مَن يُحرّك الشارع ومتى الإنفجار الكبير؟!

مَن يُحرّك الشارع ومتى الإنفجار الكبير؟!
مَن يُحرّك الشارع ومتى الإنفجار الكبير؟!
بغض النظر عما إذا كانت تظاهرات الأمس عفوية أو أن ثمة جهة معينة تحركها أو تستفيد من عفويتها لإستغلالها سياسيًا والتصويب من خلالها على أهل السلطة، التي يبدو أنها في وادٍ والشعب في وادٍ آخر، أو بالأحرى لا يعرفون ماذا يجري على الأرض ومدى معاناة المواطنين، الذين لم يجدوا وسيلة لإسماع صوتهم سوى النزول إلى الشارع، على رغم بعض المظاهر، التي لا تصّب في خانة خدمة القضية الأهم، والتي كانت الدافع الأساسي لخروج الناس من شرنقة الصمت والدفاع عما يعتبرونه حقًا من حقوقهم المسلوبة ورفع الصوت في وجه بعضٍ من لامبالاة أهل الحكم، الذين يفتشون عن الحلول للأزمات الإقتصادية والمالية التي تنهش جسم الوطن، على حساب عامة الناس ومن حساباتهم ومن جيوبهم.

ما حصل بالأمس كان منتظرًا بعدما وصلت الامور إلى حدّ الإختناق، وبعدما بلغت اللامبالاة حدودًا لم يعد من الجائز القبول بنتائجها الكارثية، وبعدما وصلت الأمور بأهل السلطة إلى تبادل الإتهامات وتقاذف مسؤولية ما حصل وعدم إستعدادهم لتحمّل المسؤولية كاملة والتستر وراء حجج واهية لم تعد تنطلي على أحد، وهي أصبحت حديث الكبير والصغير، خصوصًا أن الكلام الذي قيل لم يدّل إلى أي مدى يمكن الوثوق بالإجراءات التي يُحكى أنها ستتخذ للحدّ من تفاقم الأزمات المتراكمة، بحيث أصبحت كل أزمة تخفي وراءها أزمة أخرى، بمعنى أن الأزمات تتوالد الواحدة تلو الأخرى من دون نهاية أو ملامح لإنفراج ما قبل الإنفجار الكبير.

صحيح أن من طالب بإسقاط النظام في بعض تظاهرات الأمس لم يكن هدفه الوضع الإقتصادي المأزوم، ولم تخطر على باله البدائل الممكنة التي يمكن أن تحّل مكان سلطة النظام، مع العلم أن تظاهرات ما يسمى بـ"الربيع العربي"، والتي كانت شعاراتها "الشعب يريد إسقاط النظام"، أدّت إلى إشاعة الفوضى وإلى الدخول في متاهات سياسية وعسكرية لها أول وليس لها آخر، وقد شهدنا بالأمس بعض مظاهر هذه الفوضى حين أعتدى بعض الموتورين على القوى الأمنية، من جيش وأمن داخلي، مع أن سيف الوضع الإقتصادي يطاول عناصرها بالقدر نفسه الذي يمس بمصالح كل مواطن، ومن بينهم بعض ممن نزل إلى الشارع، من دون خلفيات سياسية، بقصد إحداث "نقزة" لدى أهل السلطة، الذين لا يعرفون ماذا يحدث على أرض الواقع، وكأنهم يعيشون في كوكب آخر غير كوكبنا.

ما حدث بالأمس قد يكون بداية لسلسلة تحركات شعبية من أجل إحداث تغيير ما في ذهنية بعض الذين لا يرون الحلول سوى باللجوء إلى فرض مزيد من الضرائب على الفئات الشعبية الأكثر فقرًا وعوزًا، وهي باتت غير قادرة على الإستمرار في ظل الإجراءات التي لم تلامس حتى الساعة حدود المعالجات الجدّية والمسؤولة.

ليس صحيحًا أن ثمة أطرافًا خارجية أو داخلية تحرّك الشارع، وإن كان بعض الجهات تحاول تثمير حراك الشارع لمصلحتها، لأن وجع الناس لا يمكن إستغلاله أو تجييره في عملية تصفية الحسابات. فصوت الشارع وأنين المواطنين أقوى من أي محاولة لحرف هذا الحراك عن أهدافه الحقيقية، وهي المطالبة بحقهم بالعيش بكرامة في دولة الفرص المتكافئة وليس في دولة الفرص الضائعة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى