تصعيد تجاري أميركي صيني… وبدايات لتحريك التسوية في اليمن… وبرّي ينجح فلسطينياً
فيلق الرحمن يلحق بأحرار الشام بطلب الانسحاب… وجيش الإسلام لا يجد مَنْ يستقبله
النسبية تُجبر الحلفاء على التباعد وتطيح التحالفات المصلحية لصالح اللوائح المنفردة
كتب المحرّر السياسي – البناء
يجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوراقه نحو التفاوض مع كوريا الشمالية بتصعيد يستهدف روسيا والصين، دون الوصول إلى خط التصادم. فالملفات السياسية بوجه روسيا تشهد كلّ يوم جديداً، والملفات الاقتصادية تُستحضر بوجه الصين. ومثل العزف على وتر اتهام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمسؤولية عن تسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال، الحديث عن استثمارات صينية ضخمة تهدّد الاستقرار المالي الأميركي يجب تخفيضها للنصف ومثلها تخفيض الصادرات الصينية لتصحيح الخلل في الميزان التجاري، لكن الحرب التجارية غير الحرب الإعلامية. ففي الحرب الإعلامية يمكن السيطرة على التداعيات أما في الحرب التجارية، فالنتائج خارجة عن السيطرة، والصين قوة اقتصادية عملاقة، أثبتت تجربة رفع الرسوم على الصلب والحديد أنها تصيب حلفاء واشنطن في ألمانيا واليابان قبل أن تصيبها، والسعي لتخفيض الصادرات الصينية أو تخفيض الاستثمارات الصينية في سندات الخزينة الأميركية سيصيب المستهلك الأميركي المحدود الدخل من جهة، واستقرار سعر العملة الأميركية وسعر الفائدة عليها من جهة مقابلة.
في واشنطن حيث الانهماك بملفات متعددة يختتم ولي العهد السعودي مباحثاته بلا تحقيق إنجاز، كان ينتظره في ملف العلاقة مع قطر بانسحاب أميركي من الضغوط لإنهاء سلمي للأزمة الخليجية وترك حرية التصرف للرياض فيها. وبلا وعود بتطوّر نوعي في الضغوط على إيران لم تُظهر التجارب الماضية أنّ واشنطن تملكها وأنّ ما ينقصها هو الثمن الذي يسدّده السعوديون لتفرج عنها. وفي التطورات السورية واللبنانية والعراقية لا يبدو بيد واشنطن والرياض وحلفائهما ما يمكن أن يبدّل في وجهة المتغيّرات المقبلة عسكرياً وسياسياً، والشيء الوحيد الذي رشح من الزيارة ونتائجها هو طلبات أميركية واضحة من السعودية باستثمار التأييد الأميركي لحرب اليمن والمقاطعة مع قطر للمبادرة لإنهاء الملفين سياسياً خلال فترة لا تتعدّى نهاية العام، فيما برزت مؤشرات رسائل أوروبية إيجابية نحو أنصار الله من جهة، ورسائل أميركية مشابهة عبر الوسيط العُماني في ما عرف بالمفاوضات غير المباشرة التي شهدتها مسقط قبل أسابيع.
فلسطينياً، حيث تسرّعت بعض القراءات باعتبار الأزمة الناشئة بين حركتي فتح وحماس على خلفية ما تعرّض له موكب رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة، ووصفته بالسعي لتقرّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس من واشنطن، كانت السجالات التي رافقت الأزمة بين رام الله وواشنطن على خلفية الأوصاف التي استخدمها الرئيس الفلسطيني في مخاطبة السفير الأميركي لدى الاحتلال، إشارة التقطها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لاعتبار الأزمة قابلة للوساطة والحلحلة، نسبة لعدم وجود خيارات سياسية كبرى تبرّرها، فنجحت مبادرته بحضّ الطرفين عبر اتصالات مباشرة بالرئيس عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، لتحكيم المصلحة العليا للقضية الفلسطينية في إدارة الخلاف، وتشجيعه حركة حماس على اتخاذ إجراءات تظهر صدق النيات، وكان واضحاً امس نجاح مسعى بري في تقريب المواقف بعد قيام حماس بمطاردة المتّهمين بتدبير العملية ومقتل أحدهم في المداهمات.
في سورية شهد يوم أمس، تحوّلين كبيرين، الأول كان تنفيذ انسحاب جماعات أحرار الشام من حرستا، ودخول الجيش السوري إلى معقل فيلق الرحمن في عين ترما، لتعلن قيادة فيلق الرحمن موافقتها على انسحاب مسلحيها إلى إدلب، بينما أشاعت مصادر الجماعات المسلحة أنّ هذا الخيار هو سقف ما استطاعت المداخلات الأميركية والأممية الحصول عليه لهم، وبالتوازي كان مسلحو جيش الإسلام وقيادتهم أكثر المرتبكين، بعدما بدا أنّ مسلحي إدلب يرفضون استقبالهم، بينما لا مجال لبديل آخر في المناطق السورية ليدخل الأميركيون بعرض انسحابهم إلى الأردن، في بداية ربما تصبح هي المخرج المشابه لمسلحي إدلب نحو تركيا في المرحلة المقبلة، إيذاناً بنهاية الجماعات المسلحة خلال شهور مقبلة.
لبنانياً، وحيث المشهد الانتخابي في الواجهة مع الفك والتركيب للوائح الانتخابية، سجلت مصادر متابعة لتشكيل اللوائح، خلاصات أساسية يتقدّمها، أنّ النظام الانتخابي القائم على النسبية والصوت التفضيلي، غيّر المشهد السياسي جذرياً، فالقوى التي ترتضي التنازل لتحالفاتها وتتمسّك بالطابع السياسي لهذه التحالفات خطت خطواتها الواثقة مبكراً نحو إنجاز لوائحها كحال تحالف حركة أمل وحزب الله، أما حيث تحلّ قراءة الأحجام أولاً ولو على حساب التحالفات، فما تسبّب بالفشل في تشكيل لوائح مشتركة مع الحلفاء الأقرب سياسياً، تسبّب بالفشل مع الخصم السياسي كحليف انتخابي محتمل، إلا حيث لا يملك الفريقان الحليفان أو الخصمان حاصلاً انتخابياً كافياً فيسند أحدهما الآخر لنيل فرصة مقعد يقرّر الصوت التفضيلي لكليهما الجهة التي تستفيد منه، ولذلك تبدو لوائح تيار المستقبل والقوات اللبنانية شبيهة بلوائح التيار الوطني الحر وحزب الله، لتظهر اللوائح المنفردة بعيداً عن التحالف خياراً أرسخ حيث الأحجام غير متفق عليها، وحيث التحالف السياسي غير كافٍ لتخطّي غموضها بالتنازلات المتبادلة، فكيف تكون التنازلات حيث لا تحالف سياسي، لتكون اللوائح المنفردة أهون من سحب مرشحين يستجلبون أزمات داخلية، وفرصة لاكتشاف الأحجام الحقيقية. وهذا هو حال تيار المستقبل والتيار الوطني الحر في جزين صيدا وحال المستقبل والقوات اللبنانية في زحلة، وحال التيار الوطني الحر وحزب الله في بعبدا، وحال التيار الوطني الحر وكلٍّ من تحالفي الثامن من آذار والرابع عشر من آذار في الشوف وعاليه.
لوائح «التيار» و«القوات» غداً والمفاوضات مستمرّة
مع إقفال باب العودة عن الترشيحات للانتخابات النيابية، تتّجه الأنظار الى يوم غدٍ، حيث يعلن كل من التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» لوائحهما في مختلف الدوائر، ما سيزيد مشهد التحالفات وضوحاً لا سيما بين تيار المستقبل و«القوات»، في ما تكثفت المفاوضات على الخطوط كافة، خصوصاً على جبهة معراب – بيت الوسط لحسم خيارات التحالف في الدوائر محلّ الخلاف، وذلك قبيل ثلاثة أيام من نهاية مهلة تسليم القوائم الانتخابية الى وزارة الداخلية.
وقد رست المفاوضات النهائية بينهما على التحالف في دوائر بعلبك الهرمل وعكار والشوف عاليه، علماً أن المفاوضات لم تتوقّف، بحسب ما قالت أوساط مستقبلية لـ «البناء» في محاولة أخيرة للتفاهم في دوائر أخرى، غير أن الأوساط لفتت الى أن «المستقبل لن يتحالف مع أحد في دائرة طرابلس المنية الضنية وفي دائرة صيدا جزين ودائرة بيروت الثانية، ولديه لوائح مكتملة ويملك حاصلاً انتخابياً كبيراً، أما في الكورة فلم يتم التوصل الى تفاهم حيث ترى «القوات» بأنها تملك حاصلاً انتخابياً يمكنها من حصد 4 مقاعد من دون «جميلة» المستقبل وأي طرف آخر وبالتالي تمّ التفاهم على ترك حرية الاختيار للمستقبليين في هذه الدائرة، لكن التيار الأزرق سيسعى إلى إرضاء القوات والمردة معاً من خلال توزيع أصواته بين مرشّحي الحزبين، غير أن مصادر التيار الوطني الحر أكدت لـ «البناء» أن «المستقبل يدعم المرشح عن المقعد الأرثوذكسي نقولا غصن»، أما في البترون فعلمت «البناء» أن المستقبليين سيصوّتون لوزير الخارجية جبران باسيل، في المقابل يُعقد اليوم في معراب اجتماع حاسم بين «القوات» وحزب «الكتائب» لبتّ التحالف في دائرة الشمال الثالثة، الأمر الذي استبعدته مصادر «البناء» في ظل اشتراط الكتائب لعقد هذا التحالف مع القوات ترشيح النائب الحالي سامر سعادة عن المقعد الماروني على اللائحة.
أما في دائرة عكار، فأشارت مصادر «البناء» الى أن مفاوضات بين المستقبل والتيار الوطني الحر للتحالف، لكنها فشلت ما سيدفع التيار الوطني الى تشكيل لائحة مع النائب السابق وجيه البعريني في ما حسم المستقبل أمره بالتحالف مع القوات وضمّ مستشار رئيس القوات وهبي قاطيشا الى لائحته.
أما في البقاع الغربي فلم يتوصل المستقبل والتيار الحر الى تفاهم، إذ لا مصلحة للتيار الحر بالتحالف مع المستقبل في هذه الدائرة، وفي الوقت نفسه لم يحسم أمر التحالف مع 8 آذار، لكن مصادر مستقبلية نفت أي تفاهم مع القوات في هذه الدائرة بعد أن شكلت القوات لائحتها.
في دائرة بيروت الأولى سيتحالف التيار الوطني الحر والمستقبل وحزب الطاشناق في مواجهة القوات والكتائب ولائحة أخرى تضمّ النائب سيرج طورسركيسيان وميشال تويني وشخصيات بالاضافة الى لائحة حزب 7 ومن المرجّح أن يفوز المستقبل في هذه اللائحة بمقعد أرمني، في المقابل ستصب أصوات التيار الحر في طرابلس الى لائحة المستقبل، أما في دائرة صيدا – جزين فلم يتمّ التوصل الى تفاهم مع التيار الحر الذي يتمسك بالمقاعد المسيحية ولا يريد التنازل للمستقبل عن أي منها، كما أن المستقبل لا يملك حاصلاً انتخابياً يؤهله الفوز بالمقعد السني الثاني ولا بمقعد مسيحي، إذ إن فوز النائب السابق أسامة سعد بات مؤكداً. وقد تفاوتت المعلومات في ما خص مرشح التيار العوني عن المقعد الكاثوليكي في جزين وفي وقت أكدت مصادر «التيار» لـ «البناء» اعتماد المرشح جاد صوايا قالت مصادر أخرى إن «رئيس التيار جبران باسيل حسم الأمر أمس باعتماد المرشح سليم خوري».
ولفتت مصادر المستقبل لـ «البناء» الى أن «الانسحابات بالجملة من لوائح الوزير السابق أشرف ريفي تؤشر الى ضعف شعبية ريفي وخياراته السياسية وأنّه ليس سوى ظاهرة وهمية تمّ تضخيمها في الإعلام، كما تدل على ضعف المناوئين للرئيس سعد الحريري»، مشيرة الى أن «حركة ريفي تخدم حزب الله وليس كما يدّعي بأن المستقبل تنازل لحزب الله بل تنازل لمصلحة لبنان».
وشدّدت المصادر على أن «المستقبل لا يخاف من ريفي الذي لن يستطيع خرق مقاعد التيار في طرابلس، فكيف به في باقي الدوائر؟ وتوقعت أن يحصد المستقبل كتلة نيابية بين 20 و25 نائباً». ولم تؤكد المصادر وقوف السعودية خلف انسحابات بعض المرشحين لمصلحة المستقبل وتخليها عن ريفي، لكنها أكدت أن «السعودية تدعم الحريري والعلاقة جيدة»، لكن مصادر طرابلسية تشير لــ «البناء» الى أن المنافس الذي يشكّل خطراً على المستقبل هو الرئيس نجيب ميقاتي الذي أعلن لائحته في طرابلس منذ أيام.
وبعد النائب خالد الضاهر، أعلن المحامي نبيل الحلبي من بيت الوسط أمس، انسحابه من السباق الانتخابي لمصلحة تيار المستقبل، علماً أنه لم يقدم ترشيحه رسمياً في وزارة الداخلية، بحسب ما أكدت المعلومات.
وقد توالت بعض القوى السياسية على تسجيل لوائحها في الداخلية، وعلمت «البناء» أنه يجري وضع اللمسات الأخيرة على لوائح التيار الحر على أن تنتهي اليوم بشكل نهائي»، لكن لا يعني ذلك حسم التحالفات التي قد تتغيّر بين لحظة وأخرى وتبقى محطّ أخذ ورد خلال الشهر المقبل الذي يسبق موعد الاستحقاق»، كما علمت «البناء» أن لائحة التيار الوطني في بعبدا حسمت بعد انضمام مرشح الحزب الديموقراطي عن المقعد الدرزي سهيل الأعور الى جانب النواب الحاليين آلان عون وناجي غاريوس وحكمت ديب، في مواجهة لائحة القوات، وأكد نائب رئيس التيار المرشح عن مقعد الروم الكاثوليك في دائرة بيروت الأولى نقولا صحناوي أن «أسماء أعضاء اللائحة في الدائرة قد حسمت والإعلان عنها سيتم يوم السبت في الاحتفال الرسمي للتيار الوطني الحر في الفوروم، بالإضافة الى اللوائح التي تضم مرشحي التيار الوطني الحر والموزّعة على كل الاراضي اللبنانية».
وكان باب العودة عن الترشيحات قد أُقفل أمس الأول على 917 مرشحاً بعد أن انسحب 58 وتمّ إبطال أحد الترشيحات لمخالفته المادة 8 من قانون الانتخابات النيابية 44/2017، بحسب ما أشارت المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية، والتي ذكرت بأنّ المهلة النهائية لتسجيل اللوائح تنتهي منتصف ليل الاثنين 26 آذار الحالي.
الأمن العام أوقف الجوهري
وأوقف الأمن العام الشيخ عباس الجوهري المرشح عن المقعد الشيعي في دائرة بعلبك الهرمل، وفي ما حاول الجوهري وبعض وسائل الإعلام استغلال توقيفه والادعاء بأن حزب الله يقف خلف ذلك لأسباب انتخابية، أوضحت المديرية العامة للأمن العام، خلفيات التوقيف، وقالت في بيان: «تقدّم الشيخ عباس الجوهري بتاريخ اليوم من المديرية العامة للأمن العام لإجراء معاملة لعاملة في الخدمة المنزلية فتبين وجود مذكرة توقيف غيابية بحقه رقم 86/869 تاريخ 12/2/2018 صادرة عن قاضي التحقيق في جبل لبنان بجرم مخدرات، وبمراجعة النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان أشارت بتوقيف الشيخ الجوهري وإحالته إليها، وبناء عليه أحيل الشيخ صاحب العلاقة الى النيابة العامة المذكورة بنفس التاريخ».
المال والموازنة
على صعيد آخر، عقدت لجنة المال والموازنة النيابية جلسة برئاسة النائب ابراهيم كنعان أقرت فيها موازنات وزارات التربية والتعليم العالي والدفاع الوطني والاقتصاد والتجارة. وأوضح كنعان ان «الخطة اللبنانية التي عرضت من قبل قيادة الجيش ممثلة بوزير الدفاع وقائد الجيش تمّت الموافقة عليها كاملة من دون أي شرط على لبنان»، لافتاً الى أن «هناك وعوداً بهبات بقيمة 100 مليون دولار، وقد بدأ التفاوض حول اتفاقات تصل قيمتها الى 400 مليون دولار، بفوائد ميسرة بقيمة 2 و2،1 في المئة».
وعلى الصعيد التربوي فـ «النقاشات تطرقت الى الأعباء الكبيرة والمتزايدة التي تتكبّدها الخزينة جراء الطلاب السوريين، كما وضع وزير التربية اللجنة في أجواء الاتصالات التي تحصل مع نقابة المعلمين والمدارس الخاصة في ما يتعلّق بالقانون 46 والرواتب، وأبلغنا بأن لديه تصوراً سيطرحه الاثنين المقبل عند مناقشة مواد القانون». وطمأن كنعان أساتذة الجامعة اللبنانية الى «عدم المسّ بصندوق التقاعد وان مساهمة الدولة اللبنانية لم تخفّض».
في غضون ذلك، توافق وزير المال علي حسن خليل ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر الذي زاره أمس، مع وفد من نقابة عمال ومستخدمي كهرباء لبنان، على الصيغة النهائية لسلسلة الرتب والرواتب الخاصة بهم، ووقعها خليل الذي غرّد قائلاً: توافقنا مع الاتحاد العمالي العام ونقابة عمال ومستخدمي كهرباء لبنان، على الصيغة النهائية لسلسلة الرتب والرواتب الخاصة بمؤسسة كهرباء لبنان، وتمّ توقيعها، على أن تنجز مشاريع سلاسل مصالح المياه والمستشفيات وأوجيرو تباعاً.