يتأكد يوماً بعد يوم ان الحملات التي تشن على وزير الصحة غسان حاصباني مبرمجة. آخر هذه الحملات على محور الدواء في مقارنة خاطئة بين ارقام قيل انها لمناقصة الادوية التي تشتريها وزارة الدفاع وبين اسعار الادوية للعموم التي تنشرها وزارة الصحة العامة على موقعها.
فقد رفع وزير الدفاع يعقوب الصراف كتاباً الى رئاسة مجلس الوزراء حمل الرقم 24/غ ع/و يعلن فيه انه استحصل على “اسعار الادوية المخفضة من قبل وزارة الصحة العامة”، وان مقارنة بين تلزيمه الادوية لصالح الطبابة العسكرية وسعر الادوية الملزمة من قبل وزارة الصحة تبين وجود فارق تعدى نسبة 40%، وطالب تكليفه اجراء تلزيم الادوية لكافة الوزارات لاسيما الصحة والداخلية والبلديات والمؤسسات العامة والصناديق وذلك لتحقيق وفر على الخزينة.
وكر شريط الاحداث المرتبطة بالحملة: رفع الصراف الكتاب الى مجلس الوزراء. كشف عنه بعد ايام. سارع زميله وزير العدل سليم جريصاتي الى تحويل الموضوع الى النيابة العامة لفتح تحقيق. ودعم وزير مكافحة الفساد نقولا تويني زميليه وخلط الموضوع بملف آخر متعلق بتسعير الادوية. انضم الى السرب زميلهم الدكتور ماريو عون وطالب بتحقيق في لجنة الصحة النيابية. وزارة الخارجية دخلت على الخط بالتعاون مع تويني حيث عممت على البعثات الديبلوماسية اللبنانية في الخارج مذكرة للاستحصال على قوائم بأسعار الأدوية وأنواعها من بلد المنشأ.
في المقابل اكدت مصادر في وزارة الصحة ان :”كل هذا، والمقاربة خاطئة. فالمقارنة لا تجوز بين “سعر الجملة” وسعر المفرق”، ويتم “تسخير” طاقات وهدر اوقات العاملين في وزارات الدفاع والعدل ومكافحة الفساد والخارجية في ملف مكانه الطبيعي “لجنة التنسيق والتعاون بين الهيئات الضامنة العامة” التي تم انشاؤها بمرسوم حمل رقم 980 صادر في 24 تشرين الثاني 2007 ونظم عملها”.
وهذه اللجنة عقدت اول اجتماع لها بعد 10 سنوات على صدور المرسوم حيث أقدم الوزير حاصباني على احيائها وتفعيلها. واضافت: “نصت المادة الثانية – الفقرة 4 – البند ج من المرسوم المخصصة لأهداف اللجنة بوضوح: ” اعتماد مركزية موحدة لتأمين مشتريات الصناديق العامة ومؤسساتها من الادوية واللوازم الطبية”. وكذلك البند ح – اعتماد سياسة دوائية واضحة ومحددة وموحدة بين الصناديق في مجالات الاستشفاء وخارجه. أصدر حاصباني قرارا حمل رقم 1197/1 تاريخ 28/6/2017 المتعلق بتشكيل لجنة لوضع اسس لشراء وتغطية الأدوية من قبل الجهات الضامنة مهمتها استعراض جميع الآليات المفيدة في سبيل توحيد اسس شراء الدواء من قبل الجهات الضامنة الرسمية بغية تخفيض كلفتها”.
وتابعت: “خلال ترؤس حاصباني اجتماعات اللجنة دعا الجهات الضامنة كافة الى تنفيذ هذه البنود والتقدم بلوائح اسعارها من اجل العمل على آلية مشتركة لشراء الادوية بأقل كلفة، الا ان الطبابة العسكرية في الجيش تمنعت عن سرية الامر بالنسبة الى وزارة الدفاع. وهنا السؤال لوزير الدفاع لماذا لا يكشف عن هذه الاسعار لمعرفة من يشتري الادوية بسعر أرخص؟!”. مع العلم ان ديوان المحاسبة في وزارة المال يطلع على كافة عروض الاسعار لدى الجهات الضامنة، ويوافق على الادنى منها”.
وتابعت المصادر ان “الجواب اتى حرفياً على لسان الصراف حيث قال: ” لديّ أسبابي لعدم اطلاعه على السعر الذي اشتري به، حتى لا يستعمل هذا الأمر لتهديد الوكيل”.
وقد حصلت “النهار” على كتاب وزير الصحة غسان حاصباني الموجه الى رئاسة مجلس الوزراء رداً على كتاب الوزير الصراف، وأبرز ما جاء فيه: إن طلب وزير الدفاع تكليفه إجراء تلزيم الأدوية والمستحضرات الطبية بدلاً من وزارة الصحة العامة مخالف للمرسوم رقم 2866 الصادر بتاريخ 16/12/1959 (نظام المناقصات) لا سيما المادة الأولى التي أخضعت لأحكامه جميع إدارات الدولة باستثناء وزارة الدفاع الوطني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام التي تجري المناقصات ضمن دوائرها ووفق أنظمة خاصة بها. بينما تجري وزارة الصحة العامة المناقصات من خلال إدارة المناقصات في التفتيش المركزي.
في الايام القليلة المقبلة، ستنتهي مفاعيل هذه الحملة وسيقول القضاء كلمته. ولكن الحملات قد لا تنتهي.