هل يُطلب اذن المجلس النيابي للملاحقة الجزائية؟

هل يُطلب اذن المجلس النيابي للملاحقة الجزائية؟
هل يُطلب اذن المجلس النيابي للملاحقة الجزائية؟

لطالما تحكمت التفاهمات السياسية والطائفية بمسار عمل المؤسسات الدستورية وحتى القضائية، فأسوة بالكثير من اقتراحات القوانين التي لم يبت بها، فإن طلبات رفع حصانة عن نواب نيمت في ادراج المجلس لاسباب عدة، ومنها على سبيل المثال طلب رفع حصانة عن النائب السابق معين المرعبي من قبل قيادة الجيش اللبناني، وطلب رفع الحصانة عن النائب السابق محمد كبارة من قبل رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان، علما ان لبنان شهد في تاريخه فقط رفع حصانة في العام 1952 عن النائب رفعت قزعون بتهمة قتل أحد الصحافيين، وفي العام 1994 عن االنائب يحيى شمص بتهمة تهريب المخدرات، وفي العام 1999 عن النائب حبيب حكيم بتهمة الضلوع في ملف محرقة برج حمود.

 

بعد حادثة قصر العدل في بعبدا ودخول النائب عن كتلة "المستقبل" هادي حبيش مكتب القاضية غادة عون لاعتراضه على توقيف مدير عام هيئة ادارة السير هدى سلوم علت اصوات تطالب بضرورة رفع المجلس النيابي الحصانة عن نائب عكار لاهانته السلطة القضائية، علما أن  أوساطاً سياسية وأخرى تدور في الفلك القانوني رأت أن ما اقترفه حبيش يختلف كثيرا عن الحالات السابقة الذكر.

 

وبحسب الخبير الدستوري  والقانوني عادل يمين لـ"لبنان24" فإن هناك نوعين من الحصانة النيابية:

 

النوع الأول يتصل بحصانة الأفكار والآراء المنصوص عليها في المادة 39 من الدستور، وهي مطلقة وتشمل الأفكار والآراء التي يبديها النائب مدة نيابته وغايتها تمكينه من ممارسة دوره النيابي والتمثيلي بكل حرية بعيدا من الخوف من أي ملاحقة بسبب مواقفه.

 

النوع الثاني يرتبط بالحصانة الإجرائية او النسبية التي تمنع المباشرة في ملاحقة نائب قبل رفع الحصانة في البرلمان، وهدف هذا التدبير الحؤول دون ضغط السلطات. وهذا النوع من الحصانة نصت عليه المادة 40 من الدستور ويتعلق بالأفعال الجرمبة َوحصرت الحصانة بدورات انعقاد البرلمان وأجازت للأخير رفعها واستثنت الجرم المشهود من نطاق الحصانة ومن الحاجة إلى طلب اذن البرلمان، والهدف من هذه الحصانة منع السلطة من ممارسة الكيدية في الملاحقة لتعطيل دور النائب والضغط عليه، في حين أنه متى كان الجرم مشهودا فلا يعود من أي شك في أن ملف الملاحقة كيدي أو هزيل أو مفبرك وهو ما يبرر انتفاء الحصانة في هذه الحالة.

 

ومن الواضح، بحسب يمين، أن النيابة العامة التمييزية اعتبرت الفعل موضوع البحث (ما قام به النائب حبيش) جرما مشهودا لأنها ارسلت كتاباً إلى رئيس المجلس النيابي تحيطه علما بالحادث وبعزمها على الملاحقة بدون طلب الإذن، كما أن النائب العام الاستئنافي في بيروت قد ادعى من دون طلب اذن البرلمان وقد ردت مذكرة المدفوع الشكلية التي قدمها المدعى عليه في هذا الخصوص، علما أن طلب الإذن في ما لو كان ثمة حاجة اليه يقدم من المدعي العام التمييزي إلى رئيس البرلمان بواسطة وزير العدل وتصوت عليه الهيئة العامة للبرلمان بالأغلبية النسبية بناء على تقرير تعده هيئة مكتب المجلس ولجنة الحصانة.

 

اما الآراء والأفكار التي شملتها المادة 35 من الدستور بالحصانة المطلقة فتتعلق، كما يؤكد يمين، بتلك الآراء المتصلة بأدائه النيابي، بشرط أن تكون الأقوال مجرد آراء وأفكار ولا تحمل توصيفات وتصنيفات أخرى، وهو ما يعود تقديره للمحكمة المختصة، ولكن من الواضح أن مجلس القضاء الأعلى عندما طلب من المدعي العام التمييزي اتخاذ الإجراءات اللازمة فهو اعتبر أن الحدث يخرج على مفهوم الآراء والأفكار.

 

لكن الافتراض جدلا أن الدفوع الشكلية التي يقدمها المدعى عليه اوصلت الى قرار قضائي مبرم باعتبار أن الفعل مشمول بالحصانة النيابية ولا يدخل ضمن مفهوم الجرم المشهود فعندها يكون لا بد، بحسب يمين، من طلب اذن المجلس للملاحقة الجزائية.وعندئد سيدعو رئيس البرلمان بعد تلقيه طلب رفع الحصانة وفق المادة 92  من نظامه  الداخلي هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة لدرس الطلب، وعلى هذه الهيئة تقديم تقرير بشأنه في مهلة أقصاها أسبوعان. واذا  لم تقدم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المعنية في المادة السابقة، وجب على رئاسة المجلس بحسب المادة 93 إعطاء علم بذلك للمجلس في أول جلسة يعقدها، وللمجلس أن يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة إضافية بالقدر الذي يراه كافياً أو وضع يده على الطلب والبت به مباشرةً. وعندما يباشر المجلس البحث في طلب رفع الحصانة يجب استمرار المناقشة حتى البت نهائياً بالموضوع بحسب المادة 94، مع ضرورة التقيد بنص المادة 95: للإذن بالملاحقة مفعول حصري ولا يسري إلا على الفعل المعين في طلب رفع الحصانة الذي وفق المادة 96 يتخذ بالأكثرية النسبية وفقاً للمادة 34 من الدستور، مع  الاشارة الى ان للهيئة المشتركة وللمجلس عند درس ومناقشة طلب رفع الحصانة تقدير جدية الملاحقة والتأكد من أن الطلب بعيد عن الغايات الحزبية والسياسية ولا يستهدف حرمان النائب من ممارسة عمله النيابي.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟