الحكومة بين سندان الشارع ومطرقة الاقتصاد... الوقت داهم والترقب سيد الموقف

الحكومة بين سندان الشارع ومطرقة الاقتصاد... الوقت داهم والترقب سيد الموقف
الحكومة بين سندان الشارع ومطرقة الاقتصاد... الوقت داهم والترقب سيد الموقف
انطلقت أمس أعمال الحكومة الفعلية مع انطلاق اجتماعات لجنة صياغة البيان الوزاري، على وقع استحقاقات كبيرة تدق باب الحكومة لا سيما في ما يتعلق بالديون الخارجية وامكانية الاستعانة بصندوق النقد الدولي، الأمر الذي أثر سلباً على قيمة سندات لبنان.

وشكّل الوضع الأمني أمس، اثر الاعتداء على مجموعة من المتظاهرين أمام مجلس الجنوب، أول تحد أمام الحكومة ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول مصير الاتفاق السياسي لا سيما مع حركة أمل بعد أن تضامنت مكونات الحكومة مع الحركات الاحتجاجية.


البيان الوزاري على نار حامية
بدأت اللجنة الوزارية المكلفة اعداد البيان الوزاري اجتماعاتها في السرايا برئاسة رئيس الوزراء حسان دياب الذي بدا حريصاً على "وضع خريطة عمل للحكومة من خلال البيان الوزاري الذي يجب ان يبتعد عن الجمل الإنشائية والمطولات والتعقيدات اللغوية والتفسيرات المتناقضة وان يعتمد الحقائق والوقائع".

وأشارت المعلومات لصحيفة "اللواء" الى ان الاجتماعات انطلقت من دون مسودة، بحيث بدأ عرض الافكار والعناوين التي سيتضمنها، وكان الرئيس حسان دياب يغادره بعض الوقت لإجراء لقاءاته مع الزوار الرسميين من امنيين ودوليين، ثم يعود حيث كانت اللجنة تواصل مناقشتها.

واشارت المصادر الى انه من المبكر اعطاء توصيف بالشكل والمضمون للبيان قبل اتضاح كل العناوين والافكار والاقتراحات والمشاريع المطلوبة.

لكنها توقعت ان يكون البيان واقعياً، ويعكس دعوة الرئيس ميشال عون في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء، إلى العمل من أجل استعادة ثقة اللبنانيين أولاً والخارج ثانياً، ويأخذ بالاعتبار التحديات التي تواجه لبنان في هذه المرحلة.
وعلمت "اللواء" ان الرئيس دياب طلب من أعضاء اللجنة جوجلة الأفكار، وصياغتها بطريقة مختصرة، خاصة في الموضوع الاقتصادي.

وظهرت تباينات في موضوع دمج الإدارات وتخفيضها.

وفي ما خص المقاومة، هناك صيغة مجمّلة.

وفي هذا السياق، أكدت مصادر مطلعة لـ"الأخبار" أن الحكومة ستضمّن بيانها حديثاً عن "خطة طوارئ لخمسة أشهر"، تلتزم فيها بتنفيذ إجراءات تُمهّد لتحويل الاقتصاد من ريعي إلى منتج! علماً بأنه كان لافتاً تضمن المسودة، في هذا السياق، خلاصات من دراسة شركة "ماكنزي" التي تسترشد بها الحكومة في إعداد خطة عملها. وإضافة إلى سعي الحكومة إلى مساعدة المصارف على إعادة رسملتها، فإنها ستدرس ما إذا كان البلد بحاجة إلى اللجوء إلى الخارج في عملية إنقاذ الاقتصاد والمالية، أو لا. ولا يعني هذا أن "سيدر" سيكون خارج خطة الحكومة، كما لا يعني عدم الاسترشاد بتقارير الجهات المانحة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

الحكومة تحت المجهر
وسط هذه الأجواء، دعت مصادر وزارية رفيعة عبر "اللواء" إلى انتظار الأيام العشرة المقبلة التي يفترض ان تشهد مسار عمل الحكومة واولوياتها، معتبرة ان الأزمة لا تحتمل المماطلة أو التأخير.

وفي الغضون، أكدت مصادر حكومية لـ"نداء الوطن" أنّ مجلس الوزراء سيعمد إلى ترجمة باكورة خطواته الإصلاحية، "في فترة زمنية قصيرة لا تتعدى الأسبوعين بعد نيل الثقة البرلمانية"، وإذ لفتت إلى أنه "من المبكر الحديث الآن عن اللجوء إلى صندوق النقد"، أشارت في المقابل إلى أنّ "الموقف الأوروبي يبدو متجاوباً مع طلب مساعدة لبنان بينما الموقف الأميركي لا يزال أقل تجاوباً"، موضحةً أنّ "خريطة الإصلاح" التي ستتبعها الحكومة سوف تتدرّج في أولوياتها بين عدة بنود: "أولاً: قطاع الكهرباء بما يشمل من تعيين مجلس إدارة جديد وهيئة ناظمة والانتقال من الفيول إلى الغاز، ثانياً: ضبط التهرّب الضريبي والمرافئ الشرعية وغير الشرعية، ثالثاً: وضع آليات تنفيذ الشراكة مع القطاع الخاص، ورابعاً تنظيم عمل القطاع المصرفي".

وتوقعت المصادر ان تنجز الحكومة خلال الأسبوع المقبل تشخيصاً واضحاً حول الأوضاع الاقتصادية والمالية برمتها، مما يُساعد على وضع النقاط الأساسية في هذا الإطار ضمن البيان الوزاري، ولفتت إلى انه بمجرد وضع مسار عمل الحكومة قد يترك ارتياحاً لدى المواطن اللبناني، لكنها شددت على ان الورقة الإصلاحية التي وضعتها الحكومة السابقة عشية استقالتها وضعت على عجل، مما انعكس سلباً على الوضع عكس ما كان متوقعاً منها، إلا ان المصادر لم تشأ التأكيد ممّا إذا كانت الحكومة ستتبنى الورقة الإصلاحية، أم انها ترى انها لم تعد كافية.

كذلك لم تبد مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ"اللواء" أي وجهة نظر من هذه الورقة، واكتفت بالقول ان رئيس الجمهورية يولي أهمية لملف الإصلاحات، كما ينتظر ما إذا كانت الورقة الإصلاحية ستخضع للتعديل داخل الحكومة أم سيُصار إلى تفعيلها.

واوضحت المصادر المقربة من رئاسة الجمهورية لـ"اللواء" ان الرئيس ميشال عون راغب في ان تنطلق الحكومة بعد اقرارها البيان الوزاري ونيلها الثقة على اساسه في مجلس النواب في انجاز ملفاتها ولا سيما في الاقتصاد والاصلاحات ومكافحة الفساد، مشيرة الى ان الأولوية اليوم هي لانقاذ لبنان ومضاعفة الانتاجية وفق برنامج متفق عليه.

وقالت المصادر ان الرئيس عون يدعم كل ما من شأنه معالجة الأوضاع الصعبة ويؤيد الأفكار التي تصب في هذا الاتجاه على ان يشكل مجلس الوزراء المكان المناسب لهذا الأمر كاشفة انه ليس بالضرورة ان تعقد جلستان في قصر بعبدا في الأسبوع الواحد، لكنها اوضحت ان التوجه قائم من اجل عقد هاتين الجلستين كل اثنين وخميس.

الوضع الاقتصادي على طاولة مجلس الوزراء
وفي وقت تتجه الأنظار الى جلسات الموازنة المقررة يومي الاثنين والثلاثاء، وسط جدل دستوري حول ما اذا كان يحق لحكومة لم تنل الثقة، حضور الجلسة، وتبني أو الدفاع عن مشروع موازنة لم تضعها هي، واعتبار ذلك مخالفة دستورية، فضلا عن مخاوف أمنية من ان تواكب الجلسة تحركات احتجاجية من قبل شباب الحراك، على غرار ما حصل في الأيام الماضية من قبل المتظاهرين في وسط بيروت، أو على غرار ما تعرض له النواب قبل جلسة العفو حيث لم يتمكن أحد من الوصول إلى مبنى المجلس.

الا ان معلومات رسمية ذكرت ان هناك إجراءات ستتخذها قيادة الجيش من أجل تأمين حضور الحكومة الجديدة والنواب إلى المجلس.

يلتقي وزير المالية غازي وزني اليوم نائب مدير المكتب التنفيذي للدول العربية في صندوق النقد الدولي سامي جدع في زيارة تعارف، وبمجرد الإعلان عن هذا اللقاء، هوت السندات السيادية للبنان المقوّمة بالدولار بما يصل إلى 2.7 سنت، بالرغم من أن جدع ليس المعني بالتفاوض في قضايا تتعلق بإعادة هيكلة الدين العام أو تقديم البرامج الإنقاذية.
ونقلت مصادر نيابية لـ"نداء الوطن" معطيات تفيد بوجود "امتعاض حكومي" من سيل التصريحات غير المتوازنة التي يدلي بها وزير المال غازي وزني، بدءاً من تصريحه الشهير فور توزيره بأنّ سعر الدولار لن يعود كما كان، وستبقى السوق الموازية لدى الصرافين هي المتحكمة بسعره، الأمر الذي سبّب حالة من البلبلة في الأسواق وبين المواطنين "اضطر معها رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الطلب من وزني توخي الحذر في تصريحاته"، وصولاً إلى الأمس مع "تحميل كلامه عن صندوق النقد الدولي، مسؤولية هبوط قيمة سندات لبنان الدولارية" عشية اجتماعه بممثلين عن الصندوق.
في أي حال، لن تمر جلسات الموازنة مروراً هادئاً لان الانتفاضة الشعبية أعدت برنامجا تصعيديا ستبدأه بعد ظهر اليوم بمسيرات شعبية في مناطق عدة من بيروت وفي محيط مجلس النواب تحت عنوان "لا ثقة لن ندفع الثمن" ويرجح تصاعد هذه التحركات في الايام التالية وسط اجراءات متشددة ستتخذها القوى الامنية والعسكرية يومي الاثنين والثلثاء في وسط بيروت.

ترقب عربي

وسط ذلك، بقي التساؤل سيّد الموقف في ما خص الترقب العربي، إذ لوحظ انه لليوم الرابع، بعد تأليف الحكومة لم يصدر أي موقف ترحيبي بحكومة الرئيس دياب، ولم يتلق أية برقية تهنئة بتأليف الحكومة.

وكشف مصدر مطلع لـ"اللواء" ان المعطيات الدبلوماسية تشي بأن السلبية في الحكومة الحالية، حتى قبل نيلها الثقة، ما تزال سيّدة الموقف.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟