السياسي – وكالات
بعد ما اعتُقد أنها انقرضت في المملكة المتحدة، اكتُشفت زهرة أوركيدorchid وهي تنمو على سطح بنك في لندن يرتفع 11 طابقاً.
لم تُشاهد “زهرة الأوركيد ذات اللسان الصغير المزهر” small-flowered tongue-orchid كما تسمى في المملكة المتحدة منذ عام 1989، عندما عُثر على مجموعة منها في كورنيش “رام هيد” في مقاطعة كورنوال جنوب غربي إنجلترا.
للأسف، كان مصير تلك المجموعة الهلاك نتيجة سوء إدارة الأراضي في عام 2009، وافترض تالياً أن الزهرة قد انقرضت محلياً في المملكة المتحدة.
الآن، تشكل زهور الأوركيد الـ15 المكتشفة، أخيراً، في حديقة على سطح بنك ياباني يُدعى “نومورا”Nomura ، كل الأنواع البرية المعروفة من هذا النوع النباتي في المملكة المتحدة.
زهرة “سيرابيس بارفيفلورا” Serapias parviflora، كما تسمى أيضاً، موجودة بشكل شائع في حوض البحر الأبيض المتوسط وساحل المحيط الأطلسي لفرنسا وإسبانيا والبرتغال.
في لندن، عَثر على مجموعة الأزهار في 4 يونيو (حزيران) الحالي مارك باترسون، وهو عالم بيئة يتولى رعاية الحديقة التي تزين سطح البنك.
“كنت على السطح أجري المسوحات الشهرية الخاصة بالغطاء النباتي للحديقة، وأدركت في الحال أنني أمام زهرة أوركيد، ولكن لم أكن متأكداً إلى أي فصيلة منها تنتمي، لذا التقطت لها صوراً كثيرة وقصدت منزلي كي ألقي نظرة على المواد المرجعية الخاصة بالنباتات لدي- ثم عرفت ماهيتها”، قال باترسون في تصريح إلى “اندبندنت”.
وكانت الخطوة التالية، وفق عالم البيئة، “استشارة بعض علماء النبات، ففي العادة كلما تعتقد أنك وجدت نوعاً نادراً، يتضح أنه في الحقيقة نوع شائع. ولكن بعد ذلك، تلقيت تأكيداً على أن ظني كان صائباً، وأصبحت الأمور مشوقة جداً”.
وأضاف باترسون، أنه ليس معروفاً كيف وصلت أزهار الأوركيد إلى سطح المبنى، ولكن يحتمل أن الرياح التي تهب من أوروبا قد حملت معها البذور إلى المملكة المتحدة.
وشرح وجهة نظره قائلاً إن “بذور الأوركيد متناهية الصغر، ومهيأة جداً للسفر محمولة في الهواء- يزن مليون بذرة أوركيد تقريباً وزن مشبك ورق”.
ولم يستبعد باترسون “أن تكون النباتات قد نشأت في القارة الأوروبية ووجدت طريقها عبر القنال الإنجليزي محمولة بالرياح الجنوبية التي غالباً ما تجلب رواسب الغبار الصحراوية إلى العاصمة لندن”.
وفق نظرية أخرى، ربما وصلت بذور النبتة إلى السطح داخل تربة كانت استُخدمت لإنشاء حديقة أخرى منذ أكثر من عقد، وفق ما قال باترسون مضيفاً أن هذه النباتات تستغرق عادة سنوات عدة قبل أن تصل إلى مرحلة النضج، ولذا ربما لم تبدأ في التفتح إلا أخيراً.
عموماً، الجدل ما زال قائماً بين علماء النبات حول ما إذا كان نوع الأوركيد المكتشف قد وصل للمرة الأولى إلى المملكة المتحدة بشكل طبيعي عن طريق الرياح، أو ما إذا كان أشخاص أدخلوها معهم عن غير قصد، كما أوضح باترسون، مع الإشارة إلى أن هذه الزهرة لا تعتبر نوعاً نباتياً دخيلاً غير مرغوب فيه لأنها لا تشكل أي خطر على الحياة البرية في بريطانيا.
وحديقة “نومورا” التي تغمرها أشعة الشمس على سطح المبنى، وتحتضن 159 نوعاً من النباتات و17 من النحل، توفر الظروف المثالية لهذا النوع النادر من زهرة الأوركيد، وفق باترسون الذي أوضح أن “الأوركيد ذات اللسان تواتيها بشكل خاص الظروف المناخية الحارة والجافة لأنها نبتة متوسطية”.
وتابع أن “الأوركيد زهرة مرغوبة بشدة، ففي البرية، ينزعها من التربة ويسرقها باستمرار جامعو النباتات غير الشرعيين. لو أن أحداً عثر عليها في الأسفل، لكانت انتزعت من التربة كلها فعلاً. ولكن كونها موجودة على سطح بنك آمن، فهي تتمتع بحماية جيدة”.
وأضاف عالم البيئة أن المملكة المتحدة يجب أن تتوقع وصول أنواع برية إضافية آتية من مناطق ذات مناخات أكثر دفئاً مع ارتفاع درجات الحرارة المستمر.
وقال في هذا الصدد، “الأنواع البرية تتحرك شمالاً مع تغير المناخ. غالباً ما تصل أولاً الأشياء الكثيرة التنقل، من قبيل الحشرات المجنحة وبذور الأوركيد”.
وفي معرض تعقيبه على الاكتشاف، قال مارك والير، عالم بيئة ومؤلف كتاب “الأوركيد البريطانية”، إن “العثور على مجموعة بريطانية ثانية صغيرة متفتحة من أزهار الأوركيد ذات اللسان أمر مثير في حد ذاته، إنما أن تعلو سطحاً أخضر في المركز المالي اللندني فهذا حدث استثنائي”.
وختم مؤكداً “إنه دليل واضح على أن أكثر الأماكن غير المتوقعة قد تصبح بالصبر والتفاني ملاذاً لبعض أندر الأنواع البرية لدينا.”