لفت الرئيس تمام سلام الى أن “لا مجال للتشكيك بإجراء الانتخابات وبات يفصلنا عنها أقل من شهرين”، وقال: “هي حاصلة بموجب قانون جديد، ومع الأسف فيه شوائب كثيرة وهناك مآخذ عليه، ما أوجد غموضا وعدم وضوح لدى المواطن في التعاطي معه”. وتمنى توضيحه قبل 6 ايار ليقوم كل مواطن بدوره، مشددا على أن الوطن يحتاج الى كل ابنائه في هذا الاستحقاق، “حتى ولو كان سلبيا على شاكلة الورقة البيضاء لجهة عدم اختيار أحد من المرشحين أو من اللوائح”.
وأمل في حديث الى “القدس العربي” أن “يكون التنافس بين كل اللوائح بما يستحق لبنان من مستقبل تمثيلي لمجلس نواب فاعل، يحسن الاوضاع ويسعى الى طروحات وحلول جذرية لكثير من المشاكل التي تحتاج الى تشريع جديد ومقاربة قانونية جديدة”.
واعتبر أنه “أصبح مسلما به عند غالبية المواطنين والذين يهتمون بلبنان، أن هذا البلد الذي يجمع ويحتضن مكونات طائفية ذات بعد طائفي ومذهبي، عليها أن تتفاهم بين بعضها البعض للحفاظ على البلد، وفي كل مرة يعتقد أحد هذه المكونات أن لديه القدرة أو الامكانات للسيطرة على البلد يختل الميزان”، لافتا الى “اننا مررنا بتجارب عن هذه السلبيات وهذه المقاربات الاحادية أو التفردية أو الانعزالية كما سميت في وقت من الاوقات”.
أضاف: “اذا كانت هناك نية صادقة للحفاظ على هذا الوطن، فالمطلوب من الجميع من دون استثناء، سواء حزب الله أو غيره، أن يدركوا ضرورة التعاون والحوار في ما بينهم والتوازن في العلاقات وفي التمثيل، ليقطف اللبناني وليحصد لبنان نتائج ايجابية وبناءة”.
وردا على سؤال تحت أي شعار يخوض الانتخابات قال: “تحت شعار بناء الدولة والحفاظ عليها والاستمرار بتحصين لبنان، والذي يكون من خلال استكمال كل مقومات الشرعية اللبنانية التي غابت في فترة من الزمن وعانينا منها الكثير ودفعنا الاثمان الباهظة. فالمزيد من الانقسام والتشرذم أو العدائية بين القوى السياسية لا يفيد لبنان”.
أضاف: “الرئيس سعد الحريري الذي أتحالف معه اليوم، يحمل عبئا كبيرا في خياراته وفي مساره السياسي، وبالتالي علينا أن نتعاضد لنعطي أفضل الفرص للحفاظ على ما قلته سابقا أي الوطن والدولة. اما اذا إتجه كل منا ليحصد لذاته موقعا أو مكانا على حساب الآخر فلن يكون هناك إلا المزيد من الضرر”. ودعا الى أن “يعي المواطن في هذه الظروف الانتخابية أهمية وحدة الصف واهمية الابتعاد عن الشرذمة. فصحيح أن القانون النسبي يشجع في مكان ما المرشحين للاعتقاد بأن لديهم فرصة من خلال ما يعرف بالصوت التفضيلي أو الحاصل الانتخابي أن يؤمنوا لأنفسهم مقعدا، ولذلك نلاحظ هذا العدد الكبير من المرشحين الذي قارب الألف على 128 مقعدا”.
ودعا الى “توحيد الصف والكلمة، ومن هنا كان خياري التحالف مع الرئيس الحريري وإلا فأنا من الذين لديهم الأهلية لتأليف لائحة وللمضي بهذه الانتخابات مستقلا، وإنما هذا سيزيد في شرذمة الصف”.
وردا على سؤال يتعلق بالفرق بيت فترة ترؤسه الحكومة في ظل الشغور الرئاسي، وترؤس الحريري واستقالته والعودة عنها، قال: “لكل مرحلة ظروفها وأحداثها ومستجداتها. فالفترة التي كنت أتحمل فيها المسؤولية في ظل شغور رئاسي قارب 3 سنوات، تركت الكثير من الاستحقاقات معلقة، وهددت الوضع العام في لبنان برمته، وكان علينا أن نسعى كي لا نساعد في هذا الانهيار، بل كان الصمود رغم قلة الانتاجية هو الأبرز، وبرأيي قمنا بذلك بشكل أمن عبور الوطن الى ظرف أفضل. لا شك أنه بعد هذه المرحلة الصعبة، أتت مرحلة جديدة، تم إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، وبدأ العمل. ومن أبرز نتائج هذا العمل قانون الانتخاب رغم الشوائب التي تحدثنا عنها والمضي في إجراء الانتخابات العامة، لأن لبنان بلد ديموقراطي التي من مقوماتها الانتخابات وتدعيم الحريات. نعم امام الرئيس الحريري تحديات وظروفه ليست بالضرورة أفضل من ظروفي، ومن هنا التعاضد معه لنعبر سويا هذه الاستحقاقات بما يدعم المسيرة الوطنية”.
وعن كيفية مخاطبته أبناء بيروت التي قسمت الى دائرتين، أجاب: “أقول بداية لاهالي بيروت، انطلاقا من شوائب هذا القانون وكان أبرزها وقلت ذلك في مجلس النواب أن هناك جانبا بشعا فيه، أنه قسم بيروت الى بيروتين وعدنا الى نغمة شرقية وغربية، ومنذ بضعة ايام سمعنا احد القادة في الطرف الشرقي من بيروت يدعو الى تقسيم بلدية بيروت في حال لم تقم بواجباتها، وأنا كنت أتوقع أن يدعو الى مقاطعتها أو الاستنكاف عن العمل فيها. أما تقسيمها فكنا جاهدنا لسنوات من اجل الابتعاد عن منطق التقسيم في كل لبنان وبالذات في بيروت. ومن هنا أقول لبيروت الثانية إنه على أبنائها أن يسعوا جاهدين لابراز دورهم والتأكيد على هذا الدور من خلال مشاركتهم الكثيفة في هذه الانتخابات”.
وقال: “أنا مع توحيد الصفوف ولست مع شرذمتها. وأدعو اهالي بيروت الى دعم اللائحة التي تحالفت معها أو إنضويت تحت لوائها برئاسة رئيس الوزراء سعد الحريري لنعزز الفرص وامكانية النهوض وتلبية حاجاتها ومطالبها، لأن اهالي بيروت يبقون المعقل الرئيسي للعمل العام في لبنان حيث يلتقي كل اللبنانيين ويؤمون هذه المدينة، وقد تمكن اهلها من تحويلها الى عاصمة لأنهم إنفتحوا وتعاملوا مع الآخرين، فتاريخيا كانت صيدا وصور وطرابلس أهم من بيروت، ولكن خلال ال 200 سنة أو ال 300 سنة الماضية، تحولت بيروت الى عاصمة لكل لبنان، لأن اهلها الطيبين “البيارتة” الاصيلين تمكنوا من أن ينفتحوا، ويأتي الى بيروت نهارا مليون لبناني ليتركونها ليلا، إنما اهل بيروت بحد ذاتهم والجميع يعرف أنه في الدائرة الثانية وحدها 350 الف ناخب تقريبا، عليهم أن يحصنوا مدينتهم ودورها وذلك من خلال تواصلهم واتحادهم ونحن لهم ومعهم ونقوم ونسعى لذلك”.
وعن شعار “الاوادم” الذي صدر من هذا البيت وبات البعض يصادره قال: “أصبح شائعا، المهم في هذا الشعار أنه عندما أطلقته في منتصف الثمانينات، كانت هناك فلتان وتسيب في البلد، وكان الزعران منتشرين في كل زاوية ومكان، وتغلغلوا في الساحات وفي أجواء القيادات السياسية، وكانت هناك المواجهات المعروفة وكانت بيروت مثقلة بتجاوزات الميليشيات، يومها وقفت وقلت وأنا مجرد من السلاح قلت إن الحرب في لبنان ليست بين المسلم والمسيحي، وليست بين الغني والفقير، وليست بين البعيد والقريب، بل هي حرب بين الأوادم والزعران، وكنت على يقين بأن 90 و95 في المئة من الناس أوادم، وبأن قلة هي التي تطفو على السطح وتمارس عن طريق العنف سطوتها وسلطانها واسميتهم بالزعران. وكان موقفي حينها غير مألوف لأنه لم يكن لدينا ما نواجه به هؤلاء غير الكلمة واستعملناها. واليوم أنا سعيد أن أرى أن الكثيرين يتمسكون بالاوادم ويسعون للانتماء اليهم. وأعود وأكرر أن في يقيني أن الغالبية الساحقة من اللبنانيين أوادم واهل بيروت بالذات من أطيب الناس وأكثرهم آدمية، وهذا لا يعيبهم ولا يضعفهم ابدا، بل يعطيهم من الذات ليستمروا في مواجهتهم التحديات التي يواجهونها عبر السنوات لكي تتحول مدينتهم الى عاصمة تحتضن الجميع”.
وعن زيارته الى الممثل زياد عيتاني، في وقت رأى البعض في قضيته مسألة انتخابية، قال: “ربما يكون ذلك صحيحا لو كان زياد عيتاني مرشحا الى الانتخابات، ولكنه ليس من المرشحين. هو مواطن بيروتي من عائلة بيروتية كريمة وكبيرة، وقلائل يعرفون أن جده هو الفنان الكبير محمد شامل، وبالتالي هو نشأ وترعرع في بيت فني عريق وتمكن من أن ينجح كفنان، والظلم لا يمكن لأحد أن يتقبله وأن يتحمله، وكان لا بد من أن نتعاطف معه، أولا حرصا على رفع المظلومية واحقاق الحق، وثانيا لدعم الاوادم وهؤلاء منهم والذين يجب علينا أن نقف معهم كل ذلك بعيدا عن الانتخابات والسياسة”.
وعن حلحلة العلاقات بين لبنان ودول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، أجاب: “أنا مرتاح لأن عكس ذلك لن نجني منه إلا الأذى والضرر بحق لبنان واللبنانيين، فالعلاقة تاريخية بين لبنان والمملكة العربية السعودية. وعودة الامور الى مجراها الطبيعي وحاضنها التاريخي، أمر يريح الجميع وهو ليس فقط مريحا للرئيس سعد الحريري الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من هذا الواقع، إنما لكل اللبنانيين”.
وقال: “نعم المملكة كانت وعبر عقود طويلة داعمة للبنان، وموقفها حاضن لكل شأن يساعد لبنان على التقدم والتطور ونهوضه، وشهادة على ذلك المؤتمرات والمساعدات واليد التي كانت تمتد بالخير للبنان، ولا يمكن لأحد أن يسجل في تاريخ العلاقة أنه ولو للحظة، ساهمت المملكة العربية السعودية في رصاصة أو في قذيفة واحدة في لبنان أو في أي قطعة سلاح، كان سلاحها دائما دعم ومساعدة الشرعية ودعم ومساعدة المجتمع اللبناني، ونأمل أن يستمر ذلك، لا سيما أننا اليوم امام نهضة جديدة وعهد جديد برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الامير محمد بن سلمان الذي لا شك يطرح ما يجول اليوم في خاطر وبال كل شاب وشابة في عالمنا العربي، وليس فقط في المملكة، من اصلاحات ومقاربات لنفض الغبار عن كثير من الامور التي تحتاج الى تطوير وعصرنة في مواجهة كل المتحولات في العالم. وآمل أن يكون لنا في لبنان، مزيد من العلاقات والتواصل مع المملكة وقياداتها لما فيه خير لبنان والمملكة”.
وعن الوضع في المنطقة في ظل تخوف البعض مما يجري في سوريا والقرارات الاخيرة للرئيس الاميركي، أجاب: “كنا نقول في الماضي إذا تراجعت الامور وإختلت في لبنان سيكون لذلك اثر على كل المنطقة، فكيف والحال في سوريا وهو بلد أكبر واكثر نفوذا من لبنان؟ كل ذلك سيرشح عنه بشكل متواصل الاخطار على كل المنطقة، فكيف ستتبلور هذه الاخطار والى ماذا ستؤدي؟ كل سنة تتدخل دولة جديدة وتتورط، والصراع قائم على اشده وخصوصا بين اللاعبين الكبار واللاعبين الاقليميين. نعم المرحلة دقيقة وحرجة وحساسة، من هنا ضرورة تحصين لبنان والنأي بالنفس، لأنه لا سمح الله اذا إنعكس أي اختلال في المواجهات في اتجاه لبنان سينالنا أذى مباشر. وآمل أن يتفق اللاعبان الكبيران على تهدئة الامور وعلى تسوية وتصفية الحسابات بين بعضهم البعض، بشكل يساهم في إرساء السلام والاستقرار في المنطقة. أما اذا استمر النزاع بالوتيرة التي نراها اليوم، فعلينا جميعا أن نكون حذرين جدا”.