لا يحتاج قياس بصمتنا الرقمية إلى علوم معقدة تفسر لنا خلفيات هذه البصمة وتحليل جميع الأطر المرتبطة بها ولكنه يتطلب فهمًا عميقًا للتكنولوجيا، والتعرف على مسار تطورها واستخداماتها المتنوعة، ومن هنا أطلقت شركة إريكسون تقريرًا جديدًا من مجموعة تقارير “مختبر القطاع”، تحت عنوان “الدليل السريع لبصمتك الكربونية الرقمية”، الذي يسلط الضوء على انبعاثات الكربون الناتجة عن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ويستعرض الجوانب المختلفة التي تفسر التأثيرات المناخية الناجمة عن نمط حياتنا الرقمية الحالية.
ترسم لنا العديد من الدراسات المتخصصة، عند استعراض واقع البصمة الكربونية الرقمية وحقيقتها، صورة مظلمة ومتشائمة، لا سيما عند التنبؤ بالمستقبل، الأمر الذي دفع بالعديد من المهتمين بهذا الشأن إلى التساؤل عن السبب الكامن وراء كل هذا التشاؤم، وذكرنا سابقًا أن قياس البصمة الكربونية لا يحتاج لنظريات معقدة، وإنما يتطلب فهمًا عميقًا للتكنولوجيا والقطاع، في الوقت نفسه، يتم تعميم العديد من النظريات القديمة التي تؤدي إلى تعقيد الموضوع، وبالتالي إيجاد تحديات تعرقل قدرة المستخدمين العاديين على فهم الواقع القائم والتفاعل معه على النحو الأمثل.
يهدف الدليل السريع لبصمتك الكربونية الرقمية من إريكسون إلى إزالة الغموض المحيط بموضوع البصمة الكربونية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وذلك عبر قياس مدى استخدام الأجهزة المتنوعة للكهرباء.
تتضمن الدراسة انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بالطاقة والمواد المستخدمة طوال دورة حياة المنتج، ويعتبر تقييم دورة الحياة للجهاز، أمرًا في غاية الأهمية نظرًا لتركيزه على الأخذ بعين الاعتبار، الآثار البيئية للمنتجات أو الخدمات منذ تصنيعها وحتى تعطلها أو انتهاء مدتها، على سبيل المثال رحلة المنتج بدءًا من استخراج مواده الأولية من المنجم وحتى التخلص منه.
بصمات الكربون الرقمية
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
يعتبر التأثير المناخي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات شديد التعقيد، حيث يتضمن ثلاثة مستويات من التأثير، ويشمل ذلك انبعاثات الكربون المباشرة المرتبطة بتصنيع منتجات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واستخدامها والتخلص منها، مثل البصمة الكربونية وتأثيرات الانبعاثات السلبية أو الإيجابية غير المباشرة الناتجة عن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مثل التبدل في عادات السفر وتعزيز عمليات النقل ووسائله، والتأثير في السلوكيات والتفضيلات.
عند قراءة عناوين الصحف، على سبيل المثال، حول تأثير خدمات البث الإذاعي، أو تلك التي تقارن البصمة البيئية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات مع القطاعات الأخرى، فإنها عادة ما تركز على انبعاثات الكربون المباشرة أو ما نشير إليه ببصمة الكربون الرقمية، على الرغم من أن الآثار الأخرى الناجمة عن استخدام التكنولوجيا غالباً ما يكون لها تأثير يفوق التلوث البيئي بكثير.
مثال أغنية Despacito
في ربيع عام 2018، أعلنت العديد من وسائل الإعلام أن أغنية Despacito التي لاقت شعبية فائقة، قد تم تحميلها حول 5 مليارات مرة، وقد احتاج الأمر استخدام كمية من الكهرباء تعادل الكمية التي يتم استهلاكها في بلدان تشاد وغينيا بيساو والصومال وسيراليون وجمهورية إفريقيا الوسطى معًا في سنة واحدة.
وقد تمت دراسة هذا المثال عن كثب في أحدث تقرير لمختبر المستهلكين والقطاع من إريكسون، حيث اكتشف الخبراء بأن تحميل هذه الأغنية 5 مليارات مرة على الهواتف الذكية يتطلب حوالي 0.005 تيرا واط/ الساعة، بما في ذلك حصتها من الشبكات ومراكز البيانات.
ويتطلب تنزيل أغنية واحدة في العادة حوالي 0.001 كيلو واط/ الساعة، في المقابل، بلغ استهلاك الكهرباء في البلدان المذكورة سابقًا حوالي 1 تيرا واط/ الساعة عام 2017 “1 تيرا واط/ الساعة = مليار كيلو واط/ الساعة”.
وتعليقًا على النتائج قالت بيرنيلا بيرجمارك، الباحث الرئيسية في إريكسون وإحدى مؤلفات تقرير مختبر القطاع: “على الرغم من أن هذا التقرير قد يُظهر للمستخدمين بأن بصمتهم الرقمية تقل عن النسبة التي يتوقعونها، إلا أن هذا لا يمكن اعتماده كحجة للتقاعس عن حماية البيئة واستدامتها، لطالما اعتبرت إريكسون قوة دافعة في إظهار دور التكنولوجيا الرقمية في خفض انبعاثات الكربون إلى النصف بحلول عام 2030، وتعتبر إريكسون شركة رائدة عالميًا في مجال وضع أهداف علمية للحد من الاحتباس الحراري، بعد ارتفاع درجة حرارة الأرض بحوالي 1.5 درجة مئوية في مرحلة ما بعد الثورة الصناعية”.
أخبار متعلقة :