خبر

من جزيرة كورية إلى صحراء تكساس.. مسؤول صيني هارب تحت مطاردة رقمية بلا حدود

يكشف تحقيق لوكالة "أسوشيتد برس" أن بكين تلاحق المسؤول الصيني المتقاعد لي تشوانليانغ عبر أدوات مراقبة رقمية حتى بعد فراره إلى الولايات المتحدة، في امتداد لحملات "مطاردة الثعالب" و"سكاي نت" التي تستهدف المعارضين والمسؤولين الفارين.

لي، الذي كان يتعافى من السرطان في جزيرة سياحية في كوريا الجنوبية، تلقى اتصالاً يحذره من العودة إلى الصين لأنه بات "هارباً". بعد أيام، التُقطت له صورة في مقهى، فغادر إلى الولايات المتحدة بتأشيرة سياحية وقدّم طلب لجوء. لكن الملاحقة لم تتوقف: تمت مراقبة اتصالاته، مصادرة ممتلكاته، تتبع تحركاته في قواعد بيانات الشرطة، التعرف إلى أكثر من 40 من أصدقائه وأقاربه – بينهم ابنته الحامل – واحتجازهم، فيما توفي ثلاثة من شركائه السابقين أثناء احتجازهم، بحسب الوثائق التي راجعتها الوكالة.

وحسب صحيفة أساهي شيمبون، الآسيوية، التحقيق يكشف أن الصين بنت خلال العقد الأخير منظومة مراقبة بالغة القوة، يعتمد جزء كبير من برمجياتها على تكنولوجيا من شركات أمريكية مثل IBM وOracle وMicrosoft. هذه الأدوات تحلل الرسائل النصية، المدفوعات، الرحلات الجوية والاتصالات لرسم شبكة علاقات المسؤولين وأموالهم. ووفق الإحصاءات الرسمية، ساهمت هذه المنظومة في معاقبة نحو 900 ألف مسؤول داخل الصين العام الماضي، وفي إعادة أكثر من 14 ألف شخص – بينهم نحو 3 آلاف مسؤول – من أكثر من 120 دولة، غالباً عبر الضغط على العائلات والاعتقالات.

رسائل إلكترونية مسرّبة ووثائق مشتريات حكومية تظهر أن برنامج المراقبة "i2" من IBM استُخدم في مكاتب التحقيق في الجرائم الاقتصادية، ثم نُسخ عبر شريك صيني هو شركة "لانداسوفت" وطوِّر ليخدم لجان التأديب الحزبية، مع وظائف خاصة لتتبع "الأشخاص المرتبطين" بالمستهدفين، مستفيداً أيضاً من أنظمة "الضريبة الذهبية" و"التمويل الذهبي" و"التدقيق الذهبي" التي تربط بيانات الضرائب والمالية والشرطة على مستوى البلاد، من دون خرق للعقوبات الأمريكية وفق ما تؤكده الشركات، حسب الصحيفة.

وتضيف:" لي نفسه كان جزءاً من هذه المنظومة: عمل محاسباً حكومياً في مسقط رأسه جيكسي، ووقّع على عقود شراء التكنولوجيا الأميركية، وحملته الصحافة الرسمية يوماً على أنه "حصن منيع ضد الفساد". لكن بعد أن جمع وثائق عن إنفاق ترفي لرئيسه الحزبي شو تشاوجون – من عطلات فاخرة وسيارات ورحلات إلى لاس فيغاس – قدّم بلاغاً أدى في النهاية إلى سجن شو 14 عاماً. لاحقاً استقال لي من منصبه، قبل أن تعلن السلطات في 2020 أنه متهم بالفساد واختلاس ما يعادل 435 مليون دولار، وهي اتهامات ينفيها ويعتبرها انتقاماً سياسياً بسبب انتقاداته العلنية وإنشائه في الولايات المتحدة "مركز الإبلاغ عن المخالفات للمسؤولين الصينيين المستبدين".

بحسب التحقيق، واجه محامون حاولوا تمثيل لي تهديدات واستدعاءات، ووُصفت قضيته بأنها "سياسية" على أعلى المستويات. كما سعت الصين لاستصدار "نشرة حمراء" من الإنتربول بحقه قبل سحبها، فيما أبلغ مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي لي أنه ضحية محتملة لمحاولة استهداف نفذها عميل صيني غير مسجل، مؤكداً أن ملاحقة أشخاص داخل الولايات المتحدة بسبب ممارستهم حقوقهم "غير مقبولة". ومع تجميد إدارة ترامب طلبات اللجوء، يبقى مصير لي القضائي معلقاً بين احتمال محاكمة غيابية في الصين وخطر السجن مدى الحياة إذا أُعيد إليها.

يقول لي، الذي يعيش اليوم متنقلاً وبهواتف متعددة ويتحاشى الظهور العلني: "المراقبة الإلكترونية هي الشرايين التي تستخدمها الصين لبسط نفوذها في العالم... اليوم أنا، وغداً قد تكون أنت".

أخبار متعلقة :