يتحضّر الحبر الأعظم البابا فرنسيس لزيارة أبو ظبي ما بين 3 و5 شباط القادم، للمشاركة في حوار عالمي بين الأديان حول “الأخوّة الإنسانية”، وهي الزيارة الأولى لحبر أعظم الى شبه الجزيرة العربية، وتسبق بأسابيع زيارة البابا المغرب.
وبما أن الزيارات البابوية تكون دائماً رسولية، ولا مجال لاستخدامها في “إضاعة الوقت” بأي توظيف سياسي، يُتوقّع أن تزخر الزيارة البابوية الأولى الى الجزيرة العربية بملفات عدّة على هامش “الحوار العالمي”، ولا سيّما منها أوضاع المسيحيين العرب والأجانب العاملين في الإمارات ودول الخليج العربي عموماً، بالإضافة الى بحث ملفات إقليمية متعدّدة ولا سيّما الأزمة السورية من ناحية ضرورة تكثيف الجهود المشتركة بين الجميع لإنهاء الحرب وإعادة النازحين الى بلدهم، وهي نقطة يشدّد عليها البابا فرنسيس بشكل تصاعُدي ومكثّف، منذ نحو شهرين، في شكل إضافي عن المراحل السابقة.
ولا يُمكن للبنان إلا أن يكون له حصّة طبعاً في أي محادثات بابوية، ولا سيّما تلك التي تُقام مع زعماء في الشرق الأوسط، بالإضافة الى الملف الفلسطيني ومسار عملية السلام في الأراضي المقدّسة، فضلاً عن تعزيز الحوار بين الأديان في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد رسم الخرائط النهائية، وبدء المسارات السياسية كوضع نهائي.
وإذا كانت الزيارة البابوية مهمّة للإمارات، إلا أنها مهمّة أيضاً للسعودية ولدول الخليج العربي عموماً، من خلال الإمارات، لِكَوْنها تبرهن أنها تسير مساراً انفتاحياً على العالم على أكثر من صعيد.
وأشارت مصادر كنسية رفيعة المستوى الى أن “من الطبيعي أن يكون البطريرك مار بشارة بطرس الراعي حاضراً في الإمارات خلال زيارة قداسة البابا، وسيكون هناك بالمبدأ. ولكن لا تحضيرات مباشرة في بكركي، لأن الفاتيكان يقوم بكلّ شيء في تلك الحالة، مع الكنائس المحلية. أما تحضيرات بكركي، فهي تقتصر على أمور أخرى، كبعض الملفات مثلاً التي سيأخذها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي معه، والتي تتعلّق بالمنطقة”.
وأكدت المصادر أن “لبنان يتعرّض لتأثيرات على أوضاعه الداخلية وعلى علاقاته الخارجية من جراء ما يحصل في المنطقة. ومن هذا الباب، سيكون لبنان حاضراً في المحادثات والحوارات التي ستحصل، ولا سيما ما يتعلّق منها بملفي النازحين السوريين واللّاجئين الفلسطينيين. ولا يُمكن مناقشة تلك الملفات من دون حجز حصّة أساسية ومهمّة للبنان فيهما”.
وأضافت أن “لبنان متقدّم جداً في مسألة الحوار، والدور الذي يمكن أن يلعبه في هذا الإطار لا يُمكن لأي بلد آخر في المنطقة أن يلعبه. فلبنان لديه وضعه الخاص، وهو البلد الوحيد في المنطقة الذي لا دين للدولة فيه، ويُحفَظ فيه التساوي في المواطنة والمساواة بين الأديان، وهو ما يمكّنه من تقديم الكثير على صعيد الحوار بين الأديان”.
وعن ضرورة أن تكون أوضاع المسيحيين العرب والأجانب العاملين في الإمارات والخليج، ورقة اساسية في محادثات الزيارة، قالت المصادر: “لا شكّ أن قداسة البابا يأتي الى الإمارات لزيارتهم هم أولاً. فهُم سيكونون المحور، ولكنهم يعيشون في محيط معيّن وضمن أجواء معينة، وتلك الأجواء ستتحكّم بالمحادثات، ولا سيّما في ما يتعلّق بملفات العنف والإرهاب والحروب في المنطقة. وهي أمور لا بدّ من أن تكون حاضرة في الزيارة، ولو في شكل غير مباشر”.
ورداً على سؤال حول أهمية تعزيز الحوار بين أتباع مختلف الديانات في المنطقة في مرحلة ما قبل التوصل الى الأوضاع السياسية النهائية والجديدة في الشرق الأوسط، أجابت المصادر بأن “هذا أمر ضروري دائماً”. وختمت أن “الحلول تأتي عبر الحوار واحترام الآخر، بالإضافة الى احترام التعددية وحقوق الإنسان والمواطنة وقبول التنوع في المنطقة”.