الخبر الدقيق.. فن ووعي وأخلاق

الخبر الدقيق.. فن ووعي وأخلاق
الخبر الدقيق.. فن ووعي وأخلاق

كتب المفكر والإعلامي والديبلوماسي الراحل واجد دوماني في العديد من الصحف والمجلات، وأغنى صفحاتها بما كتب عن الفكر والأدب والثقافة والإعلام والسياسة والصحة والإنسان وشؤون الحياة، بأسلوب يعتمد العمق والبساطة والسلاسة والأناقة في آن، وينبع من غنى الثقافة وغزارة الإطلاع وعمق التجارب.

بعض مقالاته يعود إلى الستينيات، ومع ذلك فإن القارىء يتفاعل معها وكأنها كتبت اليوم، ولقد اختار"لبنان 24" إعادة نشر هذا المقال، وعنوانه: "الخبر الدقيق، فن ووعي وأخلاق".

الخبر الدقيق.. فن ووعي وأخلاق

ليس من السهولة التعامل مع الخبر بشكل سليم ودقيق ووعي وأخلاق، أكان ذلك على صعيد الشخص، أو على مستوى وكالات الأخبار... فإن وسائل الإعلام كثيراً ما تقع في مطب نقل الأخبار بشكل غير دقيق. وقديماً قيل "آفة الأخبار رواتها"... فالخبر كالعجينة، والخباز هو المسؤول عن خبز الخبز، وطريقة عرضه، وإخراجه إخراجاً نظيفاً خالياً من كل الطفيليات... بحيث يكون قابلاً للمضغ، وسهلاً للهضم...

إن نجاح بعض وكالات الأخبار في الاستحواذ على ثقة القارئ إنما يعود إلى حرص الوكالة الناجحة، على اصطياد الخبر الجيد، ثم صياغته، وعرضه بدقة دون رتوش أو ألوان، أو إثارة أو استثارة..

وينسحب هذا الأمر على الصحف المقروءة والمتميزة عن غيرها وعلى غيرها.. التي تحرص على التعامل مع الخبر بأخلاقية دمثة، وتحاول أن تلتزم الحياد، وتحذر من الإثارة وتجسيم الخبر، أو المبالغة فيه..

فوكالة الأنباء الناجحة تتعامل مع الخبر التالي مثلاً: "رجل أطلق النار على أحد الأشخاص" تقول الوكالة الواعية والحريصة على صياغة الخبر بشكل جيد: "أطلق مسلح النار على شخص فأرداه قتيلاً".. أما الوكالة الأخرى التي تعتمد الإثارة في صياغتها للأخبار فتنقل الخبر بالشكل التالي: "أطلق مجرم أو إرهابـي النار على فلان فأرداه قتيلاً" ونلاحظ الفارق بين صياغة الخبرين بالنسبة لكل وكالة.

الوكالة التي تحرص على دقة الخبر والموضوعية لم تضف شيئاً زائداً على "مطلق النار" لأنها لم تكن متأكدة بأن مطلق النار أكان إرهابياً أم مجرماً...؟؟ فهذا من شأن التحقيق القضائي... الذي وجده له حق التقرير في مواصفات مطلق النار... فالحرص على أن يكون الإنسان موضوعياً في نقل الأخبار، ومدركاً في كيفية قبولها، وأسلوب عرضها ليس بالأمر السهل، فالطبيعة البشرية تميل إلى الزوغان، وتجنح إلى السوء، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (صدق الله العظيم).

ويا وكالات الأنباء، وأجهزة الإعلام ورواة الأخبار في العالم...

احذروا النبأ الفاسق..؟!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟