تحت عنوان لماذا تعارض "القوات" لبنان الدائرة الواحدة؟، كتب طارق ترشيشي في "الجمهروية": تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والمالية الضاغطة، يُنتظر ان ينحسر النقاش، او يؤجّل، الى امد غير مسمّى، في ملفين، هما مشروع قانون الانتخاب الجديد الذي اقترحه رئيس مجلس النواب نبيه بري، والمادة 95 من الدستور، التي وجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسالة في شأنها الى مجلس النواب طالباً تفسيرها. فكلا الملفين بدأا يثيران انقسامات سياسية وحساسيات طائفية.
ويبدو انّ بري اراد من اقتراحه الانتخابي الجديد ان يلاقي انتخابات 2022 بقانون انتخاب يبطل شكاوى المعترضين على القانون النسبي، وفي الوقت نفسه لا يكون محل اعتراض لدى الذين حظيوا بـ «نعمة» هذا القانون وحققوا بواسطته فوزاً ملحوظاً بعدد المقاعد النيابية.
لكن مع ذلك، لا يزال بين الأفرقاء السياسيين من يعارضون أو يعترضون على اقتراح بري ويتمسّكون بالقانون النسبي النافذ، ويتصدّر هؤلاء "القوات اللبنانية"، التي توضح مصادرها، انّ رفضها إقتراح القانون الانتخابي لكتلة "التنمية والتحرير" نابع من نقاط عدّة وهيّ:
-أوّلا، الشّق الإقتصادي، لأنّ الرئيس برّي هو في طليعة القوى السياسية التي تتحدّث عن الوضع الإقتصادي الدقيق في لبنان، وعن حالة الطوارئ، وبالتالي في لحظات من هذا النوع هناك ما يستدعي الاستنفار. وحين يتحدّث الرئيس برّي عن طوارئ فيجب فعلاً الذهاب الى حالة طوارئ بعيداً من مواضيع سياسية تؤدي الى إنقسامات، علماً أنّ موضوع قانون الانتخاب يشكّل انقساماً سياسياً داخلياً ويؤدي الى عدم إستقرار سياسي، وبالتالي لا مصلحة أبداً في هذا التوقيت أن يُطرح موضوع إنتخابي خلافيّ. من هنا يجب بالحد الأدنى في هذه المرحلة تجميد الخلافات السياسية والإنقسامات والملفات التي تثير الإنقسام، والذهاب أكثر فأكثر نحو الأمور المتعلقة بالوضوع الإقتصادي حصراً، لأّنّ الأولوية هي لإنقاذ لبنان.
ـ ثانياً، نحن نعتبر أنّ كل القوانين الانتخابية المتعاقبة منذ 1992 هي قوانين إنتخابية مجحفة، ضربت التمثيل الصحيح، وضربت "اتفاق الطائف" بنصّه وبروحه، ولم تجسّد القوانين الشراكة والتمثيل الصحيحين، لذلك نحن مع صحة التمثيل لكل المجموعات، أكانت أقليات سياسية أم من طبيعة دينية، ولذا فإننا نرى في قانون لبنان الدائرة الإنتخابية الواحدة الذي قدّمته كتلة "التنمية والتحرير" جزءاً لا يتجزأ من النقاط الخلافية بين "الديموقراطية العددية" و"الديموقراطية التوافقية"، حيث أنّ هذا القانون هو إنعكاس للديموقراطية العددية التي شكّلت نقطة خلافية لبنانية منذ نشأت الجمهورية اللبنانية وحتى اليوم، فيما لبنان قائم على الديموقراطيات التوافقية. ولذلك فإنّ هذا القانون لا يعكس صحة الواقع السياسي المطلوب.
ـ ثالثاً، انّ القوانين الانتخابية هي جزء لا يتجزأ من الاستقرار السياسي في أي بلد في العالم، ونعتبر أنّ أي قانون يجب أن يكون له مفاعيل الاستمرارية، أي أن يخدم لأكثر من دورة إنتخابية. لذلك نحن نرى أنّ من الخطأ الذهاب الى إقرار قانون انتخابي جديد مع كل دورة انتخابية، ولذلك يجب أن نتمسّك بالقانون الحالي، واذا كان هناك من شوائب ظهرت في الممارسة فيجب العمل على إزالتها. ومن هنا، نحن مع عدم المس بالقانون الحالي، لأنّ جوهره يعكس صحة التمثيل، ونحن مع تغيير نقطتين في القانون الحالي.