جبران باسيل... تلك الشخصية المثيرة للجدل!

جبران باسيل... تلك الشخصية المثيرة للجدل!
جبران باسيل... تلك الشخصية المثيرة للجدل!
قبل أن يسطع نجمه بعد عودة الجنرال (الرئيس) ميشال عون من منفاه لم يكن أحد قد سمع بإسمه، حتى خلال الحراك العوني ضد السلطة آنذاك لم يسمع به أحد، فيما كان كثيرون من العونيين يتعرّضون للضرب والإحتجاز، خاصة في 7 آب من العام 2000، تردّدت أسماء كثيرين منهم.

في تلك الفترة لم يكن جبران باسيل (صهر الجنرال) يتقدم على سواه من رفاقه أيام النضال والعمل السري، ثم العلني، قبل العام 2005. في ذلك الوقت لم تكن الأسماء اللامعة تعني شيئًا، إذ كان جميع الأسماء تخفت في ظل زعامة العماد عون، وكان الهم المشترك بين جميع المنضوين إلى التيار أن يكونوا كتلة متراصة ومندفعة للعمل بصدق وتجرّد من أجل إعلاء شأن "التيار"، وكانت الأسماء البارزة تُعدّ على أصابع اليد الواحدة، ولم يكن همهم أن يبرزوا ما دام الهدف مؤّمنًا بشخصية "الجنرال" الذي جسّد أحلامهم وطموحاتهم التغييرية. كانوا فريقاً يوزع المهام بين أعضائه، كل بحسب قدرته وخبرته واختصاصه. وكانت الأولوية للإنجازات لا للبروز الإعلامي. كانوا كلهم يحلمون بوطن أفضل، وكان العماد عون هو الرمز الذي آمنوا بأنهم تحت جناحيه، قادرون على تحقيق المعجزات.


ظهر إسمه إلى العلن للمرة الأولى، وقبل عودة "الجنرال" من باريس، حين تقرر في إجتماع عقد في مقر إقامة عماد التيار في باريس ترشيح كل من جبران باسيل في البترون وابراهيم كنعان في المتن وسليم عون في زحلة، تلك كانت الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل بالنسبة إلى شاب لا يميزه عن غيره سوى مصاهرته للجنرال. فكانت هذه الخطوة بمثابة النقزة الأولى التي تلقاها البعض، وإن لم يحمّلها أكثر مما تحتمل.

عندما عاد العماد عون من منفاه الباريسي كان باسيل دائماً إلى جانبه، إذ نادراً ما كانت تلتقط صورة للعماد إلا ويكون فيها صهره، فأصبحا لا يفترقان إلا ما ندر، فكان بمثابة مستشاره الأول، الذي تُسمع كلمته ويُعمل بها.

في الاجتماعات الأولى لـ "لقاء البريستول" كان "التيار" ممثلاً بزياد عبس وانطوان نصرالله، قبل أن يأتي القرار بإزاحة الاثنين وتسليم الدفة لباسيل. في الاجتماعات التمهيدية لتفاهم "حزب الله" و"التيار" كان باسيل وعبس هما المعنيان بالتنسيق مع الحزب، قبل أن يُخرج عبس رويداً رويداً من الصورة ويبقى باسيل ممسكاً حصرا بملف العلاقة مع الحزب.

ولأنه صار "رجل المهمات الصعبة"، لم يكن صعباً عليه أن يمسك بملفين متناقضين، فكان مسؤولاً عن العلاقة مع السفارة الأميركية في موازاة مسؤوليته عن العلاقة مع "حزب الله"، فكان يجمع في شخصيته ميزتي الصقر والحمامة في آن معًا.

ومع الوقت بدا أن لا قيادات في "التيار" سوى جبران، الذي إختزل بشخصيته جميع المقربين، فكان يمسك بجميع الملفات بدينامية مميزة، بعدما أزاح أو أقال، في مرحلة تسلمّه رئاسة "التيار"، جميع الذين كانوا ينافسونه.

بعد انتخابات المتن الفرعية، كان ألان عون يحضّر للقاء بين العماد عون والرئيس أمين الجميل. حينها أيضاً تدخل جبران واستلم الدفة، ثم صار اللقاء عند الياس أبو صعب!
كل من في "التيار" يعرف أن إمكانات ضخمة سخّرت لمعركة البترون النيابية في دورتي 2005 و2009، من دون أن يتمكّن باسيل من الفوز. الغصة لازمته إلى أن تمكّن من فرض القانون النسبي، الذي فُصّل خصيصًا على قياسه إلى أن تمكّن من الفوز بإنتخابات ربيع 2018.

 في الحكومة، لم يكن الوضع أفضل. تعطل تشكيل أكثر من حكومة بسبب الإصرار على توزير باسيل شخصياً. بعد انتخابات العام 2009 كان الرئيس سعد الحريري قد اتخذ القرار بعدم توزير "الراسبين"، لكن إصرار عون، استدعى تدخلاً من أعلى المستويات. فكان أن وزّر جبران بعد القول الشهير للعماد عون "كرمى عيون جبران عمرا ما تكون حكومة".

في العام 2015، أزيح إبن شقيقة الجنرال النائب الان عون من الطريق فصار جبران رئيساً لـ"التيار" من دون منافس، فبدأ عهده بإقالة جميع الذين أعترضوا على نهجه وأسلوبه في التعامل مع "الحرس القديم" وجلهم من رفاق السلاح، يوم كان العماد عون قائدًا للجيش، ومن بينهم من نظمّ هذه السنة قداسًا في ذكرى شهداء 13 تشرين الأول لا علاقة له بقداس "التيار".

وعلى رغم أن النائب ابراهيم كنعان كان منتدبًا من قبل "التيار" لإيجاد صيغة توافقية مع "القوات اللبنانية"، التي إنتدبت إبن المتن أيضًا الوزير ملحم الرياشي، فإن بصمات باسيل لم تكن غائبة، وبالأخص عندما تمت التسوية بين الرابية ومعراب لتبني ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، فكان إتفاق معراب السري، والذي لم يعد كذلك، من تصميم وإخراج مهندس التسويات، الذي إنتقل إلى "بيت الوسط"، بالتوافق مع نادر الحريري، فكانت التسوية الرئاسية، التي لا تزال صامدة حتى يومنا هذا، إلى حدّ أن باسيل أبلغ الرئيس سعد الحريري، عندما صار حديث عن تغيير حكومي، "دخلنا الحكومة معًا ونخرج منها معًا".

وقبل الإنتفاضة كانت لباسيل إطلالة من بلدة الحدث، أعلن فيها أنه ذاهب إلى دمشق، وأنه سيقلب طاولة مجلس الوزراء على رؤوس الجميع، وهذا ما أثار حفيظة كثيرين، ومن بينهم الرئيس الحريري نفسه، الذي أبدى إمتعاضه من حديث باسيل الإستعلائي.

في الإنتفاضة الشعبية يحظى باسيل بقسط وافر من الإنتقاد وصولًا إلى الشتم وتحميله مسؤولية فشل العهد.

وبموازاة تحرّك الشارع يبرز إسم جبران باسيل كمعرقل اساسي لتسوية رحيل الحكومة الحالية وإستبدالها بأخرى من أهل الإختصاص، لأن رئيس الجمهورية لم يهضم بعد فكرة تشكيل حكومة لا يكون فيها الصهر وزيرًا. وهنا بيت القصيد.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى