8 آذار في مأزق... و14 تتفرّج

8 آذار في مأزق... و14 تتفرّج
8 آذار في مأزق... و14 تتفرّج
كتبت شارل جبور في "الجمهورية": خلطت إنتفاضة 17 تشرين الأوراق السياسية إلى درجة أصبح معها الانقسام التقليدي بين 8 و14 آذار قديماً، ولكن مع فارق، انّ الفريق الثاني حيّد نفسه عن المواجهة مع الناس، فيما الفريق الأول وضع نفسه في مواجهة مباشرة معها.

نجاح فريق 8 آذار بتشكيل حكومة اللون الواحد ولّد انطباعاً انّ هذا الفريق ما زال متماسكاً خلافاً لفريق 14 آذار الذي تفكّكت مكوناته وابتعدت بعضها عن بعض، فيما تشكيل الحكومة لم يكن موجّهاً حقيقة ضد 14 آذار، إنما كل الهدف منه كان حفاظ فريق 8 آذار على مكتسباته السلطوية، مع شعوره بأنّها باتت مهدّدة من طرفين: الناس الثائرة في الشارع، والأزمة المالية الخانقة. وبدلاً من ان يتراجع هذا الفريق ويراجع خطواته، قرّر ان يتقدّم في اتجاه التشكيل، ولو منفرداً، وعلى طريقة تكنوقراط، بغية أن يواصل من خلالهم الإمساك بناصية القرار والوزارات، ولو كانت الكلفة التضحية بالوجوه السياسية، ولكن هذه الكلفة تبقى أقل بكثير، بالنسبة إليه، من تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلّين يخسر معها الوجوه السياسية وسلطة القرار.


وما تقدّم، يعني انّ فريق 8 آذار قرّر أن يلعب «صولد» لسببين أساسيين: لأنّه لا يريد التفريط بمكتسباته السلطوية التي تعلو في نظره ولا يُعلى عليها، ولأنّه يثق بقدرته على السيطرة على الأزمة المالية، وفي أسوأ الحالات التعايش معها في حدود مقبولة. ولكنه في المقابل وضع نفسه في مواجهة مباشرة مع الناس ومع أزمة مالية، بالكاد حكومة طوارئ بغطاء من جميع اللبنانيين قادرة على مواجهتها، فكيف بالحري بحكومة من لون واحد؟

وليس عن عبث حاول "حزب الله" جاهداً ان يتمسّك بالرئيس سعد الحريري خلافاً لإرادة حليفه الرئيس ميشال عون، تجنباً لتشكيل حكومة من لون واحد، يصبح فيها في مواجهة مباشرة مع الداخل والخارج، ويتحوّل فيها فريق 14 آذار إلى موقع المتفرِّج على أزمة ومواجهة وضع نفسه في منأى عنهما.

ولا شك انّه في حال نجاح 8 آذار في التصدّي للأزمة المالية، يستطيع ان يخرج إلى اللبنانيين ليقول، إنّ الفريق الآخر كان يعرقل خطواته، وانّ تفرّده بالقرار أتاح له تحقيق ما تطلبه الناس، الأمر الذي يمكنه من أن يتسلّم دفة الحكم لسنوات مديدة، ولكن فرص نجاحه ضئيلة جداً، وبالتالي سيتحمّل تبعات فشله، خصوصاً انّ نأي مكونات 14 آذار بنفسها ومن دون تنسيق هذا الموقف بين بعضها في ظل العلاقات الباردة بين مكوناتها، وضعه في مواجهة شريحة جديدة من اللبنانيين كانت حتى الأمس القريب لا تميِّز بين 8 و14 آذار.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى