يمكن إختصار شكل الاداء الرسمي بالارباك الكامل والعجز الشامل، غاب معظم المسؤولين عن الشاشة بالامس وتصدرتها مشاهد "الغضب الشعبي" الممزوج بالفوضى وبعض الشغب، طبعا لا يملك مسؤول واحد في الدولة اللبنانية إجابة شافية عن أسباب إنهمار دموع عجوز في الشارع يئن من الالم قائلا "موجوع "، عبارة تختصر حالة الشعب اللبناني، ومقولة "موجوع" تشبه الى حد بعيد كلمة "هرمنا ...هرمنا" التي أطلقها مواطن تونسي ذات يوم في بداية إنطلاق الربيع العربي .
بالمقابل، القى رئيس الجمهورية فور وصوله بالمسؤولية على حاكم مصرف لبنان ووزارة المالية ثم تعمد فريقه التلميح الى إستهداف سياسي يتعرض له الرئيس عون متصلة بمواقفه التي إتخذها في إجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة، سانده من بعيد الوزير جبرانت باسيل بالحديث عن "مؤامرة " يتعرض لها لبنان من باب الاقتصاد تساندها أطراف داخلية، وبموازاة ذلك تشي أجواء "التيار الوطني الحر" بالتحضير لمعركة سياسية وشعبية عناونها الاساسي الدفاع عن العهد وعدم تحميله تراكمات العهود السابقة.
في ضوء غضب الشارع، والذي لا مفر منه في ظل تفشي البطالة والبؤس ووصول حالة الشعب اللبناني إلى القعر الاسفل يدرك أهل السلطة تماما بأنهم لا يملكون ترف التفكير الهادىء، خصوصا أنهم أهدروا معظم الفرص والمهل الزمنية، وعليهم اليوم الانصراف نحو معالجات حقيقية بما في ذلك إعلان حالة طوارىء إقتصادية تتضمن إجراء عملية إصلاح حقيقية ووقف النزيف في المال العام. صحيح أن ما جرى من شغب ليس بالقدر الذي يثير القلق على إنفجار شامل لكن لا يمكن الاستهانة بمؤشراته الخطيرة.