يتسابق اليوم في طرابلس الطامحون الى رئاسة المنطقة الاقتصادية خلفاً لوزيرة الداخلية ريّا الحسن، التي عكس عملها في رئاسة الهيئة الضوء على حرفية أدائها في الدبلوماسية الاقتصادية وتعاطيها مع المؤسسات الدولية. ويبدو أنّ مرجعيتها السياسية ارتأت الاستفادة من دبلوماسيتها وطاقاتها وتحويلهما الى الشأن السياسي والأمني، فائتَمنَتها على حقيبة الداخلية…
وفي وقت شكّك البعض من نجاح المهمة التي أُوكلت الى الحسن في طرابلس، أوضحت لـ”الجمهورية” أنّ “فترة تأسيس منطقة اقتصادية تستوجب ما بين خمس وعشر سنوات، لأنّ المنطقة عبارة عن إعادة بناء بلد صغير، له أنظمته وحكومته وهيئة تديره، وبنىً تحتية تستوجب بأكملها علاقات مع الإدارات الرسمية ومختلف المناطق الاقتصادية والمؤسسات الدولية في العالم. لكن وللأسف يعتقد المواطن أنّ بناء المنطقة الإقتصادية يلزمه فقط بنىً تحتية ويبدأ العمل، وهو ليس الواقع”.
وردّاً على الذين شككوا في نجاحها في المهمّة الطرابلسية، توضح وزيرة الداخلية أنّ أهم ما حققته مع فريق عملها خلال الثلاث سنوات ونصف “اننا وضعنا هذه المنطقة على الخارطة داخلياً وخارجيّاً، وفهم الجميع أهميتها بالنسبة الى طرابلس ولبنان، فحصلنا على الكثير من التمويل ومن المساعدات التقنية وغيرها من المساعدات التي تؤدّي أبعادها التنموية إلى تحقيق مبتغانا”.
وتكشف الحسن لـ”الجمهورية” أنها “حين باشرت العمل لم يؤمِن أحد بالمنطقة الاقتصادية، في وقت تعتبر اليوم أهم مشروع تنموي في شمال لبنان”، لا بل وفق تعبيرها “في وقت من الأوقات، في لبنان كافة، لأنهم فَطنوا الى أهمية المنطقة الاقتصادية الاستراتيجية ليس لطرابلس فقط بل لكل لبنان، خصوصاً اذا أدركنا مدى الدور القادرة على تأديته في إعادة الإعمار في سوريا أو من ضمن موقعها الاستراتيجي في إطار سياسة طريق الحرير الصينية”.
وعن أهم المستثمرين الجديّين الذين قصدوا المنطقة وعاينوا الأرضية تقول الحسن: “أهمهم الصينيون، وقد قدموا الى لبنان مع وفود رفيعة المستوى لأكثر من 10 مرات للاستطلاع، فقصدوا المنطقة الاقتصادية والمرفأ وسكة الحديد والمطار… وهو الأمر الذي تُرجم من خلال الدعم الذي حصلنا عليه من المؤسسات الدولية، وكان من المفروض أن يترجم من خلال مستثمرين دوليين لإتمام العقود لتطوير هذه المنطقة الاقتصادية وإدارتها”.
كما تكشف الحسن انّه قد تم تخصيص مبلغ 70 مليون دولار من البنك الدولي للمنطقة، وعرفت لاحقاً أنّ هناك مشكلاً عليه… لافتة الى انّه إذا تمّ إزالة المشكل والحصول على المبلغ المذكور، نكون قد أمّنّا التمويل اللازم لتطلق أعمال المنطقة الاقتصادية الحرة في طرابلس.
اليوم، وفي ظل التحليلات الانتخابية الخاصة بفرعية طرابلس التي ستنطلق غداً، صحيح أنّ العيون شاخصة على من سينتزع المقعد السنّي الخامس في المدينة لكنها شاخصة أيضاً على من سيتربّع على رئاسة الهيئة الاقتصادية، خصوصاً أنّ كثيرين موعودون بالمنصب لاسيّما المرشحين المنسحبين من المعركة الفرعية بمونةٍ من رئيس التيّار الأزرق سعد الحريري وبسَعي من «الحلفاء» ومن «المحبّين»، علماً أنّ المنصب في المرحلة الحالية يعتبره العارفون من أهم المراكز في المنطقة في ظل انطلاق ورشة إعادة الإعمار في سوريا، ويثمّنه البعض أكثر أهمّية من المقعد النيابي السني الخامس الذي يتنافس عليه المرشّحون في المدينة…
بحسب أوساط متابعة لشؤون المدينة فإنّ بعض المنسحبين، وغيرهم من غير المرشحين، وعدوا بهذا المنصب لقاء انسحابهم من فرعية طرابلس، لاسيّما أولئك الملمّين في الشؤون الاقتصادية.
لكنّ سؤالنا المباشر لوزيرة الداخلية الرئيسة السابقة لهيئة المنطقة الاقتصادية، يحسم الجدل والتساؤل والاسم قبل يوم واحد على قيام المعركة الانتخابية في مدينة الفيحاء، إذ تكشف الحسن لـ«الجمهورية» عند السؤال عمّن ترشّح لرئاسة المنطقة من بعدها، فتقول: «مستشاري السابق حسان ضنّاوي». موضحة: «بقرار من مجلس الوزراء، تم تفويض رئيس الحكومة سعد الحريري الذي بدوره فوّض الدكتور حسان ضنّاوي مستشاري السابق لرئاسة المنطقة، وهو كان من ضمن الأسماء المطروحة للمنصب، ومُستحِق».