انضم وليد جنبلاط بشكل رسمي وعلني الى الرئيس نبيه بري في معركته المفتوحة مع رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري بعدما تطور التلاسن بشأن "مرسوم الأقدمية" الى اشتباك سياسي وفتحت المعركة في اتجاهات دستورية وميثاقية لتصبح معركة صلاحيات وأدوار وأحجام سياسية من جهة، ومعركة "حماية اتفاق الطائف" من جهة ثانية.
وفي حين يعلن بري أن الذي يطبق اليوم على اللبنانيين هو اللاطائف واللادستور، يجاريه جنبلاط في هذا الموقف محذرا من "تجويف الطائف" وتفريغه، ويرسل رجله للمهمات الخاصة النائب وائل ابو فاعور الى الرئيس بري للتضامن معه ورفع السقف السياسي للمعركة.
مصادر مواكبة لتطورات هذا الاشتباك السياسي الدستوري الذي أنتج اصطفافا سياسيا جديدا على أنقاض الاصطفاف السابق بين فريقي ٨ و١٤ آذار، تعتبر أن بري وجنبلاط حزما أمرهما لجهة خوض هذه المعركة ضد عون والحريري للتضييق على الأول والضغط على الثاني، وللحد من هيمنة هذه الثنائية على السلطة التنفيذية والتحكم بمفاصلها وقراراتها. وهذه المعركة المشتركة يخوضها الثنائي بري جنبلاط حسب أوساطهما من الخلفية السياسية التالية:
1 ـ يبدي الرئيس بري رفضا لطريقة الرئيس عون في إدارة الحكم ويعتبر أن عون "متسلط ولا يقبل المناقشة"، وأن الوزير جبران باسيل يورط رئيس الجمهورية من خلال مواقفه ويحاول أن يلعب دور "بشير الجميل" من خلال رفع شعارات المطالب المسيحية معتقدا أن هذا الأمر يعزز زعامته وحظوظه في الرئاسة، ولكنه في النهاية وبهذه الطريقة يعيد تحريض المسلمين سنة وشيعة ودروز على المسيحيين.
وهذا ما يدفع الرئيس بري الى "التشدد" ويدفع بالموقف الشيعي الى التوحد، حتى أن الرئيس حسين الحسيني هو الذي تصدى لهذا الموضوع (الموقع الشيعي في السلطة التنفيذية).
وهذا يعني أن هذا الموقع نوقش في الطائف وإن كان الاتفاق عليه لم يكن اتفاقا خطيا.
هذه مسألة حساسة بالنسبة الى الشيعة الذين حكموا بعد الطائف بقوة الوجود السوري قبل العام ٢٠٠٥، ويحكمون منذ ذلك العام وحتى الآن بقوة حزب الله وسلاحه.
ولكن الوجود السوري لم يدم والسلاح لا يدوم، وبالتالي فإن الشيعة يريدون ضمانات ويبحثون عن طريقة تؤمن شراكتهم الفعلية في الدولة لاحقا.
2 ـ جنبلاط التحق بجبهة بري، ليس فقط التزاما بتحالف مزمن يجمعهما، وإنما لأنه بدأ يشعر أنه متضرر من المعادلة الجديدة في الحكم، وأنه مستهدف ويواجه خطر التحجيم والتهميش.
هذا الشعور ولد منذ عام إبان معركة قانون الانتخابات الجديد والذي أثير على هامشه موضوع مجلس الشيوخ، حيث طالب الوزير باسيل بأن تكون رئاسته للروم الأرثوذكس، فيما جنبلاط يستند الى توافق غير مكتوب في الطائف للتأكيد أن رئاسة المجلس هي للدروز.
وبعد أزمة استقالة رئيس الحكومة التي كان من نتائجها توطد العلاقة بين الحريري وعون، لاحظ جنبلاط أن هناك قرارات تتخذ في مجلس الوزراء بالتفاهم بين الحريري وباسيل، ومراسيم توقع بطريقة "التهريب" ومراسيم لا توقع بطريقة "استنسابية".
وفي الأيام الأخيرة، تم الكشف عن إيقاف مراسيم تعيين أشخاص اجتازوا مجلس الخدمة المدنية وفازوا بوظائف في القطاع العام من غير أن تصدر مراسيم تعيينهم في وظائفهم.
وقد أوقفت هذه المراسيم بذريعة غياب "التوازن الطائفي" بين المسلمين والمسيحيين، في حين يقول جنبلاط إن التوازن الطائفي لا يشمل إلا وظائف الفئة الأولى.
كما صدر أخيرا مرسوم استحداث كليات جديدة في الجامعة اللبنانية للعلوم والزراعة في عكار وعلوم البحار في البترون، من دون توقيع الوزير المعني، أي وزير التربية مروان حمادة الذي كان من المفترض أن يوقعه ثم يحال الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
وما حصل أن الحريري طرح الموضوع من خارج جدول الأعمال وجرى البحث به وإقراره أثناء خروج الوزير حمادة من الجلسة الذي كان أعلن مسبقا أن حضوره يقتصر على هدف واحد هو معارضة تمديد المهل الانتخابية.
3 ـ يصوب بري وجنبلاط بشكل مباشر باتجاه الرئيس ميشال عون والوزير باسيل ولكنهما يصيبان أيضا وعن قصد الرئيس سعد الحريري ولا يعفيانه من مسؤولية التسبب بهذه المشكلة عندما وقع المرسوم، ومن مسؤولية إيجاد الحل لهذه المشكلة التي هو طرف فيها.
يعتبر الرئيس بري أن الخروج من المأزق هو مسؤولية الحريري أولا، ولا يكفي أن يجمد نشر المرسوم ويضعه جانبا حتى تنتهي المشكلة، وإنما عليه أن يبادر ويكمل ما بدأه قبل أيام.
(الأنباء الكويتية)