أخبار عاجلة

زاسبيكين vs فيلتمان.. لبنان ساحة للصراع الأميركي-الروسي؟

زاسبيكين vs فيلتمان.. لبنان ساحة للصراع الأميركي-الروسي؟
زاسبيكين vs فيلتمان.. لبنان ساحة للصراع الأميركي-الروسي؟
تراقب موسكو ما يجري في لبنان بحذر. كيف لا وهي التي تسترجع مشاهد الثورات الملونة في بدايات القرن العشرين؟ هكذا يمكن قراءة التبدلات الطفيفة التي تطرأ بشكل تدريجي على مواقف المسؤولين منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الأول الفائت، لا سيما أنّ المشهد اللبناني لا يزال يتحوّل.

وفي آخر التصريحات الروسية، تعليق السفير الروسي لدى لبنان الكسندر زاسبيكين على لقاء الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف والمبعوث الخاص لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري جورج شعبان. في مطالعته، قارن زاسبيكين بين دور بلاده في لبنان والدور الأميركي، إذ قال: "دورنا ايجابي في لبنان، أمّا دور أميركا فتخريبي". كما تعمّد زاسبيكين تسليط الضوء على مسألة العقوبات، إذ اعتبر "سياسة العقوبات بمثابة عامل ضغط سلبي على كل ما يجري في البلد"، مشدداً على أنّ العقوبات على "حزب الله تؤثر على كافة النواحي المالية والاقتصادية والاجتماعية"، ومحذراً من "أطراف خارجية تستغل الحراك الشعبي لمصلحتها".

وعلى مستوى استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، قال زاسبيكين: "للرئيس سعد للحريري علاقات جيدة مع روسيا وكنا نعتبره الأنسب للبنان حين كان رئيسا للحكومة ونعتبر دوره ايجابيا اذا استمر في هذا المنصب"، مؤكداً "ضرورة ايجاد القواسم المشتركة والتقارب بين الاطراف اللبنانية وايجاد المخرج الأنسب وعنصر الوقت مهم جدا في هذه الظروف".

يأتي الموقف الروسي هذا بعدما عبّر الجانب الروسي عن أمل موسكو في "نجاح الجهود التي تبذلها قيادة البلاد، بما فيها مساعي الحريري الرامية الى ايجاد حل سريع يبنى على قاعدة التوافق الوطني حول اهم المسائل الداخلية الملحة، ومن ضمنها صيغة وتشكيلة الحكومة الجديدة القادرة على ايجاد حلول فعالة للمشاكل الصعبة والمعقدة التي يعاني منها المجتمع اللبناني"، بحسب ما صدر عن "الخارجية الروسية". بهذا البيان، تكون روسيا قد عدّلت موقف لافروف الأسبوع الفائت، إذا كان قد اعتبر أن حكومة سياسية هي الحل الأفضل للبنان، وذلك وسط مخاوف من استغلال التحركات الاحتجاجية من قبل أطراف داخلية.

على الضفة الأخرى، تبرز مطالعة السفير الأميركي السابق والأشهر في لبنان، جيفري فيلتمان، أمام الكونغرس. فقبل تأكيد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أمس استعداد بلاده للعمل مع "حكومة لبنانية جديدة تستجيب لاحتياجات مواطنيها"، حذّر فيلتمان من أنّ نتائج الاحتجاجات قد تؤثر على المصالح الأميركية. واللافت أنّ فيلتمان نبّه من إقدام الصين وروسيا على ملء فراغ بلاده، فسأل: "ماذا لو استغلت روسيا موانئ لبنان الثلاثة ومخزونات الهيدروكربون البحرية؟ ستفوز في شرق وجنوب المتوسط، على حسابنا". كما أعرب فيلتمان عن قلقه من تنامي النفوذ الصيني، وصعوبة مقاومة اللبنانيين تقنية الجيل الخامس الصينية، قائلاً: "بالنظر إلى الحالة المؤسفة لشبكة الاتصالات"، وخالصاً إلى أنّ لبنان "مكان للمنافسة الاستراتيجية العالمية، وإذا تنازلنا عن الأرض، سيملأ الآخرون الفراغ بسعادة".

لا يمكن وضع تصريح فيلتمان إلاّ في سياق الاندفاعة الروسية في لبنان وسوريا بشكل خاص في السنوات الأخيرة الماضية: فقبل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب الأميركي، في خطوة اعتبرها محللون تخلياً عن الساحة للروس، دخلت روسيا لبنان من بوابة الطاقة، وذلك بتوقيعها عقد تطوير وتشغيل وخدمة منشآت تخزين النفط في طرابلس مع شركة "روسنفت" الروسية.

آنذاك، أكّد محللون أنّ المشروع الروسي يأتي في سياقٍ واحد وهو توسّع النّفوذ الروسي في المنطقة، لا سيما أنّ الشّركة المملوكة من الحكومة الروسية بنسبة 51%، "تلعب دورًا أساسيًا في السياسة الخارجية لموسكو، بوصفها الذراع الاقتصادية الأهم التي تملكها روسيا"، بحسب "رويترز".

وإلى جانب الوجود العسكري في سوريا، لا يسعنا أن نغفل توقيع موسكو عقدا لتطوير واستثمار، مرفأ طرطوس، الأكبر في سوريا، لمدة 49 عاماً، وبكلفة تفوق 500 مليون دولار. كما سبق لروسيا أن فازت بعقد لاستثمار واستخراج الفوسفات من مناجم منطقة تدمر لمدة خمسين عاماً.

على مستوى الصين، ردّ المدير العام لإدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا في دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي تشينغ جيان وي على دعوة الأمين العام لـ"حزب الله"، السيد حسن نصرالله إلى التعاون مع الصين، قائلاً: "ليست لدينا النية أن نكون بديلاً من أميركا في لبنان، وليست لدينا القدرة على ذلك".

حماسة روسية وبرود أميركي.. وفجوة في المواقف بين باريس وواشنطن

إذا كان الأميركيون قد فضلوا التفرّج على ما يجري في ظل تقارير تتحدّث عن عدم ممانعة واشنطن انهيار لبنان، يسجل للروس اللقاءات التي عقدوها مع المسؤولين اللبنانيين منذ اندلاع الانتفاضة. فقبل لقائه بشعبان، التقى بوغدانوف بمستشاررئيس الجمهورية للشؤون الروسية النائب السابق أمل بو زيد في موسكو ، حيث أبدى الجانب الروسي دعمه للرئيس ميشال عون ومواقفه التي تصب في المصلحة الوطنية العليا.

توازياً، تتحدّث مصادر أوروبية عن فجوة في المواقف بين باريس وواشنطن في التعامل مع الأزمة اللبنانية. وتقول إن "المواقف التي ظهرت في الولايات المتحدة، لا سيّما على لسان وزير الخارجية مايك بومبيو وسفير واشنطن السابق في لبنان جيفري فيلتمان، وضعت الأزمة داخل سياق المواجهة الأميركية الإيرانية وداخل سياق الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على حزب الله، فيما تدفع فرنسا باتجاه حصر الأزمة في بعدها اللبناني وعزلها عن سياقات سياسية إقليمية ودولية أخرى".

وتنبّه هذه المصادر إلى أن "باريس حريصة على عدم تشجيع أي مقاربات خارجية من شأنها تفجير الوضع الداخلي في لبنان، لا سيّما في وجود أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري، وأن مقارباتها في هذا الملف تحظى بدعم الاتحاد الأوروبي، خصوصا وأن موقف بريطانيا في اجتماع الثلاثاء كان أقرب إلى موقف فرنسا منه إلى الموقف الأميركي".

في انتظار اتضاح المشهد مع مواصلة اللبنانيين احتجاجاتهم في وقت لم يحدّد فيه عون موعداً للاستشارات الملزمة، ماذا ينتظر لبنان؟ وكيف سيكون شكل الحكومة العتيدة؟

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى عشرات الصواريخ اُطلقت من لبنان باتجاه الجليل والجولان