شدّد مرجع ديبلوماسي رفيع المستوى على أن “الناخب اللبناني انتخب نواباً لا وزراء، على أمل أن يراقبوا ويحاسبوا الحكومة، بحسب الدستور. ولكن إذا أراد النواب أن يصبحوا وزراء، فهذا يعني وجود ضعف في المجلس النيابي وخوف من أن لا تحظى حكومة تمّ تشكيلها من شخصيات غير نيابية على الثقة، وهذا ما يجعل من عملية تشكيل الحكومة حفلة توزيع جبنة. ولكن نشير الى أن تبعاً لقصص الأطفال، لم يتمكّن السعادين أنفسهم من أن يكونوا عادلين في تقاسم الجبنة”.
وأكد في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أنه “خلال الصعوبات، وعند المآزق، لا يُنظر الى عمليات انتخابية، بل الى وجود فريق عمل يستطيع أن ينقذ البلد من محنته. وكما يبدو، فإن 30 شخصاً (وزيراً) لا يشكلون فريق عمل ولا يمكنهم أن يشكلوا فريق العمل المطلوب، وخصوصاً في ظلّ حفلة تقاسم الحصص والوزارات”.
وشرح المرجع بأن “حسنات تشكيل حكومة من 14 أو 18 وزيراً تكمُن في أن هؤلاء يُمكنهم أن يشكلوا فريق عمل. وهذا الأمر سيؤدي أيضاً الى حلّ مشاكل كثيرة، منها مثلاً العقدة الدرزية (لو كانت لا تزال موجودة)، فيحصل الدروز على وزير واحد، أي حصة واحدة تعطى لرئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، ولا توجد بسبب ذلك عقدة درزية وجدالات حول تمثيل هذه الجهة أو تلك”.
وأضاف: “البعض يقول إن العهد يفتّش عن الثلث المعطل، ورغم أن أسباب ذلك لا تزال مجهولة ما دام فريق العهد الرئاسي هو الحكم، إلا أن حكومة من 14 وزيراً تُعطي هذا الفريق 5 وزراء، وهو ما يشكّل الثلث المعطّل المطلوب له”.
وتابع: “الأهمّ من كل هذا، أن تشكيل حكومة من 14 وزيراً يؤمّن فريق عمل يخرج من ديماغوجية الانتخابات، وإلا سيكون البديل هو العودة الى نتائج تلك الإنتخابات لتشكيل الحكومة، والى المشاكل. فنحو 80 في المئة من الإنتخابات ونتائجها كانت عبارة عن مزاد علني، وإذا استمرّ الحال على ما هو عليه حالياً، تصبح الأمور عندئذ وكأنه يتمّ عرض الوزارات في مزاد علني، ويحصل على هذه الحقيبة أو تلك أو على هذه الحصة أو تلك الذي يدفع أكثر، إذ لا مبادىء ولا قيَم في كلّ ما يحصل”.
ولفت المرجع الى أن “كل حكام لبنان الذين تعاقبوا على الحكم منذ عام 1920، وصولاً الى اليوم، لم يستطيعوا خَلق مواطنية ومواطن لبناني. ومن يعتبر نفسه مواطناً، يعبّر فوراً عن أنه ينتمي الى الطائفة هذه أو تلك، فيما الإعتبارات القانونية في الدولة يتمّ التعاطي معها على طريقة الفاخوري ودينة الجرّة. المسؤولون يتلذّذون بالتربّع على العروش، وهذا مؤسف، في حين أن شعبنا لا يراقب ولا يحاسب ولا يعاتب ولا يعاقب”.
وختم المرجع: “لبنان بمأزق حقيقي والخروج منه شبه مستحيل، إلا بأعجوبتَيْن، إحداهما أن يتدخّل القديس شربل من أجل لبنان، والأخرى أن تأتي دولة خارجية وتبدأ بحفر آبار النفط رغماً عن إرادة المسؤولين المتسلّطين في لبنان، الذين بتقاسمهم الجبنة يشكّلون هم عقبة أمام ذلك في شكل يفوق أي عقبة إسرائيلية، مع الأسف”.