الاسعار ارتفعت 100%.. الدولة غائبة ولا من يراقب

الاسعار ارتفعت 100%.. الدولة غائبة ولا من يراقب
الاسعار ارتفعت 100%.. الدولة غائبة ولا من يراقب
تحت عنوان "سياسة النعامة" الحكومية أساس... "العصفورية" كتب خالد ابو شقرا في صحيفة "نداء الوطن" وقال: لا تدرك السلطة أن تمسّكها بالحكم بهذا الشكل ومن دون رضى الشعب سيُفقدها ما بقي من هيبتها، بعدما قضى نهائياً على عنصر الثقة فيها. وبغياب هذين العنصرين تكون الدولة قد خسرت أهم مكوّنات وجودها، وتنازلت عمّا بقي لها من صلاحيات ومرتكزات شرعية لمصلحة اللاشرعية.
كل يوم يمرّ من دون إستقالة الحكومة، لا يعمّق الهوّة بين الدولة والشعب فحسب، بل يفسح المجال لاستحكام الفوضى، وقيام اقتصاد رديف، يُعمّق الأزمات ويُراكم مسبّبات الإنفجار الإجتماعي، ويدفع الى تغليب منطق الغاب في تعاطي المواطنين مع بعضهم بعضاً، والذي يقوم على الإستغلال والكسب السريع.

الإقتصاد الرديف

جولة على الأسواق تُظهر أن نسبة إرتفاع الأسعار في الكثير من السلع والخدمات فاقت الـ 100 في المئة. "الباص" الشهير رقم 4، الذي ينطلق من "حي السلم" الى "الحمرا" رفع تسعيرته من 1000 الى 2000 ليرة لبنانية، وبعض "الفانات" أصبحت تتقاضى مبلغ 3000 ليرة. منتجات التبغ والتنباك زادت في معظم المحالّ بين 500 والف ليرة للعلبة. البيض، الزيوت، المعلبات ومنتجات الشامبو والصابون ارتفعت مع نهاية هذا الشهر بين 250 و1000 ليرة في معظم المحالّ التجارية وتحديداً الصغيرة منها. بطاقات تشريج الهاتف الخلوي "الكبيرة" وصل سعر مبيعها الى 49 ألف ليرة، أي بزيادة 10 آلاف ليرة عن السعر الرسمي، في ظل إقفال شركتي "تاتش" و"ألفا" وعدم تسليم البطاقات.

كل هذا من ضمن السلع الإستهلاكية اليومية للمواطنين، أما في ما خص أسعار السلع الكمالية من أحذية وملبوسات وجزادين وإكسسوارات، فحدّث ولا حرج عن نسب إرتفاع الأسعار على الرغم من كل شعارات التنزيلات التي تزيّن الواجهات.

الدولة غائبة

"الإتجاه العام هو لرفع الأسعار، إذ تصلنا يومياً عشرات الشكاوى على متاجر ومؤسسات كبيرة وصغيرة تعمد الى إنزال بضائعها عن الرفوف وتُعيد تسعيرها بزيادة لا تقل عن 30 في المئة"، يقول رئيس جمعية حماية المستهلك في لبنان زهير برو.

ثلاثة عوامل تدفع اليوم الى ارتفاع الأسعار:

الاول، إشتراط المستوردين أو بائعي الجملة على التجار الدفع بالدولار أو بالليرة على أساس سعر صرف يتراوح بين 1650 و 1800 ليرة مقابل كل دولار.

الثاني، وقف المستوردين لعمليات البيع بالدين أو "على الفاتورة" كما تُسمّى باللغة التجارية، واشتراطهم على التجار تسديد ثمن مشترياتهم نقداً.

الثالث، تهافت المواطنين على شراء السلع وتحديداً الغذائية منها، خوفاً من انقطاعها أو حتى ارتفاع أسعارها، الامر الذي يزيد الضغط على الطلب في ظل تراجع العرض ويدفع الى مزيد من ارتفاع الأسعار.

ويرى برو أن "هناك تواطؤاً بين التجار والسلطة السياسية، التي تغض النظر قصداً عن هذه الممارسات، ولا تتدخل بقمعها أو تحرير محاضر بحق المخالفين، وذلك لتحضير المواطنين لعملية تحرير العملة تدريجياً، وترك السوق يوازن نفسه بنفسه بعيداً من سياسات التدخّل والحماية".

الخطير بالموضوع هو أن الأمور لن تقف عند حدّ معين، لا بل إن السلع الثلاث المدعومة (النفط والدواء والقمح)، التي جرى تمييزها وحمايتها، سيُرفع عنها الدعم واحدة تلو الاخرى وتترك حرية تحديد أسعارها لقاعدة العرض والطلب في السوق.

إرتفاع الاسعار... ظرفي!

"النقص الكبير في السلع الناتج من إقفال المرفأ وانقطاع الطرقات، وعجز الشركات عن إيصال منتجاتها الى الأطراف، وارتفاع مخاطر إيصال البضائع الى المناطق نتيجة تقطّع أوصال البلد، وتطلّبها الكثير من الجهد والوقت... هي السبب وراء الارتفاع الظرفي في الأسعار"، يقول عضو جمعية تجار بيروت باسم بواب.

أسعار الأمر الواقع، فرضت نفسها على الجميع، والكل "عذره معه"، بحسب أحد المستوردين، "فنحن لا نستطيع أن نتحمّل كلفة تغيير سعر صرف الدولار على مستوردات بملايين الدولارات، وبالتالي نحن مضطرون لنقلها الى تجار المفرّق الذين بدورهم سيعمدون الى نقلها للمستهلك النهائي".

نظرياً قد تبدو الأمور منطقية، لكن فعلياً أصبح الأمر وكأننا نعيش في "عصفورية". فارتفاع الأسعار لم يقف عند حد تغيّر سعر صرف الدولار، بل فاقه بأضعاف. وكما هو معروف في لبنان فإن الأسعار لا تعود الى الانخفاض بعد تغير الظرف الذي أدى الى ارتفاعها، وبالتالي "دخلنا في مرحلة جديدة من التلاعب بأسعار السلع والخدمات، وكل الامل أن تبقى عند هذا الحد، ولا ترتفع أكثر"، يقول أحد المواطنين أمام محل للصيرفة.

ما يفاقم المشكلة هو اتّباع الحكومة سياسة النعامة "فبدلاً من أن تختبئ وراء إقفال الطرقات كي تبرّر صمتها وتقاعسها عن ضبط الأوضاع، وجب عليها الخروج ومصارحة الناس بما آلت اليه الأمور، وبالتالي تتحمّل مسؤولياتها في إيجاد المخارج والحلول، وإلا فإن البلد ذاهب نحو انفجار اجتماعي"، يختم برو.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى