع فيروس كورونا، فإن للأطباء والمختصين كلاما آخر يلقي باللوم على العقوبات الأميركية التي عرقلت استيراد بعض المستلزمات الطبية والمواد الأولية اللازمة لإنتاج نظيراتها داخل البلاد.

 

شح المستلزمات
استشاري أمراض الرئة ورئيس مشفى "خورشيد" رامين سامي، تطرق إلى شح الكواشف الطبية لدى بلاده خاصة في الأيام الأولى من تفشي الفيروس القاتل، وقال: "إننا لا نجري تحاليل لجميع المشتبه بهم، فضلا عن أن الهلع من الفيروس ضاعف مراجعة المواطنين إلى المراكز الطبية مما يزيد احتمالات إصابتهم بالفيروس، ناهيك عن أن القلق والخوف يضعف الجهاز المناعي".

ولتأخر طهران في الكشف المبكر عن الفيروس الجديد نصيب في زيادة نسبة وفياتها مقارنة مع الدول الأخرى، وفق عضو اللجنة الوطنية للأمراض المعدية في وزارة الصحة الإيرانية مينو محرز، التي قالت: "لم تكن لدينا أدوات معتمدة للكشف عن الفيروس ورغم عدم وجود أي مشكلة عملية في البلاد لكشفه مبكرا فإننا تأخرنا في تشخيصه بسبب انعدام مستلزمات الفحص".

وكشفت المسؤولة الإيرانية أن إحدى الشركات الأوروبية المنتجة للأدوات المخبرية لم تبع إيران منتوجاتها خشية العقوبات الأميركية، وأن طهران لم تستطع التأكد من الإصابات بفيروس كورونا إلا بعد حصولها على مستلزمات الفحص عبر منظمة الصحة العالمية.

 

أداء المسؤولين
لكن العقوبات الأميركية وشح المستلزمات الطبية لا تمنع أستاذ علم النفس حافظ باجغلي من تسليط الضوء على أداء مسؤولي بلاده الذين اتهمهم بارتكاب أخطاء خلال إدارتهم للأزمة.

وأشار باجغلي إلى عدم وضع مدينة قم -التي انتشر منها الفيروس إلى جميع مناطق إيران- تحت الحجر الصحي، وقال إن "سلوك بعض المسؤولين ساهم في فقدان المواطنين ثقتهم بالقائمين على إدارة الأزمة، فمثلا أحد المسؤولين اعتبر الحجر الصحي أنه يعود للقرون الوسطى في حين يعرف الجميع أن قانون الحجر الصحي موجود في الكثير من الدول المتقدمة".