كتب عماد مرمل في "الجمهورية": رسائل كثيرة تضمّنتها تظاهرة "التيار الوطني الحر" في محيط قصر بعبدا، وكلمتا الرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل أمام المحتشدين. من الواضح أنّ "التيار"، الذي بَدا في موقع دفاعي بعد انتفاضة 17 تشرين الأول، شَنّ أمس ما يشبه "الهجوم المضاد" على جبهات عدة، محاولاً استعادة المبادرة السياسية والشعبية، وإعادة ترميم توازن القوى الداخلي.
- الاول، إعادة شدّ عصب جمهوره ورفع معنوياته بعد اضطرابه وانكفائه خلال الاسبوعين الماضيين تحت وطأة الاتهامات القاسية التي تعرّض لها "التيار" من بعض المشاركين في الحراك، ومن ثم تهيئة القواعد العونية للانتقال الى مرحلة سياسية جديدة ستكون مغايرة في أدواتها وعناوينها لِما كان سائداً في السابق.
- الثاني، توجيه رسالة مباشرة الى أصحاب الأجندات السياسية الذين تغلغلوا في الساحات للتصويب على عون وباسيل، مفادها أنّ شارع "التيار" لا يزال متماسكاً وقادراً على صنع التوازن مع الشوارع الأخرى، وانّ إسقاط العهد أو الانقلاب عليه ليس ممكناً مهما اشتدت الحملات الرامية الى محاصرته وضربه.
ومع تظاهرة البارحة، يكون قد أضيفَ ضلع آخر الى معادلة التوازن بين "الشوارع السياسية، والتي ارتسَمت بوضوح خلال الايام الماضية، سواء بواسطة تحرّك أنصار "القوات اللبنانية" الذين كانوا حاضرين في احتجاجات شرق بيروت، أو من خلال اندفاعة جمهور "تيار المستقبل" الذي انتفَض بعد استقالة الحريري تضامناً معه، أو عبر غضب مناصري حركة "أمل" و"حزب الله" الذين بادروا الى رد فعل حاد اعتراضاً على التعرّض لقياداتهم.
بهذا المعنى، حضر أمس اللون البرتقالي في صورة "توازن الردع" بين الساحات المشرّعة، واكتمل نصاب «الشوارع» اللبنانية المُستنفرة، مع تدفّق العونيين الى محيط قصر بعبدا دعماً لرئيس الجمهورية ورئيس "التيار"، على قاعدة «نحن هنا».
لقد شعر التيار البرتقالي بأنه نجا من "محاولة اغتيال" معنوي وسياسي نفّذها خصومه الذين تَنكّروا، في رأيه، بزي الحراك وامتَطوا حصانه. وبالتالي، فإنّ تظاهرة بعبدا هي في جانب منها "تظاهرة ثأرية"، وليست فقط تضامنية مع رئيس الجمهورية.