لم تعد جدران الصالونات السياسية تتسع للكلام الذي يُقال داخلها، حول تداعيات الاشتباكات الاخيرة ووقوف طرفي التسوية خلف متراسين متصادمين، وما خرج من بواطن النفوس من مفردات بدت وكأنها تعبّر عن رغبات دفينة في إحداث انقلاب في الصورة السياسية القائمة، وفرض صورة جديدة عنوانها: الأمر لي!
التقى طرفا التسوية السياسية بعد انقطاع، والصورة التي التُقطت للرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، أظهرتهما مبتسمين، وخرج الحريري مرتاحاً كما اوحى، مما وصف اللقاء بالممتاز مع عون. لكن ثمة سؤالاً يفرض نفسه هنا: هل نزع اللقاء فتيل الاشتباك؟ وهل بدّد ذيول ما حصل في الأيام الاخيرة؟ وهل حقن لقاء الرئيسين التسوية القائمة بينهما بمقويات تجعلها قادرة على الصمود، امام أي رياح ساخنة قد تهبّ عليها من هنا أو هناك؟
قد يكون اللقاء محطة تبريدية واحتوائية موقتة لما حصل، اسكتت مرابض التراشق السياسي والاعلامي، لكن من السذاجة افتراض انّها نزعت فتيل الخلاف بين منطقين، أخرجا المكنون إلى العلن وعبّرا عنه بحدّة غير مسبوقة بينهما، ما يعني بقاء هذا الفتيل قابلاً للاشتعال في أي لحظة. وخصوصاً انّ الغليان السياسي لا يزال مستمراً، والذي تفاعل مع استحضار خطاب سياسي من قبيل "السنّية السياسية" التي ولدت على جثة "المارونية السياسية"، ومع الردّ في المقابل بحديث عمّا سُمّي "غضب أهل السنّة"، ومن ثم صعود الخطاب السياسي إلى كلام عن "حقوق المسيحيين المسلوبة" في جانب، وعن "صلاحيات رئيس الحكومة المطاح بها" في جانب آخر، علماً انّ الغليان على خط التسوية، يتوازى مع أزمة اقتصادية اكثر غلياناً لا توفّر نارها مسيحياً او مسلماً وكل من ينتمي الى سائر الطوائف المكونة النسيج المجتمعي اللبناني، ويتوازى أيضاً مع العواصف الإقليمية التي يُخشى في لحظة معينة ان تضع لبنان في عينها.
أخطر ما يُقال في صالونات السياسة، إنّ ثمة تشابهاً مخيفاً بين هذه المرحلة التي يمرّ بها لبنان اليوم، وبين المراحل السابقة التي عاشها في الزمن الخلافي الماضي الحاد بين اللبنانيين، والذي دفع لبنان بنتيجته حروباً واثماناً باهظة. وكذلك الأمر بالنسبة الى الواقع الاقليمي. إذ أنّ وجه الشبه كبير جداً بين الأمس واليوم.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.